أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

أوقاف لتعليم وعلاج الفقراء وإطعام العصافير.. بذور مجتمع أهلى غائب!

الإثنين، 20 أغسطس 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من تكرار الحديث عن المجتمع الأهلى أو المدنى طوال العقود الأخيرة، ظلت الفكرة غير واضحة وتتداخل مع غيرها، بالرغم من وجود تراث وأسس لمجتمع أهلى حدثت له انقطاعات، وبالرغم من أنه بالفعل يمثل قاعدة كان يمكن البناء عليها.
 
وفى المقابل نرى أن فكرة العمل الاجتماعى الأهلى والخيرى استقرت فى أوروبا والدول الحديثة، وأصبحت جزءًا مهمًا من السلوك الجماعى، وتمثل التبرعات والمشاركة فى العمل الخيرى جزءًا من السلوك العام للمجتمع فى أوروبا، ويتم تدريسه منذ الحضانة، وتسهم المؤسسات الأهلية والمدنية فى أنشطة متسعة تبدأ من مساعدة الفقراء، وتصل إلى تقديم منح دراسية وإقامة مستشفيات ومدارس ورعاية الأيتام، إلى آخره.
 
وقد عرفت مصر العمل الأهلى والخيرى بشكل كبير، ووصلت خلال القرن التاسع عشر والعشرين إلى بناء المدارس والمستشفيات والمبرات، وعرفت مصر منذ أيام التكايا والأسبلة والتى تقدم الطعام والسقاية للسابلة والعابرين.
 
ومثلت الأوقاف فى زمنها أكثر تجليات العمل الإنسانى، وكان الأثرياء يوقفون جزءًا كبيرًا من ثرواتهم على تعليم الفقراء أو إطعامهم والمستشفيات والمدارس، ومؤخرًا شكلت وزارة الأوقاف لجنة لمراجعة حجج الأوقاف القديمة، وبعضها يرجع إلى 300 سنة، كشفت اللجنة عن مفاجآت فيما يتعلق بوقف الأموال، حيث كشفت عن وجود بذور لمجتمعات أهلية، وكان لدى كثير من الأثرياء إحساس إنسانى كبير، ورغبة فى تقديم خدمات للمجتمع.
 
ومن بين 42 ألف حجة تضمنت بعضها أوقافًا تبدو مدهشة، نحن نعرف أن الواقفين خصصوا أموال الوقف لرعاية الفقراء، وطلاب العلم فى الأزهر، أو حتى لبناء المدافن للفقراء، لكن وصل الأمر إلى تخصيص أموال الوقف لرعاية الكلاب والقطط الضالة، وإطعام العصافير قمحًا وسقايتهم ماء صالحًا للشرب، وتسبيل القبور برش المياه أمامها حتى لا يغبر التراب ملابس الزائرين، وإطعام الزائرين «كعك - قرص» «رحمة»، حتى يتشجعوا على الزيارة وقراءة الفاتحة، وهناك من أوقف أموالًا لزراعة الأشجار حول القبور ليأنس الموتى ببر الأحياء وزيارتهم.
 
وطبعًا هناك أوقاف من الأراضى لخدمة مساجد أو كتاتيب أو مستشفيات، أما الأوقاف التى تبدو غريبة فهى تكشف عن حس إنسانى كبير لدى الأثرياء فى الأزمنة الماضية، تتنوع بين رعاية العلم وطلاب الأزهر إلى إطعام الفقراء، وحتى إطعام الطيور والكلاب والقطط الضالة.
 
بالطبع فإن الأوقاف تمثل ثروة ضخمة بعضها ضاع أو تم الاعتداء عليه خلال عقود، والبعض الأخير راح فى صفقات وإهمال أو تلاعب، لكن أهم ما يلفت النظر فيما يتعلق بالأوقاف أو المجتمع المدنى أن أعداد السكان كانت أقل بمئات المرات، لكن نسبة الواهبين والواقفين أكبر من نسبتهم اليوم، لدينا أمثلة على إنجازات أهلية، أهمها جامعة القاهرة وعشرات المستشفيات والمبرات ومئات المدارس كانت تقدم كاملة كتبرع أو هبة من صاحبها للمجتمع، وهو سلوك فى المجتمعات الحديثة يعتبر الدور الاجتماعى جزءًا من واجب الشخص تجاه المجتمع الذى منحه الفرص، ونرى أثرياء مثل بيل جيتس وقد أقام مؤسسة خيرية ضخمة فى أمريكا وخارجها تصل إلى أفريقيا، وتواجه الفقر والمرض والجهل.
 
وهؤلاء يقدمون التبرعات بعد سداد الضرائب والواجبات التى عليهم وليس بدلًا منها.. ما نراه اليوم من جهود أهلية محدودة مقارنة بما كان فى الماضى، وأيضًا بحجم الثروات اليوم، وهى ليست عملًا مؤسسيًا أو منتظمًا، لكنه يبدو استثناء، بينما كان أجدادنا أكثر كرمًا ووعيًا، لأنهم أدركوا أهمية المجتمع الأهلى وأقاموا مؤسسات بلا أغراض ولا شعارات، ربما نحتاج إليها الآن أكثر من الماضى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة