لا يتفق الذين ينكرون الغيب على صيغة محددة فى الموضوع، فبعضهم ينفى كل شيء لا يقع تحت الحس المباشر، وبعضهم لا يرفض إمكانية وجود أشياء غيبية ولكنهم يرفضون الإيمان بها، وآخرون يقبلون ظواهر الباراسيكولوجيا (علم ما وراء النفس) ويرفضون ظواهر أخرى.
هذه حملة مهمة لفهم كتاب الغيب والعقل إلياس بلكا، الصادر عن دار تنوير للنشر والإعلام، والذى يدور موضوعه حول علاقة العقل بالمستور من الوجود.. بعالم الغیب. ويحاول الكتاب الإجابة عن سؤال محورى: ھل للعقل حدود، أم أنه قوة إدراك مطلقة؟ ھل فى الوجود مرتبة وراء العقل، وفوق قدرته؟ وإذا كانت للعقل الإنسانى حدود، فما ھى، وما حقیقتھا؟ وكیف يتعامل العقل مع ھذا العالم المتجاوز لقدراته؟
وتنتمى ھذه الدراسة لحقل فلسفة العقل، التى تسعى لإدراك طبیعة ھذه الآلة البشرية الغامضة، ومعرفة آلیات وحدود اشتغالھا، كل ھذا فى ضوء مفھوم قرآني ھو "الغیب" الوجود الحاضر الغائب فى آن، والذى يفتح للعقل والإنسان والاجتماع البشرى آفاقا ثرية؛ يحاول ھذا الجھد الإحاطة ببعضھا.
لھذا جاءت الدراسة مقارنة بین التراثین الإسلامى والغربى فى الموضوع؛ لعلھا تكشف عن بعض صلات العقل بالغیب، ولعلھا تفید فى الجدل العالمى الحالي، الذى انتقل للعالم العربى والإسلامي؛ حول مكانة كل من الدين والعقل في المجالین العام والخاص.
ينقسم الكتاب إلى بابين، فى الباب الأول عرض لقضية الحدود المعرفية للعقل الإنساني، كما رآها بعض أهلام الفلسفة الأوروبية، منذ عهد اليونان إلى عصر كانط خاصة، ثم القضية ذاته عند بعض مفكرى الإسلام الكبار، والباب الثاني فحديث عن عالم الغيب، وصلة العقل به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة