تفتح المدارس أبوابها، قريبا، فى استقبال أبنائها وأبنائنا، فى سنة جديدة نتمنى أن تحمل الكثير من النجاح والتقدم والاستفادة والوعى بالقيمة، وبالطبع لن يدرك أبناؤنا هذه القيمة حتى يعرفوا أن الثقافة هى سبيلهم الأهم لمعرفة ذلك، فهل أعدت وزارة التربية والتعليم برنامجا ثقافيا مناسبا لطلاب المدارس؟
كتبت من قبل مقالة بعنوان «الثقافة الغائبة فى المدارس الخاوية» قلت فيها إنه منذ سنوات قليلة ماضية، ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، كانت المدارس بإمكاناتها القليلة تهتم بفنون المسرح فى المناسبات، فلا يمر عيد الأم أو المولد النبوى الشريف إلا بنصوص مسرحية تقدم على خشبة بسيطة ويحضر الجميع وعلى رأسهم أهالى التلاميذ، الذين كان معظمهم أميين لا يجيدون القراءة والكتابة فيقضون يوما جميلا موقنين بأهمية مشاركة أبنائهم فى هذه الأنشطة الثقافية.
الآن، بكل سهولة، يمكن القول: إن المسرح انتهى تماما من المدارس، وعن تجربة ذاتية فى الصعيد، التلاميذ فى المدارس الحكومية، أصبحوا لا يعرفون كلمة مسرح إلا من التليفزيون بمعناه التجارى البحت، القائم على الضحك والسخرية والتقليل من الآخرين.
أما المكتبات المدرسية، فأصبحت خاوية على عروشها، وأعتقد أنه لم يعد هناك ما يسمى بحصة المكتبة، وبالتأكيد اختفت «مدرسة المكتبة» التى كانت تجمع التلاميذ حولها، وتقرأ لهم قصة جديدة، ويظل التلاميذ يفكرون فيها حتى الحصة المقبلة، كما اختفت حصة الرسم أو تراجع دورها، ولم تعد قادرة على اكتشاف المبدعين والفنانين.
أما المسابقات الثقافية بين المدارس فى قراءة القرآن والغناء والرسم والأسئلة العامة، فقد تراجعت أيضا ولم تعد منهجا أساسيا تقدمه وزارة التربية والتعليم وتتابعه وتعرف نتائجه، لكنها أصبحت اجتهادات شخصية من بعض مديرى المدارس، الذين يملكون رؤية شخصية لتطوير التلاميذ.
وخطورة هذه الغيابات الثقافية الكثيرة فى المدارس أنها سوف تصنع جيلا «جافا» مثل صخرة لم يرققها الماء، وبالتالى سيكون هذا الجيل واقعا تحت تأثير ثقافات الآخرين المختلفين عنا أو المتطرفين، الذين يملكون قدرات تأثيرية متعددة، وذلك لأننا لم نسمح لهذا النشء باختبار الأفكار والتعرف عليها عن قرب حتى يعرف الحقيقى من الزائف، وتركناه خاويا مثل مدينة خربة.
لا أعتقد أن هناك أهم من المدارس كى نهتم بها، وليس هناك ما هو أولى من أبنائنا كى نستثمر فيهم، ونصنع بهم مجدا حقيقيا حاضرا، بعيدا عن التغنى بالماضى، لذا على السيد وزير التربية والتعليم أن يعيد الأنشطة والفعاليات فى المجالات المختلفة حتى ينتشر الإبداع والفرح فى فصول المدارس.