إصلاح الصحة والعلاج يبدأ من الوحدات الصحية، ونظام لقواعد المعلومات والربط الإلكترونى، ودون تغيير شامل للمنظومة الحالية لا يمكن الوصول لنظام إنسانى عادل للعلاج فى مصر، مع الأخذ فى الاعتبار، أن المواطن يمكن أن ينوع غذاءه وملابسه بتكاليف أقل، لكن الدواء لا يمكنه استبداله، ويقاس تقدم أى دولة بقدر ما تقدمه لمواطنيها من رعاية صحية.
قضية الصحة تشغل مكانا مركزيا فى اهتمامات الحكومة، وهناك تحركات لتنفيذ تعليمات رئاسية بإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الجراحية الحرجة، ولا يمكن تصور البدء فى تطبيق نظام صحى ناجح، دون وجود توظيف لكل الإمكانات المتاحة والمبانى والمستشفيات، وقبلها الوحدات الصحية، ويمثل غياب الربط الإلكترونى والمعلوماتى بين الجهات الصحية المختلفة أحد أهم عناصر جزء من أزمة العلاج التى تحتاج إلى علاج، ونحن فى سبيلنا لتطبيق نظام للتأمين الصحى الشامل.
المشكلة ليست فى نقص الإمكانات المادية والأجهزة الطبية بقدر ما هو سوء توظيف لهذه الإمكانات وثغرات تؤدى إلى إهدار للإمكانات والموازنات أو سوء توظيف لها، بسبب غياب قاعدة معلومات تحدد المتاح والناقص، ويصعب على أى مسؤول معرفة ما هو متوفر أو ناقص من أدوية وأجهزة فى وحدته أو المستشفى أو المخازن.
اللافت للنظر أن عصر المعلومات والتكنولوجيا يتيح إمكانات يمكن من خلالها تطبيق برامج للربط المعلوماتى، تحل الجزء الأكبر من مشكلات الإدارة الصحية والعلاجية، فهناك تعدد لأنواع وأشكال من المستشفيات والوحدات الصحية عامة ومؤسسة علاجية وجامعية، كل منها يتبع إدارة تختلف عن إدارة أخرى، ولا علاقة لها ببعضها، وتتعدد تبعيتها الوزارية من الصحة للتعليم العالى، وهناك وزراء غرقوا فى التفاصيل، وعجزوا عن توحيد أو تنظيم هذه الإدارات.
ويبدأ الترتيب من الوحدات الصحية ولها دور مهم فى الوقاية، وأيضا فى الفحص والعلاج لأمراض مثل السكر والضغط والأمراض المزمنة بشكل يخفف كثيرا من مضاعفات هذه الأمراض، وهناك مشروع بوزارة الصحة لفحص أمراض السكر والضغط فى المحافظات، وفى حال تم تنفيذ المشروع بعيدا عن التمثيل الإعلامى يمكن أن يساهم فى حماية ملايين المواطنين الغلابة من الأمراض المزمنة التى تتحول إلى أمراض قاتلة.
ونضرب مثلا بتحليل وعلاج الفيروس الكبدى الوبائى الذى بدأ قبل 3 سنوات، وأدى لنتائج كبيرة فى الفحص والعلاج لمئات الآلاف من المرضى، وبعد أن كان الفيروس الوبائى سى يمثل خطرا على أكثر من عشرة ملايين انحسر إلى حد كبير، بفضل برنامج الفحص والعلاج.
ويمكن أن تقوم الوحدات الصحية بدور مهم فى فحص وعلاج أمراض مزمنة كالضغط والسكر التى تؤدى فى حال عدم علاجها بشكل عاجل وصحيح، إلى كوارث صحية.
الربط المعلوماتى بين الوحدات الصحية والمستشفيات المختلفة يتيح التحويل وعلاج الحالات التى لا يوجد علاج لها بالوحدات الأقل، ولا يحتاج المريض إلى كل الروتين الحالى.
بالطبع يتطلب الأمر فرض نظام للتفرغ مع توفير مقابل مادى مناسب للأطباء المتفرغين، ممن لا يملكون عيادات، ولا يعملون فى مؤسسات خاصة، ومهما كان المقابل الذى يحصل عليه الطبيب، فسوف يساهم فى توفير ملايين تضيع من غياب نظام علاجى واضح وعادل للمواطنين، لأن عدم وجود نظام للتفرغ للأطباء يجعل الأمر شكليا، فلا الطبيب يعمل ولا هو يحصل على مقابل مناسب فيضطر للعمل الخاص، وتبقى الدائرة المغلقة لنظام شكلى وليس موضوعيا.
هذا الأمر يحتاج إلى إرادة وشجاعة وهو ليس مهمة وزارة الصحة وحدها، لكنه مهمة برلمانية وحكومية تحتاج إلى تعديلات لتوحيد المؤسسات الصحية بشكل ينهى الازدواج ويربط بين الوحدات الصغيرة والأكبر.
حل مشكلة الصحة والعلاج يبدأ وينتهى من الوحدات الصحية التى يمكن فى حال تطويرها بشكل فاعل يتجاوز الشكل وهو أن تلعب دورا مركزيا فى نظام العلاج والتأمين الصحى الشامل، لأن أحوال هذه الوحدات تلخص أوضاع المستشفيات العامة والمركزية وغيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة