مرة أخرى تلعب الصورة دورا فى حياة العائلة المالكة البريطانية، وآخرها صورة الحذاء المخروم للأمير هارى التى التقطها مصور أثناء اتجاه الأمير لحفل زفاف صديق طفولته التى أثارت موجات من السخرية والتعاطف والانتقاد، بل إنها فتحت نقاشا عن حجم ومصدر مصروفات ميجان ماركل زوجة هارى ومدى البذخ فى إنفاقها على ملابسها، بينما يظهر الأمير بحذاء مثقوب.
هارى هو ثانى أبناء تشارلز وديانا، المواطنة التى أصبحت أميرة وشغلت العالم بصورها وحياتها، ثم ماتت فى مأساة وسط مطاردة الصور، ولهذا فإن علاقة الأمير هارى مع الصحافة ليست جيدة ولم تخل من صدام، فقد أدمن الكحول فى فترة ونشرت الصحف صورا له وهو ثمل وبعدها سبق واشتبك هارى مع مصور صحفى أمام حانة، وعلى أثر المشاجرة مع المصور، أجبره والده الأمير تشارلز على العلاج فى مصحة من إدمان الكحول، وبقى هارى مثل أعضاء العائلة الملكة تحت رقابة المصورين تماما مثلما كان تشارلز وديانا، كانت الصور هى التى كشفت علاقة تشارلز مع كاميلا باركر زوجته الحالية بعد الانفصال من ديانا، وأيضا التقطت الكاميرات صورا كشفت علاقة ديانا مع عماد الفايد التى انتهت بمأساة مقتلهما.
صور الأمير هارى وشقيقه تفرض نفسها ومعها كل صور وتحركات العائلة المالكة، مثلما كانت صور والدته الأميرة ديانا تفرض نفسها حتى قبل ثورة الإنترنت، وهذا الاتساع المذهل فى عالم التصوير والنشر والتطور المذهل فى الكاميرات وأدوات وتكنولوجيا التصوير.
قبل 25 عاما احتلت صور الأميرة صفحات الصحف وشاشات التليفزيون، وكانت تصطحب معها مصورين وهى تتحرك وتفتتح مشروعات خيرية واشتهرت كداعمة للأعمال الخيرية، خاصة الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، ورئيسة لمستشفى للأطفال وعشرات من الأعمال الخيرية الأخرى، وكانت تسافر فى العالم وتلتقى شخصيات سياسية وفنية، وجعلها جمالها وجاذبيتها قد محط اهتمام الإعلام العالمى.
استقرت صورة ديانا «أميرة للقلوب» بابتسامتها المشهورة، وأصبحت الأميرة عنصر جذب للكاميرات تطاردها أينما ذهبت، حتى بدأت صداقتها وحبها للكاميرات تتحول إلى كابوس، فالكاميرات لا تعرف الصداقة الدائمة ولا النجومية الدائمة، لكنها تبحث عن صيد، وليس أكثر إغراءا من نجوم مثل ديانا.
الأميرة تحولت إلى هدف دائم للباباراتزى «صائدو الصور»، الذين طاردوها فى كل مكان، والتقطوا صورها الخاصة وعلاقاتها وتحركاتها، خاصة بعد أن انفصلت عن الأمير تشارلز فى 28 أغسطس 1996، والكشف قبلها عن علاقة تشارلز مع كاميلا باركر، حتى زواجهما فى ربيع 2005.
وواصلت الكاميرات مطاردة الأميرة وعماد الفايد وهما يتجهان لإتمام الزواج، حتى كانت المطاردة الأخيرة لهما والتى انتهت بحادث التصادم الذى قتلت فيه ديانا وعماد، فى 31 أغسطس 1997، وجرت تفسيرات كثيرة منها اتهامات بأن الأمر لم يكن حادث بل كان قتلا عمدا لإغلاق ملف أزعج الأسرة المالكة البريطانية، وبقيت ديانا مثالا لنجمة صنعتها الصورة وقتلها الصورة.
ومن هنا تأتى صورة حذاء هارى المخروم لتؤكد أنه حتى الأحذية والجوارب وكل تفصيلة من تفاصيل حياة العائلة المالكة تحت رقابة العدسات، خاصة فى عصر مواقع التواصل الاجتماعى ومنافسات احتلال مساحات فى العالم الافتراضى، ويتواصل الجدل حول الخاص والعام وحدود حرية التصوير والنشر، خاصة مع اتساع تواجد الشخصيات العامة والنجوم على شبكات التواصل الاجتماعى، وإذا اختار النجم أو السياسى أن يبقى على السطح فهو يستمتع أحيانا بنجومية التواجد، لكنه لا ينجو من لسعات الكاميرات، مثلما جرى مع حذاء هارى المخروم، فالكاميرات تصنع مجد النجوم وتهدمهم أيضا.