حقبة جديدة تتجه إليها الولايات المتحدة وحلفاؤها التقليديون من الدول الأوروبية وكندا، غير أنها تتسم بالانقلاب على عقود من التحالف والعمل المشترك على جميع الأصعدة. إذ كان صعود الملياردير العجوز دونالد ترامب للرئاسة قبل أكثر من عام نذير شؤم لتلك العلاقة التى شكلت قوى عالمية فى مواجهة الروس.
منذ وصوله إلى منصبه كرئيس للولايات المتحدة، يطلق ترامب تصريحات استفزازية ويقوم بممارسات تثير غضب حلفائه، وكان هجومه على حلف شمال الأطلسى "الناتو" واحدا من أكثر هذه التعليقات إثارة عندما وصفه فى مارس 2016 ثم كرر فى يناير 2017 قبيل تنصيبه بأيام، بالمنظمة التى عفا عليها الزمن لأنه لا يقوم بدورا فى مكافحة الإرهاب.
ولم يقف ترامب عند هذا الحدد، بل ذهب إلى القول بأن أعضاء كثيرين فى حلف الأطلسى لا يدفعون نصيبهم العادل فى ميزانية الدفاع الخاصة بالحلف وهو ما أصبح مثار خلاف مستمر بين ترامب وحلفائه فى الناتو ولاسيما ألمانيا. وبينما يذهب الحلفاء للقاء فى قمة الناتو السنوية، الأسبوع المقبل، فإن الرئيس الأمريكى يواصل ضغوطه فى الصدد، حيث كشفت الصحافة الأمريكية عن أنه بعث خطابات شديدة اللهجة إلى أربعة من قادة دول الناتو وهم ألمانيا وبلجيكا وكندا والنرويج ينتقد مساهمتهم الضئيلة، حسب وصفه، فى الميزانية.
هذه الخطابات، التى أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إلى أنها حملت لهجة شديدة تمثل أحدث علامة على العداء الذى يصر ترامب على إظهاره تجاه حلفاء الولايات المتحدة، مما يثير احتمال بمواجهة أخرى بعد التوتر الذى احدثه خلال قمة السبع فى كندا الشهر الماضى عندما شن هجوما لاذعا على رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو بسبب الخلاف حول التجارة، انتهى بإعلان انسحاب الولايات المتحدة من البيان الختامى للقمة بعد ساعات من مغادرته الاجتماعات.
وهناك بالفعل قلق داخل الناتو بشأن تصرفات الرئيس الأمريكى، فبحسب مجلة فورين بوليسى الأمريكية، هناك مخاوف أن يفسد ترامب القمة بتغريدة واحدة مثلما فعل عقب اجتماع قمة الدول السبع. لكنه سارع بهذا من خلال تلك الخطابات التى بعثها لقادة ألمانيا وبلجيكا وكندا والنرويج يقول أن الأمريكيين تعبوا من تمويل الدفاع لأوروبا ويريدون أن يروا أعضاء أخرين فى الناتو يتحملون المزيد من الحمل.
بحسب مسئولون فإن النسخة التى بعثها ترامب لألمانيا ضمت لغة قاسية للغاية. وعلى الرغم أنه ليس من عادة الإدارات الأمريكية أن تدفع حلفاءها إلى تقاسم الأعباء بهذه الطريقة، لكن نغمة وتوقيت الخطابات، أبرزت هشاشة اللقاءات الدولية فى عصر ترامب. وترى فورين بوليسى أن القمة المقبلة، التى تبدأ فى 11 يوليو بمشاركة زعماء دول الناتو، ربما تفشل بسبب سلوك الرئيس الأمريكى الذى لا يمكن التنبؤ به. وقال دبلوماسى أوروبى، فضل عدم ذكر أسمه "نحن جميعا خائفون".
مما يزيد القلق الأوروبى، تلك القمة المرتقبة بين ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين فى هلنسكى، عاصمة فنلندا، عقب انتهاء لقاء الناتو، خاصة إذا وقعت انقسامات خلال قمة الحلفاء وهو ما يمكن أن يشكل فرصة يتلاعب بها بوتين. وقالت جولى سميث، الخبيرة فى الأمن عبر المحيط الأطلسى لدى مركز الأمن الأمريكى الجديد: "يشعر الحلفاء بالقلق من أن يصرف ترامب فى مديح بوتين.. فى الوقت الذى ينتقد فيه الحلفاء بشدة لعدم قيامهم بما يكفى بشأن الإنفاق على الدفاع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة