ما بين مؤيد ومعارض، وبعد أن أثارت قضية أخذ قرنية من متوفى بمستشفى قصر العينى، جدلا كبيرا فى الشارع المصرى، خاصة أن أخذ قرنية العين من المتوفى كان بدون أخذ توقيغ أهل المريض وبدون علمهم ودون أن يتبرع بها المتوفى قبل وفاته، مما دفع أهالى المتوفى إلى تقديم بلاغ ضد إدراة المستشفى، وتصدرت القضية وسائل الإعلام المختلفة.
من يحسم قضية أخذ قرنية المتوفى
وتعود الواقعة لتقدم أهالى محمد عبد التواب عبد اللطيف البالغ من العمر 48 عاما ، والذى توفى بمستشفى قصر العينى، ببلاغ لنيابة السيدة زينب يتهمون مستشفى قصر العينى بسرقة قرنية المريض بعد وفاته.
كان شقيق المتوفى أحمد عبد الفتاح عبد اللطيف، قد أكد فى تصريحات صحفية، أنه بعد وفاة شقيقه حضر إلى المستشفى للحصول على تصريح الدفن وانهاه من مكتب الصحة، وعاد إلى المستشفى لاستلام الجثة، ودخل الثلاجة لنياحظ أن العينين بهما نزيف، وبفتحهما لم يجد قرنية أخيه، وقام بتحرير محضرا رقم 5505/2018 وتم تحويلنا إلى نيابة السيدة زينب.
هل أخذ القرنية من متوفى حديثا تمثل جريمة؟
وأضاف، قررت النيابة نقل الجثة إلى الطب الشرعى وبالفعل تم نقلها بسيارة إسعاف، وهناك أخبرنا الطبيب الشرعى أنه تم سرقة القرنية من المريض.
ويعتبر البعض أن أخذ القرنية من المتوفين بدون إذن المتوفى أو أهله يمثل جريمة يحاسب عليها القانون، فالمريض البسيط غير المقتدر الذى يدخل قصر العينى للعلاج لأنه لا يستطيع أن يدخل مستشفى آخر بأجر لا يدفع ثمن دخوله المستشفى بأخذ قرنيته ، كما أنه ليس مسئولا عن إصابة الآخرين بالعمى ليمنحههم قرنيته بدون أخذ إذنه قبل مماته، لذلك انقسم الأطباء ما بين مؤيد ومعارض بشأن هذا الإجراء وكل له مبرراته.
أطباء العيون يردون على اتهامات سرقة قرنية المتوفين
من جانبه قال الدكتور إيهاب سعد أستاذ طب وجراحة العيون بطب القاهرة، أن القرنية عبارة عن العدسة السطحية الأمامية للعين، والتى تتميز بشفافيتها وعدم وجود أوعية دموية بها ،حيث تعتمد فى غذائها على الأكسجين الجوى، وتغذية العين من سوائل العين الداخلية، ولها دور مهم جدا فى الرؤية وحماية العين.
وأشار إلى أن القرنية تصاب بالعتمامات فى حالات مرضية كثيرة مثل الالتهابات الفيروسية السطحية، وكذلك الالتهابات البكتيرية، وبعض العيوب الخلقية، وأمراض تآكل القرنية بسبب الجفاف الشديد الناتج عن أمراض المناعة أو التقدم فى السن، موضحا أن إصابات العين السطحية أو المخترقة تمثل سببا رئيسيا لعتامات القرنية،ك ما يؤدى الإهمال فى ارتداء العدسات اللاصقة، وعدم الحصول عليها من طبيب العيون المتخصص إلى الإصابة بالتهابات تؤدى إلى حدوث عتامات بالقرنية، وفى الحالات المتقدمة من القرنية المخروطية، مشيرا إلى أن كل هذه الحالات السابقة يحتاج المريض إلى زرع أو ترقيع القرنية، حيث يتم استبدال قرنية المريض المعتمة بأخرى شفافة من متبرع متوفى.
ما هى القرنية؟
وقال إيهاب سعد، تمثل القرنية نسيج أمامى فى سطح العين وليست عضوا مكتملا كونها جزء من العين، كما يمكن الحصول عليها حتى 21 ساعة بعد الوفاة، ونكون بذلك بعيدين عن شبهة الموت الجذعى للإنسان، ويستعوض نسيج القرنية المنزوع من سطح العين بعدسة بلاستيكية توضع فى مقدمة عين المتوفى للحفاظ على شكل العين العام.
وأوضح أن زراعة القرنية فى مصر مرت بصعوبات شديدة إلى أن صدر القانون رقم 5 لعام 2010 لتنظيم زرع الأعضاء البشرية، والذى نص على أنه من حق بنوك العيون المعتمدة فى مصر أخذ قرنية عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها فى إنشاء بنوك للعيون، بما لا يشترط معه أخذ موافقة المتوفى، أو ورثته، أو ذوية قبل الحصول على القرنية.
القرنية
وأضاف يعتبر بنك العيون بطب قصر العينى هو الوحيد العامل فى مصر، والمصرح له قانونيا بأخذ قرنيات المتوفى حيث نقوم بزرع قرنيات لإعادة الإبصار لمن فقد الإبصار، من أطفال وشباب وشيوخ، فقدوا الإبصار ليعودوا منتجين فى المجتمع بعيدا عن العمى، ويتم ذلك فى القسم المجانى فقط للمرضى المصريين، موضحا أن علاج باقى المرضى خارج قصر العينى يتم عن طريق استيراد القرنيات من بنوك العيون بالخارج، موضحا أنه يوجد عجز فى عدد القرنيات المتوافرة على مستوى العالم، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار القرنيات، حيث تصل تكاليف زرع القرنية من 40 إلى 50 ألف جنيه.
من جانبه قال الدكتور طارق البتاجى أستاذ طب وجراحة العيون بمعهد بحوث أمراض العيون، أن القرنية هى الجزء الشفاف الأمامى من العين، والذى من خلاله يتمكن الشخص من الرؤية ،ولكى تتم الرؤية بشكل صحيح لابد أن تكون القرنية شفافة.
وقال أنه منذ فترة طويلة فى المستشفيات الجامعية كان يتم أخذ القرنية من المتوفين حديثا حتى يتثنى زراعتها للمرضى المصابين بعتامات بالقرنية حتى يتمكنوا من الرؤية بصورة صحيحة، وتم إنشاء بنوك للقرنية فى مستشفيات جامعية مثل قصر العينى، وطب عين شمس، وكانت تعمل وتخدم مرضى عتامات القرنية بصورة جيدة إلى أن تم تجريم استعمال قرنيات المتوفين حديثا منذ فترة طويلة، وبدأنا استيراد قرنيات من مختلف دول العالم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والهند ،لاستعمال القرنيات لخدمة مرضى عتامات القرنية، وللأسف ثمن هذه القرنيات يتراوح ما بين 1000 إلى 1500 دولار، وهذا السعر يمثل عبأ ماديا لمرضى عتامات القرنية لأن معظمهم من محدودى الدخل مع أن معظم دول العالم تسمح باستعمال قرنيات المتوفين حديثا للحاجة، خاصة فى دول إسلامية مثل السعودية وغيرها ، لأن ترقيع القرنية يتيح للمريض الرؤية من جديد، موضحا أن هناك مرضى كثيرين يحتاجون هذه العمليات من أجل الرؤية من جديد.
استيراد القرنية
من جانبه قال الدكتور إيهاب الريس، أستاذ ورئيس وحدة جراحة العيون بمعهد أبحاث العيون، أن القضية تتعلق بشقين هامين الشق الأول اعتبار أن هذا الجزء الذى تم أخذه يخص المتوفى ،وأهله فقط ، والشق الثانى بأن هذه القرنية تفيد شخص آخر أعمى ، يمكنه الرؤية من جديد إذا تم زراعة قرنية له، وكان قد تم صدور منشور لبنوك القرنية الموجودة بجامعة القاهرة، وطب عين شمس بتقنين الحصول على قرنية المتوفى لصالح مريض يحتاج إلى زرع قرنية، وتم إعادة فتح البنوك لتقنين وضع أخذ القرنية فى إطار قانونى دون إهانة الجثمان بطريقة طبية سليمة، مما لا يشوه المتوفى، لأن قوائم انتظار زراعة القرنية لمريض كفيف ينتظر فيها المريض من 3 إلى 4 سنوات لاستيفاء العدد المطلوب، وينتج عن ذلك أن أغلب المستشفيات تضطر إلى استيراد القرنيات من الخارج من الولايات المتحدة الأمريكية، أو أوروبا ويصل سعرها إلى 2000 دولار، مما يعجز عنه المريض المصرى، ويضطر لإدراج اسمه فى قوائم الانتظار ببنوك العيون بطب عين شمس، أو القاهرة فى قوائم الانتظار.
2 مليون مريض مصابون بالعمى ويحتاجون لزراعة قرنية
وقال الريس، إن هناك حوالى 2 مليون مريض يحتاجون لزراعة قرنية بعد تعرضهم لأمراض مختلفة تصيب العين، وهذا يسبب عبئا كبيرا على الدولة حيث تم وقف بنك العيون بطب قصر العينى مرة أخرى، بسبب المشاكل التى نتجت عن أخذ قرنية من اثنين من المتوفين، وهو ما يؤدى إلى زيادة قوائم الإنتظار، ويتم زرعها بالمجان لمريض كفيف ينتظر دوره موضحا أنها ليست فيها شبهة اتجار، بل تعتبر تبرع للمريض .
المريض يكتب إقرار على نفسه قبل دخول المستشفى
وأكد أنه يجب أن يكون هناك إقرارا يكتبه المريض أو ذويه عند دخول المريض المستشفى، وفى حالة الوفاة يسمح بأخذ القرنية، وهى الجزء الأمامى من العين لمريض داخل المستشفى ،لإجراء عملية ترقيع قرنية بالمجان داخل المستشفيات الجامعية ،وهذا القانون تم تقنينه فى عام 2009 ، وبنك العيون بالجامعة يمكنه أن يمنح المراكز البحثية ،ومستشفيات وزارة الصحة القرنيات التى تحتاجها، وليس فيها اتجار بعكس الكلى أو الكبد.
كان الدكتور على محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية بوزارة الصحة، قد أكد أن نقل وزراعة أى عضو أو نسيج بشرى يستوجب موافقة واضحة من متبرع أو موافقة من مريض متوفى من خلال وصية مكتوبة يتركها أو موافقة أقاربة من الدرجة الأولى.
وأضاف رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية، إن قانون زراعة ونقل الأعضاء لسنة 2010 حدد ضرورة موافقة المتبرع أو أن يترك المتوفى وصية أو يوافق أقاربه من الدرجة الأولى على نقل وزراعة أى عضو أو نسيج بشرى منه.
وأوضح أن مسألة نقل القرنية من متوفى دون علم أهله لاتجوز ويعاقب عليها القانون، لافتا أن هناك مراكز معتمدة يتم فيها نقل وزراعة الأعضاء البشرية بما فيها القرنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة