على واقع تحذيرات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فقدت الليرة التركية قيمتها مجددا أمام الدولار وتراجعت 7%، وسط قلق المستثمرين بشأن المزيد من العقوبات الاقتصادية التى من المقرر أن تفرضها على أنقرة ما لم تسلم القس الأمريكى المحتجز لديها.
وحذّر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تركيا من إجراءات جديدة ضدها بعدما رفضت محكمة تركية فى مدينة أزمير الإفراج عن القس الأمريكى أندرو برونسون الذى يخضع للإقامة الجبرية فى منزله.
وقال ترامب، فى البيت الأبيض، أن أنقرة تصرفت "بحماقة" فى هذه الأزمة وإن إدارته لن تقف مكتوفة الأيدى.
وقال ترامب على تويتر، إن الولايات المتحدة لن تدفع شيئا لتركيا من أجل إطلاق سراح القس أندرو برانسون الذى وصفه بالـ"رهينة الوطنى العظيم"، مضيفًا: "لن ندفع شيئا من أجل إطلاق سراح رجل برئ، لكننا سنحجم تركيا".
وهبطت العملة التركية إلى 6.2499 ليرة للدولار وزادت خسائرها مقابل الدولار هذا العام وفقدت نحو 40% من قميتها، حيث فاقم الخلاف مع الولايات المتحدة الخسائر التى نتجت عن مخاوف بشأن نفوذ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية.
وهددت أنقرة أمس الجمعة بالرد بالمثل إذا فرضت واشنطن عقوبات أخرى على تركيا بسبب قضية القس الأمريكى التى اندلعت بسببها أزمة دبلوماسية بين البلدين، وعصفت بالليرة التركية.
من جانبها علقت المعارضة التركية، ورأت أن الرئيس التركى يغطى فشله فى المجال الاقتصادى بالأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقال زعيم حزب الشعب الجمهورى المعارض كمال كيليجدار أوغلو، إن أردوغان يستخدم الأزمة الدبلوماسية الحالية مع واشنطن لأجل تغطية فشله الاقتصادى الذريع.
وأكد كيليجدار، على أن أزمة الليرة ليست ناجمة عن قضية القس فقط، بل تجد جذورها فى الأداء الاقتصادى السيئ الذى تراكم منذ مدة طويلة، رغم توالى تحذيرات الخبراء الاقتصاديين.
ورغم منحة النظام القطرى لتركيا والتى تقدر بـ15 مليار دولار، يواصل الاقتصاد التركى الانهيار على واقع ترنح العملة الوطنية (الليرة التركية) وهبوطها لأدنى مستوى لها أمام الدولار، وجراء السقوط الحر للعملة وسياسات الرئيس رجب طيب أردوغان التى أغرقت البلاد قدم رئيس بورصة إسطنبول همت كاراباغ استقالته من منصبه الذى يشغله منذ عام 2016.
وبحسب صحيفة زمان التركية المعارضة أعلن كارباغ استقالته عبر موقع التواصل الاجتماعى تويتر فى الوقت الذى هبط مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسى BIST 100، بنسبة 17.3% منذ مطلع العام الجارى 2018، حتى نهاية تداولات نهاية الأسبوع الماضى، وفق أرقام رسمية. وبحسب البيانات المنشورة على موقع بورصة إسطنبول، فقد المؤشر الرئيسى BIST 100، نحو 20.339 ألف نقطة منذ مطلع 2018.
وفى ظل التدهور المتواصل للعملة، قرر النظام التركى زيادة الضرائب، وقالت الجريدة الرسمية فى تركيا، إنه تقررت زيادة ضريبة الاستهلاك الخاص المفروضة على البنزين والديزل، وقالت مصادر فى القطاع أن من المتوقع أن يقود ذلك إلى زيادة الأسعار فى محطات الوقود نحو 9%.
من جانبه طالب متحدث باسم صندوق النقد الدولى، تركيا بضمان الاستقلال الكامل للبنك المركزى لمواصلة مهمته الخاصة باستقرار أسعار الأوراق المالية، بعد الهزات الكبيرة التى ضربت الاقتصاد التركى.
وقال المتحدث باسم صندوق النقد فى بيان، أن الصندوق يطالب تركيا بتشديد السياسات للتصدى للاختلالات الاقتصادية، مشيرا إلى أنه سيراقب الوضع عن كثب، مضيفًا: "على تركيا إظهار الالتزام بسياسات اقتصادية سليمة لدعم الاستقرار الاقتصادى فى ظل تقلبات السوق حاليا".هذا وكشف المتحدث أن "الصندوق لم يتلق أى إشارة من السلطات التركية على تفكيرها فى طلب مساعدة مالية من الصندوق".
من جانبه حاول النظام التركى القيام بإجراءات تحفظ ماء وجهه ويمتص بها حالة الاستياء العارمة بين الأتراك جراء ارتفاع الأسعار، حيث رفضت بلدية العاصمة أنقرة، مؤخرا، منح تراخيص لمقاه ومطاعم تابعة لشركات أمريكية وعالمية، وجاء الرفض التركى بعدما دعا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مؤخرا، إلى مقاطعة المنتجات الإلكترونية الأمريكية، فيما ضاعفت الحكومة الرسوم المفروضة على عدد منها.
وقالت تركيا، إنها فرضت الرسوم على منتجات أمريكية، من باب المعاملة بالمثل، بعدما فرضت الولايات المتحدة رسوما مرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم التركية. وبحسب ما نقلت صحيفة "حرييت ديلى نيوز"، فإن بلدية "كيشيورين" فى أنقرة رفضت منح تراخيص لمطاعم "مكدونالدز" و"برجر كينغ" وسلسلة المقاهى الشهيرة "ستار باكس".
وتعصف بالاقتصاد التركى عقوبات امريكية، أثرت على أسعار الصرف ونسب التضخم، وتباطؤ فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى البلاد. وهو ما يرجع بشكل رئيسى إلى المخاوف المتعلقة بتأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على الاقتصاد.
ويمارس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ضغوطا على البنك المركزى لعدم رفع أسعار الفائدة من أجل الاستمرار فى تغذية النمو الاقتصادى، ويدعى أن المعدلات الأعلى تؤدى إلى ارتفاع التضخم، بعكس ما تقوله النظريات الاقتصادية.
وبموجب مرسوم رئاسى أصدره أردوغان بعد فوزه بولاية جديدة فى يونيو الماضى، أصبح محافظ البنك المركزى يعين بموجب قرار منه شخصيا لولاية تمتد 5 سنوات.
وكان هذا المرسوم بداية حالة عدم الاستقرار التى وصل لها الاقتصاد التركى حاليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة