هو ليس قاطع طريق، فهو لا يمتلك تلك الشجاعة التى تمكنه من الوقوف بكامل هيئته واعتراض طرق الناس وسلبهم حياتهم أو أموالهم ومتاعهم، وهو كذلك ليس بلطجيا برغم توافر العديد من صفات البلطجة فيه، فالبلطجى أيضًا يحمل قدرا من الشجاعة، تمكنه من المجاهرة بأفعاله بقصد إخافة الناس وتبديد أمنهم، ومن وجهة نظرى فإنه يميل بشدة إلى أن يكون ضمن طائفة «الزعران» وهى طائفة كانت معروفة قديما بميلها إلى السلب والنهب والأخلاق السيئة على حد سواء، وزعران الحى كانوا قديما لم يكونوا ضمن اللصوص المعروفين، لكنهم كانوا حفنة من العاطلين عن العمل الرافضين لكل نسق أخلاقى محترم والمتطفلين على حياة الناس وأرزاقهم، وبرغم أنهم لم يكونوا لصوصا أو سارقين بمعنى الكلمة لكن أصابع الاتهام كانت توجه إليهم كلما اختفى شىء أو خرب آخر.
هذا هو رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا المستبد الذى أظهرت أزمته الأخيرة مع أمريكا مقدار ما يتمتع به من سمات «الزعران»، وفى الحقيقية فإن كلمة «الأزعر» كلمة تستحق أن نتوقف أمامها قليلا، فالمرأة الزعراء هى المرأة قليلة الشعر، والأرض الزعراء هى الأرض قليلة الزرع أو العشب، والرجل الأزعر هو الرجل الذى يفتقر كل شىء نبيل، رجل «ناقص» عرف الناس أنه «ناقص» ولصًا أيضًا، فنال احتقار الأدنياء ولم ينل مهابة الجبارين، وفى الحقيقية فإن هذه الصورة هى أكثر الصور التى تتطابق معها صورة رجب طيب أردوغان رئيس تركيا الذى يوشك على إلقاء بلاده فى التهلكة نتيجة اتباعه لقاموس أخلاق الزعران.
أزمة القس الأمريكى أندرو برانسون، كشفت كيف يمكن لأخلاق الزعران أن تهلك الدول، فلأنه اعتاد على تلك الأخلاق الهمجية تخيل أنه حينما يقبض على القس الأمريكى سيجبر ترامب على التفاوض معه، ويسلمه المعارض التركى الشهير «فتح الله جولن» لكنه لم يكن يدرك أن هذه الطريقة لن تجدى مع أمريكا التى تتمتع «تاريخيا» بأكبر صفات البلطجة والجبروت، وبالطبع لن تنفع مع «ترامب» الذى يتمتع بأضعاف ما تمتع به كل رؤساء أمريكا من تهور، فوصلت تركيا إلى نتيجة لم تكن تتخيلها، والبقية تأتى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة