يقضى الموظف فى القطاع الخاص حياته متنقلًا بين الشركات بحثًا عن الأمان الوظيفى الذى يضمن له معاشًا عندما يصبح عاجزًا عن العطاء، وعبر تلك المسيرة تخصم الحكومة من راتبه لصالح التأمينات الاجتماعية لتوفر له هذا المعاش، معادلة تبدو فى ظاهرها متوازنة ومنصفة، بينما جوهرها لا يستطيع إقناع موظف متقاعد ينفق ثلثى معاشه على شراء الأدوية التى تبقيه على قيد الحياة، لأن نظام التأمينات فى مصر يعتبر المعاشات «منحة» يجب أن يقبلها المواطن شاكرًا، ويتعامل مع أصحاب المعاشات بوصفهم طاقات معطلة غير منتجة، ولا يجب مراعاة تطورات السوق والتقلبات المالية عند إقرار زيادة فى المعاشات، وتلك نظرة ظالمة تنتهى حينما تعود الحقوق لأصحابها بحسبة عادلة لقيمة العملة عند الخصم والمقارنة بقيمتها عند الصرف، وهذه أيضًا تبدو نظرية مثالية فى عدالتها لدرجة يستحيل معها التطبيق، لكن على الأقل نريد إعادة النظر فى نظام المعاشات الحالى ليكون أقل ظلمًا.