أكرم القصاص - علا الشافعي

الدكتور هشام العسكرى يكتب: مسارات نظام الأرض فى عصر الأنثروبوسين الجديد..التغيرات المناخية والانبعاثات وارتفاعات درجة الحرارة تهدد كوكب الأرض .. وحوض النيل يستقبل سنويًا ما يقرب من 2000 مليار متر مكعب من أمطار

الإثنين، 20 أغسطس 2018 02:31 م
الدكتور هشام العسكرى يكتب: مسارات نظام الأرض فى عصر الأنثروبوسين الجديد..التغيرات المناخية والانبعاثات وارتفاعات درجة الحرارة تهدد كوكب الأرض .. وحوض النيل يستقبل سنويًا ما يقرب من 2000 مليار متر مكعب من أمطار هشام العسكرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

يمثل عصر «الأنثروبوسين» الجديد بداية مسار إنسانى سريع جدًا لنظام الأرض بعيدًا عن دورة العصر الجليدى الطبيعى نحو ظروف مناخية جديدة أكثر سخونة ومحيط حيوى مختلف اختلافًا عميقًا.وبالتالى سوف نواجه خطر حدوث تعقيبات مناخية يمكن أن تدفع نظام الأرض نحو الحد الذى إذا تم تجاوزه، يمكن أن يمنع استقرار المناخ وإن قللنا انبعاثاتنا أو حتى عند ارتفاعات متوسطة أو صغيرة فى درجة الحرارة مما قد يتسبب فى استمرار الاحترار على المسار المسمى «الأرض القاحلة» «Hothouse Earth».
 
 
وسيترتب على عبور هذا الحد أن يصبح متوسط ​​درجة حرارة الكوكب العالمية أعلى بكثير من أى فترة بين العصور الجليدية خلال الـ1.2 مليون سنة الماضية، وسيكون لدينا ارتفاع فى مستوى سطح البحر أكثر من أى وقت فى العصر الحديث المعروف أيضًا باسم العصر الهولوسينى. هناك أدلة على وجود هذا الحد، ومن المحتمل أن يؤدى عبوره إلى اضطرابات خطيرة فى النظم الإيكولوجية، والمجتمع، والاقتصاديات.وبالتالى فمطلوب إجراء بشرى جاد لتوجيه نظام الأرض بعيدًا عن هذا الحد ولتثبيته على حالة صالحة للسكن والحياة. ويستلزم مثل هذا العمل الإشراف على نظام الأرض بأكمله بما فى ذلك إزالة الكربون عن الاقتصاد العالمى، وتعزيز التغيرات السلوكية والقيم للمجتمعات، الاستخدام الفعلى للابتكارات التكنولوجية وبالتالى حماية المحيط الحيوى.
 
ويعد ارتفاع مستوى سطح البحر أحد أهم التأثيرات بين تلك الناجمة عن تغير المناخ للمناطق الساحلية فى العالم، وخاصة مناطق الدلتا المنخفضة والمناطق الساحلية المجاورة والنظم الإيكولوجية والتى من المعروف أن لها أهمية خاصة بالنسبة لرفاهية الإنسان تمثل تلك المناطق موطنا لكثير من سكان العالم، ومعظم المدن الضخمة الناشئة، وكمية كبيرة من البنية التحتية الحيوية لكل من الاقتصاديات الوطنية والتجارة الدولية. ومن المؤكد تقريبًا أن يتسبب مسار الـHothouse للأرض إذا استمر إلى فيضانات بيئات الدلتا، وزيادة خطر الأضرار الناجمة عن العواصف الساحلية، والقضاء على الشعاب المرجانية بحلول نهاية هذا القرن أو قبل ذلك.
 
 
على سبيل المثال، المدن الساحلية فى مصر هى من بين المدن التى تعانى من آثار تغير المناخ وأفضل شاهد على هذه التغيرات الملحوظة فى بعض المناطق الساحلية فى الدلتا بسبب ارتفاع المياه «صورة رقم 1»
 
ليس هناك شك فى أننا نلاحظ زيادة ثابتة فى درجة الحرارة خلال السنوات القليلة الماضية، فعلى سبيل المثال تشهد المنطقة الشمالية لمصر على طول البحر الأبيض المتوسط ​​أدفأ يونيو هذا العام على الإطلاق.فوفقًا للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوى وصلت درجة حرارة سطح الأرض بالإسكندرية إلى أدفأ رقم قياسى فى درجات الحرارة فى «يناير – يونيو» لعام 2018 منذ سجل الأرصاد الجوية، تليها أربعة أعلى أرقام قياسية خلال أعوام 2010 و2016 و2012، كما هو مبين فى الشكل الذى يظهر كذلك أبرد خمس سنوات على السجل والسنوات المتبقية بينها.
 
كما تشمل آثار مسار الـHothouse للأرض زيادة فى العواصف الترابية التى بدورها تؤثر على البيئات البحرية، كما يحدث فى البحر الأحمر. فى دراستنا الأخيرة، لاحظنا تأثير العواصف الترابية على تغيير سلوك التيارات السطحية للمياه التى تؤثر على العوامل المغذية للحياة البحرية والإنتاجية الأولية.
 
 
لذلك من المهم جدا شرح ما هو المقصود بمسار «الأرض القاحلة»عن طريق شرح كيفية خروج الأرض من حالة توازنها كما هو موضح فى الشكل الممثل للاستقرار العام للأرض المأخوذ من دراسة نشرت فى الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم والذى يظهر مسار خروج نظام الأرض من الهولوسين، وبالتالى من دورة الجليدية إلى موقعها الحالى فى الأنثروبوسين الأكثر حرارة.الشكل يوضح المسارين المتباعدين المستقبليين لنظام الأرض ممثلة بأسهم مكسورة. فى الوقت الحالى، يوجد نظام الأرض على مسار Hothouse Earth مدفوعًا بالانبعاثات البشرية للغازات الدفيئة وتدهور الغلاف الحيوى والذى سوف يتبع مسارًا لا رجعة فيه بشكل أساسى بعد ذلك إذا تجاوزنا حد الـ2 درجة مئوية. ومن ناحية أخرى يتطلب المسار الثانى الذى يؤدى إلى استقرار الأرض الكثير من العمل من البشر على مستويات مختلفة والذى يتضمن محاولة التأثير على الخواص الديناميكية لنظام الأرض بطريقة تجعل الظروف غير المستقرة فى المنطقة الواقعة بين المسارين السابق ذكرهما حالة وسيطة مستقرة فعليًا.
 
 يتطلب ذلك أن يتخذ البشر خطوات متعمدة ومتكاملة وتكيفية للحد من الآثار الخطيرة على نظام الأرض، ومراقبة السلوك وتغييره بشكل فعال لتشكيل ردود الفعل التى تثبت هذه الحالة المتوسطة، ولكن هناك الكثير من عدم اليقين والنقاش حول كيفية القيام بذلك من الناحية الفنية والأخلاقية والاقتصادية بطريقة منصفة مما يعكس التحديات الكبيرة للجوانب المعيارية والسياسية والمؤسسية. ومع ذلك، فيمكن للمجتمعات أن تأخذ على نطاق واسع مجموعة من الإجراءات التى تشكل ردود فعل إيجابية، لتوجيه نظام الأرض نحو مسار استقرار الأرض.
 
مما لا شك فيه سيؤدى مسار الأرض غير المستقر إلى تحديات ضخمة بالنسبة للإنسان تتمثل فى ندرة المياه وزيادة الجفاف وزيادة الكوارث الطبيعية الضخمة. أزمة المياه هى واحدة من أكبر خمسة أخطار «أسلحة الدمار الشامل، والأحداث الجوية المتطرفة، والكوارث الطبيعية وفشل التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه» للمجتمع استنادًا إلى تقرير المخاطر العالمى للمنتدى الاقتصادى العالمى «WEF؛ 2018». وفى نفس السياق، ركز أحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة على ضمان توافر المياه والمرافق الصحية وإدارتها على نحو مستدام.وقد أظهرت مصر عزما قويا وواضحا على تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة بعد إطلاق «رؤية مصر 2030» فى مارس 2015. كانت مصر من أوائل الدول على مستوى العالم لتقديم استعراض وطنى طوعى فى المنتدى السياسى الرفيع المستوى الأول فى عام 2016 وهكذا، فقد شرعت حكومة مصر فى إطلاق مشاريع وطنية كبرى تخدم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.
 
 
 مصر لديها قلق كبير من ندرة المياه؛ علاوة على ذلك، حيث إن 96.9% من المياه تأتى من خارج البلاد «FAO، 2011». ولذلك، فإن للأمن المائى أهمية خاصة فى المنطقة، أكثر من تأثير تغير المناخ وزيادة عدد السكان. على الرغم من أن حوض النيل يستقبل سنويًا ما يقرب من 2000 مليار متر مكعب من الأمطار، إلا أن 5% فقط منها تمر عبر النهر بسبب ارتفاع معدل التبخر.
 
وفقا لتقرير منظمة الفاو «منظمة الأغذية والزراعة» لعام2011يستهلك قطاع الزراعة فى مصر 86% من إجمالى إمدادات المياه، والاستهلاك المحلى 8% من الإمدادات والصناعة 6% المتبقية ومع ذلك، وفقا لوزارة الموارد المائية والرى انخفض استهلاك القطاع الزراعى إلى 75% بسبب الزيادة السريعة فى عدد السكان الذين يطالبون بمياه الشرب أكثر ومن ثم خلق فجوة أكبر فى الإمدادات الغذائية.مما سبق ومع الحسابات الدقيقة لاحتياجات الموارد المائية والطلب عليها، نجد أن هناك فجوة تبلغ 21 مليار متر مكعب سنوياً.
 
 
لذا،يجب علينا التركيز خاصة على إدارة المياه لأغراض الزراعة والذى يمكن أن يحدث على مستويين، عن طريق إعداد خريطة إقليمية ومراقبة موارد المياه ووضع استراتيجيات لإدارة المياه على مستوى المزرعة. هذا يمكن أن يحدث من خلال الإدارة المبتكرة للمحصول أو ما يعرف بالزراعة الدقيقة «Precission Agriculture» من أجل تحسين الأداء وتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية والجودة مع تقليل الأثر البيئى من خلال نظم إدارة مستنيرة واستراتيجيات رى أفضل. وفى هذا الصدد، فإن دمج البيانات فى الموقع والفضاء من خلال إنترنت الأشياء «IoT» إلى جانب أجهزة الاستشعار الذكية ذات التكلفة الفعالة وتكنولوجيا رصد الأرض «EO» يمكن أن يساعد فى رسم خرائط المحاصيل والموارد المائية ورصدها. هذا يعتبر نهجا استراتيجيا مبتكرا أكثر مرونة ويزيد من جهود التكيف مع أنماط الطقس المتغيرة والأحداث الجوية الأكثر تطرفًا والتحديات الجديدة مثل سد Millenial فى إثيوبيا الذى سيؤثر على الموارد المائية المتاحة فى مصر.
 
فى هذا السياق، من الجدير بالملاحظة أن الأقمار الصناعية توفر بيانات ذات تغطية عالية الاستبانة وبالتالى:
 
فإن معلومات الاستشعار عن بعد تكون قادرة على تخطيط ومراقبة الموارد المائية وصحة المحاصيل والإنتاج، مما يسهم فى تصميم أنظمة ذكية لدعم قرارات إدارة المياه والزراعة فى الوقت الحقيقى تقريبا.وهذا يوفر معلومات مناسبة لتطوير نظم الإنذار المبكر والإدارة المستندة إلى نماذج دورة المياه المتكاملة ونمذجة المحاصيل باستخدام المحطات فى الموقع وأنظمة رصد الأرض.
 
هذا الاقتراح سوف يؤدى إلى وجود نهج مفيد لنظام تصنيف الأراضى ولتقييم ورصد ديناميكيات النظام البيئى والإنتاج المحتمل للنظم الإيكولوجية الزراعية المختلفة لأنه يستند إلى التفاعلات بين مجموعة من العوامل الفيزيائية «التربة، والمناخ، والهيدرولوجيا، والجيولوجيا والسمات الفيزيائية»، والعوامل الإحيائية «تركيبات المجتمع النباتى، إنتاج الكتلة الحيوية السنوية» والديناميكيات الإيكولوجية «إدارة المحاصيل أو الأراضى العشبية». ولذلك، فإن وجود نظم دعم القرار «DSS» القائم على أجهزة استشعار متعددة، والتى توفر بيانات رصد أرضية جغرافية سريعة، حسب الطلب، وبيانات مساعدة «بيانات التعداد، والخبرة فى الأنظمة والممارسات الزراعية المحلية، وما إلى ذلك»، يتيح التشخيص قرب الوقت الفعلى والسماح للتخطيط الاستراتيجى لإدارة النظم الإيكولوجية الزراعية بطريقة ذكية ومستدامة.وبالتالى، يمكن لهذا النظام تقدير هطول الأمطار وتوقع تدفق مجرى مائى مما يمكن أن يساعد على تخصيص المياه بين المستخدمين وتشغيل الخزانات بشكل أكثر كفاءة.وسوف يساعد أيضا فى فهم ديناميكية المياه بين التربة والمحاصيل والمناخ استنادًا إلى التبخر وبيانات رطوبة التربة مما يمكن أن يساعد على وضع استراتيجيات الرى المحلية مع استخدام صعود وهبوط المياه العذبة من منظور عالمى لتقدير التدفق والتنبؤ بالتحذيرات وإدارة توزيعات المياه.
 
إذا اعتمدنا هذه التقنية المقترحة، فمن المحتمل أن يساهم ذلك فى العديد من المشاريع التى تمت صياغتها حول رؤية مصر 2030 للتنمية الاقتصادية، بما فى ذلك إنشاء «مركز تحديث الزراعة» وترشيد استخدام المياه وتنمية الموارد المائية وتحسين نوعية المياه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة