يقول الشاعر العربى الكبير عبدالرحمن الأبنودى، فى ديوانه الشهير موت على الأسفلت «والرسمة ما فيهاش سما وبيوت/ لكن لها صوت».. منذ أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى وجوده واحتلاله للأرض الفلسطينية وإعلان دولته التعيسة، لم نعدم وجود الأنقياء الذين وقفوا بجانب الفلسطينيين من جميع أنحاء العالم، يدافعون عنهم وعن قضيتهم، منهم كتاب ومفكرون وفنانون وناشطون، ولعلنا جميعا نذكر العظيمة راشيل كورى والكاتب البرتغالى العظيم ساراماجو والشاعر الألمانى جونتر جراس والفنان البريطانى المجهول بانكسى وغيرهم الكثير.
وفى الفترة الأخيرة كان الفلسطينيون على موعد مع «أيقونة» جديدة للمناضلة، هى عهد التميمى، ذات الـ 17 عاما، والتى شوهت وجه الاحتلال منذ ألقى القبض عليها منذ نحو 8 أشهر، المهم أننى لن أتحدث اليوم عن عهد، لأنها تستحق كتابة منفصلة، لكننى أريد أن أتحدث عن الفنانين الإيطاليين الذى دافعوا عنها ودفعوا ثمن ذلك.
فى نهاية الأسبوع الماضى انتشرت صور لجدارية كبيرة لعهد التميمى مرسومة على الجدار العازل، وانتشرت على المواقع الإخبارية ما يفيد بأن عددا من الفنانين الإيطاليين جاءوا خصيصا كى يرسموا هذا الجدارية، وأنهم يعملون بجهد كى ينتهوا منها قبل الإفراج عن عهد التميمى، لكن ما الذى حدث؟
انتشر، السبت الماضى، قبل ساعات من الإفراج عن «عهد» فيديو مؤلم لجيش الاحتلال الإسرائيلى وهو يعتقل الفنانين الإيطاليين، ويصادر جميع مستلزماتهم قبل أن يضعوا اللمسات الأخيرة لجدارية عهد التميمى، والفيديو لمن لم يشاهده «مؤلم»، ففيه فنانة تبكى بشكل صعب، وإن لم تفقد شجاعتها أبدا وظلت تسب الجنود الأجلاف الذين يخشون الصورة، ويخشون أن يتفرس الناس فى وجه عهد المرسوم فى الجدارية فيخرج منها آلاف المناضلين يشبهونها فى قوتها وثباتها.
المهم، وحسب الفيديو، فإن الفنانة بعدما تم القبض على زملائها جلست على جانب الطريق، ووضعت رأسها بين ساقيها فى حالة من اليأس، بينما بدأت السيارات التى كانت متوقفة فى العودة إلى سيرها العادى، محملة بالحزن لكنها لم تتوقف لتواسى هذه التى تركت بلادها من أجل نصرة القضية.
لا أعرف على وجه التحديد ما الذى علينا فعله، لكننى أعتقد أن موقف «الصامت» أو «المتابع» لا يليق بنا فى هذا الأمر، بل على الأفراد والمؤسسات أن يعلنوا غضبهم وتضامنهم مع الفنانين الإيطاليين، حتى ولو عن طريق الفضح والتشهير.
القضية الفلسطينية لها أصدقاؤها وعلينا أن نتنبه إليهم، وإلى كل من يقف بجانبنا برسمة أو بكلمة، وأن نحميه كما نحاول أن نحمى أنفسنا، لأن هذه هى إحدى سبل النصر.