أزمة جديدة فيما يخص النقاد وحركة النقد الشعرى فى مصر، خاصة نقد قصيدة شعر العامية، وهو ما شهده مؤتمر "العامية المصرية: ثرات أمة وتاريخ شعب" الذى أقامته النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الشاعر علاء عبد الهادى.
جانب من مؤتمر العامية المصرية باتحاد كتاب مصر
ففى المؤتمر رأى الدكتور رمضان الحضرى، أستاذ النقد والأدب والبلاغة والثقافة الإسلامية، أن نقاد العامية المصرية يتناولون النص الشعرى المكتوب بالعامية على أنه نص فصيح، وبذلك فهم يطبقون مقومات الفصاحة العربية على نص العامية، حتى لنجدهم يتحدثون عن جماليات العامية من فهمنا لجماليات الفصحى، مما جعل النقاد لا يفرقون بين نص الفصحى ونص العامية فى التناول، ويتناسون أن اللهجة العامية المصرية لها تكوينها الخاص.. وقد توجه "اليوم السابع" لمناقشة هذه القضية طارحا سؤال: هل يتفق النقاد وشعراء العامية فى مصر مع هذا الرأى؟
حسين حمودة
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة القاهرة قال: "أتصور أن شعر العامية المصرية مظلوم على مستويات متعددة، على مستوى النشر وعلى مستوى الحضور فى مناهج التعليم، وعلى مستوى الدراسات النقدية".
وأضاف "حمودة"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" المساحات المخصصة لنشر العامية محدودة تماما، وليس لها وجود فى مراحل التعليم المتعددة بما فى ذلك الجامعة والدراسات العليا، أما على مستوى الدراسات النقدية فالاهتمام ضئيل بهذا الشعر، ويتم تناوله على هامش أنشطه أخرى، إضافة إلى عدم وجود ميراث نقدى متراكم ومتصل بحيث يجد لنفسه أدوات نقدية كافية وملامح منهجية يمكن من خلالها التعامل مع جماليات الشعر العامى.
وأكد الدكتور حسين حمودة، المؤكد أن شعر العامية ليس أقل قيمة من الفصحى، إضافة إلى خصوصيته التى تحتاج من النقاد إلى استكشاف أبعادها، ومن ذلك بشكل خاص الإيقاع فى العامية الذى يمكن أن يلتقى فيه حرفان ساكنان. واختتم "حمودة" قوله: "باختصار شعر العامية يحتاج عناية على كل المستويات".
مسعود شومان
من جانبه قال الشاعر مسعود شومان: "بداية ليس هناك نقاد لشعر العامية فى مصر، وذلك يرجع لأسباب معيارية لدى النقاد، حيث يرى بعضهم أن نص العامية درجة ثانية ولا يرقى للنص الفصيح، وبالتالى يتعاملون معه بما يعرفوه من قواعد نقدية".
وأضاف "مسعود" أن النقد له معاييره الموضوعية والفنية التى لا بد الالتزام بها، واللغة جانب مهم لأن نقد الشعر الشعبى والفلكلور يتطلب أن يكون الناقد مدرك لبداية العامية التاريخية، وأن تكون أدواته النقدية أكثر اتساعا فى التعامل من شعر الفصحى.
ولفت الشاعر مسعود شومان إلى أن شعر العامية مهمل فى مصر، فليست هناك مجالات تهتم بنشر نصوص من شعر العامية، ولا يوجد نقاد يهتمون بنقد نصوص العامية والكتابة عنها، وربما ليس هناك كتب أو دراسات تناولت ذلك إلا كتب محدودة.
يسرى حسان
فيما قال الشاعر يسرى حسان: "بالتأكيد لكل نوع من الشعر جمالياته الخاصة، وظنى أن هناك فارقا بين قصيدة شعر العامية وبين قصيدة الفصحى، يتمثل فى اللغة التى يستخدمها شعر العامية وهى اللغة المتداولة أو ما نسميه لغة الحياة اليومية، وبالتأكيد هذه اللغة المتداولة فى ظنى أكثر قدرة على التعبير عن تجربة الشاعر ومواقفه من الحياة ونظرته إلى العالم".
وأضاف "حسان": "لا أعنى بذلك طعنا فى الفصحى لكن الأمر على هذا النحو يشير إلى أن اللغة العامية التى نمارس بها حياتنا هى ما نكتب به ونعبر عن تجربتنا وربما تكون لذلك مصدقية وعمق أكبر فى التعبير، وهذا يتوقف على الشاعر ومدى موهبته وكيف يستطيع إعادة توظيف اللغة فى قصدة شعرية تعبير عن ذاته وتتماس مع الآخرين فى نفس الوقت".
وأتم الشاعر يسرى حسان: "بهذا ننتهى إلى أن نقد العامية يحتاج إلى أدوات ورؤى أخرى ربما لا تناسبها اللغة النقدية التى يتعامل به النقاد فى الوقت الحالى".
رضا عطية
بينما قال الناقد الدكتور رضا عطية: "إن هناك مشتركات كثيرة بين العامية والفصحى لا يستطيع أحد نكرانها، خاصة فى بنية التركيب، لكن مشكلة التعامل مع النصوص العامية أو الفصيحة، لها أكثر من بعد".
وأضاف "عطية" أن المشكلة الأولى هى أننا نعانى من ازدواجية وتعالى فى التعامل فيما يعرف بالأدب الشعبى، رغم أنه كانت هناك عدة محاولات لإزالة ذلك التمييز ضد الأدب الشعبى ومنها العامية، لكنها ما زالت مستمرة إلى الآن، لافتا إلى أن التعالى مع الآداب الشعبية ترجع بسبب الفكر الأصولى المحافظ، فمجمع اللغة العربية مثلا ينظر إلى العامية على أنها دون المستوى وغير معترف بها، كذلك كثير من النقاد لديهم توجه أصولى، فى التعامل مع النصوص العامية.
وأوضح الدكتور رضا عطية أن شعراء العامية أيضا لديهم مشكلة "الاستسهال"، فأغلب الجمل الشعرية الموجودة الآن يغلب عليها الطابع الموسيقى والقافية، مع أن الشعر تجاوز هذه الأدوات وأصبح أكثر رحابة بأدوات شعرية أكبر من ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة