حكاية منح التفرغ فى مصر حكاية، التقدم إليها، وإعلانها، وما يتبعها من تساؤلات واعتراضات وموافقات، لكن يبدو أن المسؤولين فى وزارة الثقافة قرروا عدم الدخول فى هذه المسألة الجدلية مرة أخرى، وصار من المؤكد أننا لن نعرف أسماء الحاصلين على منح العام 2019-2018، وذلك بعدما قررت الوزارة متمثلة فى المجلس الأعلى للثقافة عدم الإعلان عن هذه الأسماء، وفى الحقيقة أنا لا أتفق معهم.
بينما نحن ننتظر إعلان الأسماء، ونستغرب كثيرًا من التأخير الذى تجاوز شهر مايو ويونيو ويوليو وأغسطس، عرفنا أن المنح بدأت منذ أول يوليو مثلما هو مقرر لها، لكن دون الإعلان عنها، وفى الحقيقة أنا لا أعرف قانونية هذه الخطوة، وهل يحق للوزارة عدم الإعلان أم لا؟ لكننى سأتحدث عن الجانب المعرفى الذى كان يقع علينا كل عام عندما نعرف أسماء الحاصلين على هذه المنح.
لكن قبل توضيح الأمر، علينا أن نعرف أن هدف الوزارة من عدم الإعلان هو عدم الدخول فى الجدل السنوى، الذى يحدث طبيعيًا لوجود أسماء يرى البعض أنها لا تستحق، وأنها صارت محترفة فى الحصول على منح التفرغ دون إنتاج، أو حتى ما يقوم به البعض من اعتراض والسلام.
لكن إعلان الأسماء كان له فوائد عدة منها، أولا أن هذا الجدل الذى تخشاه وزارة الثقافة لا ضرر منه، فبعض الأسماء التى تحصل على هذه المنح، مع رؤيتى الشخصية بأن القيمة المادية لمنح التفرغ قليلة، لكن البعض لا يستحقها حقا، وهناك مشاريع حقيقية أولى منها، لكن بالطبع لن نستطيع التحكم فى هذا الأمر، والقائمون على المنح أيضا لا يملكون القدرة على الفرز التام، بما يعنى أن وجود بعض الأسماء غير المستحقة هو أمر واقع لا يمكن الهروب منه، وليس بالتهمة المخيفة.
ثانيا: معرفتنا بالأسماء والمشاريع الحاصلة على المنح، سوف تقدم لنا خريطة إنتاجية ثقافية لشكل العام والمتوقع منه فى النهاية، وسيجعلنا على معرفة بالموضوعات المطروحة، وربما يدفعنا للتواصل مع أصحابها لو تماس موضوع ما مع أحدنا.
ثالثا: إعلان الأسماء سيضع هؤلاء الحاصلين على المنح فى دائرة لازمة من الضوء، تمنعهم من المتاجرة أو التسويق لمشاريعهم بعيدًا عن وزارة الثقافة، خاصة أن البعض يتعامل مع منحة التفرغ على أساس أنها «سبوبة» وليست وسيلة مساعدة للإنتاج.
رابعًا: معرفة الموضوعات الحاصلة على المنح حتمًا سوف تجعل المبدعين والباحثين الجدد يتجنبون تكرارها، وبالتالى لن نضيع الوقت فى إعادة ما تم إنتاجه من قبل.
وهناك أشياء أخرى كثيرة، مفادها أن إعلان الأسماء كان ضرورة، لأن عدمه سوف يفتح الباب أكثر للجدل، ويدفعنا للبحث والتنقيب عن هؤلاء الذين حصلوا على المنح وعن مشاريعهم التى لا يعرفها أحد، لذا أرجو من وزارة الثقافة أن تتنبه.