بعد قرابة 3 أشهر ومنذ الثامن من مايو الماضى حين قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووى" مع إيران وإعادة العقوبات التى رفعت من عليها بموجب الاتفاق، إلى جانب عقوبات جديدة على قطاعات اقتصادها الحساسة، بالإضافة إلى توقيع عقوبات على كل الدول والشركات المتعاملة معها، بدأت خطة ترامب تؤتى أكلها وتنجح فى الوصول إلى أكثر المناطق إيلاما فى جسد الاقتصاد الإيرانى المنهار أصلا.
إيران ستتفاوض
يرى السفير الأمريكى دنيس روس، أن الاتفاق النووى الإيرانى لا يزال يستقطب الأنظار حتى فى آخر أيامه، فالأطراف المؤيدة له تجاهر بأن إيران لن تتفاوض أبداً على أى تعديل له، فى حين يجادل معارضوه بأن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالانسحاب منه سيؤدى إلى إبرام اتفاق أفضل.
وأضاف روس فى ورقة سياسات نشرها من خلال معهد واشنطن على الإنترنت أن ترامب نفسه يؤمن بإمكانية عقد اتفاق أفضل بعد أن كان قد عرض مؤخراً التحاور مع الجانب الإيرانى دون شروط مسبقة، بيد أن المرشد الأعلى على خامنئى أشار إلى عدم موافقته، حين صرح قائلاً: "أنا أحظّر إجراء أى محادثات مع أمريكا.. فأمريكا لا تلتزم بوعودها بتاتاً"، وقد جاء هذا الحظر بعد أن كان قائد الحرس الثورى الإيرانى اللواء محمد على جعفرى قد أصر على أن "الشعب الإيرانى لن يسمح أبداً لمسؤوليه بالاجتماع والتفاوض مع الشيطان الأكبر، فنحن لسنا كوريا الشمالية".
ولفت إلى أنه بالرغم من أن هذا الكلام يبدو حاداً، لكن مؤيدى ترامب هم بأفضل حال، ويشير التاريخ والديناميات السياسية الأساسية بأن موقف إيران المتحدّى من المفاوضات سوف يلين قبل مرور فترة طويلة، ومن الممكن تماماً توقع التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، ومع ذلك، لن تكون جولة المفاوضات الأمريكية -الإيرانية المقبلة شبيهةً على الإطلاق بالجولة الأولى - ومن المرجح أن يلعب فيها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين دوراً أساسياً كصانع سلام.
لعبة كبيرة حول العقوبات
فى غضون ذلك أوضح المحلل السياسى الروسى، سيرجى مانوكوف، فى مقالة له بجريدة "إكسبرت أونلاين"، أن الصعوبات التى تعانيها الجمهورية الإسلامية من العقوبات الأمريكية التى سيبدأ تطبيقها فى 4 نوفمبر، تتعلق بلعبة كبيرة حول النفط الإيرانى فيما يتعلق بالحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية، والتى ستدخل حيز التنفيذ فى الرابع من نوفمبر.
وأضاف أن نجاح الضغط الأمريكى على طهران فى أكثر الأماكن إيلاما، أى قطاع الطاقة، يعتمد إلى حد كبير على المشترين الآسيويين للنفط الإيراني، وقبل الجميع، بالطبع، أكبر مستورديه: الصين والهند.
ونوه المحلل السياسى الروسى إلى أن بكين لقد أعلنت مرارا أنها لا تنوى التوقف عن شراء النفط الإيرانى إرضاء لواشنطن، بينما دلهي، أقل صرامة: فمن ناحية، لا يريد الهنود التخلى عن النفط الإيرانى، ومن جهة أخرى، لا يريدون إفساد العلاقات مع واشنطن، ونتيجة لذلك، ظهر حل وسط، وهو أن تقلل الهند بشكل رمزى شراء النفط من إيران لتُظهر أنها وإن يكن شكليا، تنفذ العقوبات الأمريكية.
نتيجة حتمية
على هذا النحو يبدو أن المشترين الأسيويين سيمتنعون ولو جزئيا عن شراء النفط الإيرانى مع تحميل ناقلات النفط فى طهران المشاكل اللوجيستية وهو ما ظهر الآن من خلال تحرى بيانات نقل النفط فى يوليو وأغسطس بعد أن ظهر أن جميع ناقلات النفط الـ17 التى نقلت النفط الإيرانى إلى الصين، تحمل علم إيران وهى مملوكة لشركة الشحن الوطنية الحكومية.
وهذا بالرغم من أن العقد، قبل ثلاثة أشهر، كان واضحا، ومقتضاه أن تكون نصف السفن التى تنقل النفط الإيرانى إلى الصين صينية، غير أن الشركات الصينية تخشى من حرمانها من الدخول إلى السوق الأمريكية إلى جانب حرمانها من الوصول إلى النظام المالى الأمريكى المتحكم فى 80% من اقتصاد العالم.
عليه يمكن القول بارتياح إن الإيرانيين قد يلجأون إلى التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية لتعديل الاتفاق النووى مع توافر كل عوامل البيئتين الداخلية والخارجية، ومنها الضغوط السياسية والاقتصادية الداخلية والاستعداد الروسى للاضطلاع بدور الوساطة وهو العامل الخارجى الذى من الممكن أن يمثل مخرجا لحفظ ماء وجه المرشد وحسن روحانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة