لم نفق بعد من الضجة التى أثيرت بعد إعلان الفنانة حلا شيحة خلع حجابها حتى وقعنا مرة أخرى فى ضجة تسببت فيها شائعة تقول إن جامعة القاهرة تنوى منع الاختلاط بين الجنسين، وقررت أن يكون الحضور 3 أيام للبنين و3 أيام للبنات فى الأسبوع، الفنانة الشابة «حلا شيحة» خرجت عن صمتها وقالت للجميع «كل واحد حر فى أفعاله» والدكتور عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، نفى هذه الشائعة من أساسها قائلا «إن المجتمع غير الناضج هو الذى يتناول مثل هذه الشائعات، وتصبح مثل كرة الثلج التى تكبر كلما سارت» لكنى مع هذه الردود القاطعة، لا أعتقد أن مثل هذه الشائعات ستتوقف، فالعقل الذى أنتج هذه الشائعات وترويجها واستهلاكها مازال يعمل بكفاءته المخربة، ومازال قادرا على إدهاشنا بتناول معارك العصور الوسطى، فى الوقت الذى يريد فيه أن يعيش متمتعا بكل مكاسب عصور الحداثة.
ملايين الكتابات، وملايين الآراء، وملايين الأطروحات، أنتجها الشعب المصرى تعقيبا على هذين الخبرين، البعض رأى فى خلع حلا شيحة للحجاب نكسة كبيرة تعرض لها الإسلام، مختصرا دين الإسلام كله فى حجاب «حلا» ومعتقدا أن الحجاب فى حد ذاته هو الدين، والبعض رأى فى شائعة منع الاختلاط بشارة بما يمكن أن تنحرف إليه الدولة فى سبيل انغلاق المجتمع وتراجعه عن قيم المدنية، فى حين أن خبرا إيجابيا مثل فوز طلاب مصر بجوائز المركزين الأول والثالث فى النهائيات الدولية لمسابقة الغواصات الآلية ROV والتى أقيمت بمدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية والتى شارك فيها 28 فريقا من أفضل دول العالم فى تكنولوجيا الروبوتات البحرية من 17 دولة منها ألمانيا وايطاليا وروسيا وهونج كونج والولايات المتحدة الأمريكية لم يحصل على أى اهتمام من الناس، ولولا تسليط برنامج «ست الحسن» الضوء عليه لما علمنا عنه شيئا.
حياتنا زبد، لا طائل منها ولا أمل فيها مادمنا لا نهتم إلا بمن لبس ومن خلع ومن أكل ومن شرب ومن منع ومن سمح، حياتنا زبد، لا رجاء منها ولا فائدة مادمنا لا نحكم على الناس بما يفعلون، ولكن نحكم عليهم بما يلبسون، حياتنا زبد، مادمنا لا نهتم إلا بأمور الجنسين ومنع اختلاطهما، وحجاب الفنانات ومن دخلت إلى الظلام ومن خرجت منه، ولا سبيل للخروج من هذه الدائرة الملعونة إلا بالوصفة السحرية التى قالها الدكتور عثمان الخشت، مؤكدا أن تربية العقل النقدى القادر على تمييز المنطقى عن الخرافى هو السبيل لقهر الشائعات وترويج الفتن وإلهاء الناس بما لا ينفع، وبالمناسبة، أرجو أن تخرج الفنان حلا شيحة قريبا جدا من هذه المهاترات الفارغة حول خلعها للحجاب، وأن تجتهد فى الأيام القليلة المقبلة فى اختيار عمل درامى مناسب تؤكد فيه للجميع أن الفن قادر على إسعاد القلوب وتدعيم رقى العقل وانتشاله من تلك التفاهات التى غرق فيها.