ربما يشعر جميعنا أو أغلبنا ببعض ضيق مما تمر به البلاد من ظروف تتطلب الكثير من العمل والكثير من التعديلات والكثير من الإصلاحات والكثير من التضحيات، ولكن لا يمكن لأحد أن يلوم الرئيس عبد الفتاح السيسي على ما قام به من أعمال فى شتى المجالات. ولا يمكن لأحد أن يلوم الرئيس على ما يقوم به من أعمال من أجل الوطن ومن أجل الشعب ومن أجل الحاضر ومن أجل الغد ومن أجل أجيال الغد.
والأسباب معروفة للجميع.
فقد مضت عقود طويلة لم يتم فيها ما كان يفترض أن يتم، وإن تمت بعض الإنجازات فى كل وقت. ولكل وقت ظروفه وما له وما عليه. وقد أقبل الرئيس على حزمة كبيرة من الأعمال الهامة التى ولا شك ستحسب له فى تاريخ مصر وفى ضميرها الأبدى، اذا كنا نحتكم إلى المنطق والى العدل والى تطلعات مصر الكبيرة ذات المكانة وذات الموقع وذات الأهمية والتى يتشدق بقيمتها صغيرنا وكبيرنا ويفتخر بها دون تردد. ولكل شىء ثمن، كما نعرف جميعا. وما لا ينجز اليوم بسعر اليوم، قد نضطر إلى انجازه غدا أو بعد غد بأسعار لا نقدر عليها وبأسعار أكثر ارهاقا وتكلفة اقتصاديا وسياسيا. فليست التكلفة اقتصادية أو مالية فقط. وإذا كان قائد اليوم يحظى بقبول عالمى وبمساندة دولية وبتفهم وبتقدير على مستوى العالم، ويستطيع أن يطلب فيجاب إلى طلبه، ويستطيع أن يشترى فيقبل عرضه للشراء، ويقدر على المساومة بشأن مطلب ما لمصر فينجح فى مساومته ويصل إلى هدفه وماربه، فكل تلك عوامل نجاح خاصة وشخصية وتقترن بشخص الرئيس وقد لا تتوفر لغيره، وان ظلت مصر عظيمة طوال الوقت. والقيادة مدارس، فمن يقبل على العمل الكثيف اليوم قد لا يتواجد غدا، وقد لا يتوفر لمصر غدا من يقبل على العمل الكثيف المتلاحق الوتيرة المرهق للعقل وللبدن. فإذا توفر لمصر قائد يعمل بهمة وبإخلاص اليوم، فنحن فى نعمة وفى خير نقدره ونشكر الله عليه، ونصلى لأجل أن يوفقنا الله إلى الصبر والى العمل والى التفهم والى تقدير كل حسنة لدينا، حتى نعيش مقبل عصورنا فى تقدم وفى رخاء وفى سلام.
الكل فى مصر يعلم جيدا ما يبذله الرئيس السيسي من جهد جهيد، ويعلم أن ما يتم اليوم قد لا يمكن أن يؤجل إلى الغد لأسباب كثيرة، وان لم يتوفر للجميع الإحاطة بها مجتمعة. والكثير يتوجعون من آلام الإصلاح الكثيرة، وقد يشكون تعبهم ووجيعتهم – وهم محقون فى ألمهم – فلا ينكر عليهم أحد ذلك، ولا يوجد إصلاح مفيد بلا ألم ولا يوجد عمل جيد بلا ثمن. والبعض – فى الحقيقة – يعيش فى بحبوحة وفى يسر وقد بارك الله له فيما رزق، ولكنه يحب أن يشارك فى موجة الشكوى من باب خزى العين أو من باب المشاركة والسلام. ومن الطرائف أن أحدا حكى لى عن جار طيب له فى الحى الذى يسكن فيه، وكيف أن الجار يعمل فى شركة من شركات البترول ويشترى سيارة جديدة كل سنة – ما شاء الله – ثم هو يقود سيارته الجديدة من أمام العمارة التى يسكن فيها إلى مقهى صغير يبعد مائتى متر فى نفس الشارع، ليجلس على المقهى إلى أصدقائه ويشكو من ارتفاع سعر البنزين وسط دهشة أصدقائه المفروسين من شكوته وإصراره على تكرارها، وشر البلية ما يضحك.
البعض فى مصر يحب الضوضاء ويفضل الصوت العالى ويحب المزايدة والسلام دون هدف إلا المزاحمة والجدل الممجوج وليس المأنوس. وربما وفرت الشكوى بعض من الأجواء الملائمة لمحبى المزايدة والصوت العالى، ولكنهم يعلمون جيدا أنهم على غير حق، ويعلمون أنهم يزايدون والسلام لأنهم يحبون ذلك ويجدون أنفسهم فى المزايدة.
البعض يحب الظهور أكثر من أى شىء - وهى طبيعة فى البشر أيضا – وقد توفر له الشكوى مجالا للتنفيس عن نفسه وتحقيق بعض من حبه للظهور، ولو وسط المشتكين المستائين الطالبين للعون والغوث والمساعدة، وما هو بحاجة إلى عون ولا إلى غوث ولا يعنيه أصحاب الشكوى ولا يعنيه شىء أكثر من ظهوره أو ظهور اسمه هنا أو هناك.
إن لنا الحق فى الشكوى، لأننا بشر بالطبع، ولكن لأنفسنا الحق – قبل ذلك – فى تقدير كل ما يقدم الينا من جهود حثيثة يبذلها الرئيس السيسي. ولا ينبغى لنا أن نبخس أنفسنا حقها فى الاعتراف بما هو طيب وثمين، وخاصة فى أوقات حساسة وهامة كوقتنا هذا فى مصر. ولا ينبغى لأنفسنا أن تشكوى كل وقت ولا أن تبالغ فى الشكوى بما يتيح لأعداء الوطن محاولة طعن البلاد والتأثير على مسيرتها.
إذا كنا نتألم من إصلاح، فنحن نقدر للرئيس السيسي شجاعته ووطنيته وإقدامه على كل عمل كبير ومرهق وهام للوطن ونسانده بكل فكر وبكل قلب، ولا نظن لحظة – وإن اشتكينا ألما – إلا فى صدق تقديره وبعد بصيرته وعظيم همته. حفظ الله مصر دولة مدنية تتساوى فيها الحقوق والواجبات، وحفظ رئيسها ووفقه إلى الخير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة