بعد أن دخلت عقوبات الولايات المتحدة حيز التنفيذ على إيران صباح الثلاثاء 7 اغسطس الماضى، باتت طهران تبحث عن خيارات جديدة ومسارات بديلة وأوراق ضغط للتخفيف من تداعياتها وأضرارها عليها، لاسيما وأن سريان العقوبات تزامن مع تفجر موجة أخرى من الاحتجاجات والإضطرابات الشعبية الرافضة للسياسات الإقتصادية لحكومة روحانى فى مدنًا مختلفة وأنحاء متفرقة، وبينما تراهن صقور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على اشتعال الوضع فى الداخل، تبحث طهران عن خيارات جديدة تمكنها من الفرار من أثر العقوبات المدمر.
ترامب
المسار الأوروبى
إحدى هذه المسارات كانت تعزيز علاقاتها بالدول الأوروبية المبرمة للاتفاق النووى فى 2015 (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ، واستقطابها إلى صفها، وما طمأن إيران هو رفض هذه البلدان للعقوبات الأمريكية الذى جاء فى بيان مشترك وقعه وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، يوم الاثنين 6 اغسطس وعلقت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى قائلة "نأسف لإعادة فرض العقوبات الأمريكية" ،إضافة إلى اطلاق المفوضية في مايو الماضى عملية معروفة بـ"قانون التعطيل"، من أجل الحد من تأثير العقوبات على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق 8 مايو خطوات اتخذتها تلك البلدان فتحت شهية إيران على تعزيز علاقاتها بأوروبا واستخدامها كورق ضغط على الولايات المتحدة.
ليس ذلك فحسب، بدأت إيران تتخذ خطوات أخرى فى الداخل، فقد وافق مجلس صيانة الدستور يوم السبت الماضى على إجراءات أقرها البرلمان لزيادة مستوى التزام البلاد بالأعراف الدولية ذات الصلة بغسل الأموال، على أمل رفع اسمها من قائمة سوداء تثني بعض المستثمرين الأجانب عن التعامل معه، رغم معارضة المتشددين لإقرار تشريع يهدف إلى التحرك نحو الامتثال إلى معايير مجموعة العمل المالى(FATEF) اعتقادا منهم بأن الانضمام للمعاهدة سيعطل الدعم المالي الإيراني لحلفائها مثل حزب الله اللبناني الذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه منظمة إرهابية، خطوة نظر إليها وكأنها مغازلة لأوروبا، وإزالة المخاوف والعراقيل التى قد تقف أمام المستثمرين الأوروبيين، وأيدت ذلك صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية فى عددها 12 اغسطس معتبرة أن ذلك إجراء رأه المراقبين خطوة للاصطفاف مع أوروبا.
جواد ظريف وموجرينى
ائتلاف "طهران موسكو أنقرة"
موسم العقوبات الأمريكية، يمكن إطلاقه على تلك الفترة، فقد تزامن سريان العقوبات الأمريكية على طهران، عقوبات جديدة يوم الجمعة 10 اغسطس، على موسكو لإتهامها بتسميم جاسوس روسى سابق وإبنته فى بريطانيا فى مارس الماضى وفرض عقوبات جديدة ضد استخدام روسيا لأسلحة كيميائية في سالزبورى ببريطانيا، إضافة إلى عقوبات اقتصادية على وزيري العدل والداخلية فى تركيا على خلفية احتجاز القس الأمريكي أندرو برونسون، ومضاعفة الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم القادمين من تركيا.
كل هذه العقوبات دفعت اعلام طهران للحديث عن امكانية تشكيل ائتلاف بين تلك البلدان لاسيما وأن هناك إشارات لوحت بذلك ومنها الاتصالات بين الرئيس الروسى فيلادمير بوتين ونظيره التركى رجب طيب أردوغان، فى 10 اغسطس الجارى، والذى ناقشا خلاله العلاقات الاقتصادية والتجارية، ورسالة روحانى لأردوغان التى بعث بها مع مدير مكتبه محمود واعظى، الأيام الماضية، فضلا عن تصريحات لوزير خارجية طهران ، جواد ظريف السبت 10 اغسطس أعلن فيها وقوف بلاده إلى جانب تركيا بعد العقوبات الجديدة.
لكن الأمر استبعده المراقبين داخل إيران، ففى صحيفة "افتاب يزد"، ناقش محللين بينهم محسن جليلوند الذى أكد على أن البلدان الثلاثة غير قادة على تشكيل ائتلاف، وأعزى ذلك إلى أسباب اقتصادية وسياسية وتاريخية
ومن ناحية أخرى رأى أن الولايات المتحدة لن تسمح باتحاد بين تركيا وإيران تحت مظلة روسيا، لذا رأى أنه لا يمكن توقع أن تتمكن هذه البلدان من حل مشكلات بعضها البعض عبر تشكيل ائتلاف ثلاثى، لكن أشار التقرير إلى أنه فى الظرف الراهن الحل الوحيد هو الإحتفاظ بتضامن بين البلدان الثلاثة.