- اكتشفت عمالقة الفن وفقدت بصرها فى فيلم «المنحوس»
- رفضت الزواج من أحد كبار رجال السرايا ووقع فى غرامها دنجوان الطرب وتزوجها بعد 9 زوجات واستمرت علاقتهما بعد أغرب طلاق
- عندما اجتمع مجلس الوزراء لمشاهدة بنت الأسرة الأرستقراطية.. وتفاصيل حياتها بعد الابتعاد عن الأضواء
- بسبب الفن قاطعها والدها الدبلوماسى الكبير وتبناها على الكسار واحترقت أفلامها فى استوديو مصر
فى عام 1987 وقفت الفنانة الكبيرة صاحبة المجد والشهرة وأول سندريلا فى الفن المصرى بعدما تقدمت فى العمر لتمثل دور الأم فى فيلم «المنحوس»، وفجأة انسحب النور من عينيها واسودت الدنيا أمامها، وفقدت البصر.
ارتبكت للحظات قائلة «مش شايفة» وارتبك حولها الجميع ومن بينهم حفيدتها التى اعتادت أن تصطحبها معها فى التصوير.. «فركش هنوقف التصوير.. مالك يامدام عقيلة سلامتك، لازم تروحى لدكتور أو ننقلك مستشفى»، ردت الفنانة الكبيرة التى اعتادت على الالتزام منذ أن دخلت المجال الفنى وهى طفلة لا يتجاوز عمرها 15 عاما: «لا هنكمل أنا باقى لى 4 مشاهد، قولولى بس أمشى كام خطوة وأبص فين وأنا هقدر أكمل، المنتج مش ذنبه حاجة علشان يخسر.. هكمل المشاهد الباقية».
تعجب الجميع من قوة الفنانة وصلابتها رغم قسوة الموقف، بينما أغمضت هى عينيها لتسترجع شريط حياتها، فرأت الطفلة «كاملة» التى لا يتجاوز عمرها 6 سنوات تجرى خلف العسكرى الإنجليزى الذى حمل صندوق اللعب الخاص بها، حين دخلت قوة من جنود الاحتلال تفتش منزل والدها الدبلوماسى «محمد كامل بك» أحد قيادات وزارة الخارجية، والمصرى الوحيد الذى تولى منصب رئيس قلم الترجمة بوزارة الخارجية، لتبحث عن أصول المنشورات التى توزع ضدهم، وكان والدها الذى قام بدور كبير فى ثورة 1919 يترجمها إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وبكل قوته ضرب العسكرى الإنجليزى الطفلة على رأسها ففقدت الوعى بعدما تعلقت بصندوق لعبها، فاندفع أهالى المنطقة نحو الجنود الإنجليز بعدما استفزهم مشهد الاعتداء على الطفلة، وشبت معركة سقط على أثرها خمسة قتلى من الأهالى وعدد من الجرحى، وتم اعتقال محمد كامل بك، وبعدها قامت مظاهرة كبيرة اضطرت الإنجليز للإفراج عن الدبلوماسى والد الطفلة كاملة، وصدرت صحف اليوم التالى تحمل عنوان «حادثة الخليج المصرى» نسبة إلى الشارع الذى يسكن فيه محمد كامل بك الذى أصبح اسمه شارع بورسعيد حاليًا.
بين هذه الحادثة التى وقعت عام 1922 للطفلة كاملة محمد كامل، التى أصبح اسمها فيما بعد عقيلة راتب، وبين واقعة فقد الفنانة الكبيرة لبصرها تاريخ حافل وأمجاد فنية غير مسبوقة وأفراح وأحزان لنجمة كانت ملء السمع والبصر ورائدة من رواد السينما والمسرح والتليفزيون، وفنانة استعراضية تمتلك العديد من المواهب التى جعلتها تحصل على لقب أول سندريلا فى السينما المصرية، بينما لا يعرفها الكثيرون إلا فى أدوار الأم، ومنها دور الأم فى فيلم «عائلة زيزى»، أو حفيظة هانم فى مسلسل عادات وتقاليد، وذلك بعدما احترقت معظم شرائط أفلامها القديمة فى حريق استوديو مصر.
فى بيت السندريلا الأولى بنت الأسرة الأرستقراطية
انتقلنا إلى حيث كانت تسكن الفنانة عقيلة راتب فى مبنى عريق من مبانى وسط القاهرة بشارع الجهمورية، حيث تعيش ابنتها أميمة حامد مرسى وحفيدتها جنى جلال وأبنائها، والذين عاشوا معها حتى وفاتها فى 22 فبراير عام 1999.
تشعر بروح الفنانة الكبيرة ترفرف على المكان العريق، صورها الجميلة تملأ الحوائط وتحمل ابنتها التى تجاوزت الستين نفس ملامحها وجمالها ورقتها، وتتحدث الابنة 3 لغات حيث كانت من أشهر المرشدين السياحيين فى مصر. تتذكر ابنة عقيلة راتب تفاصيل حياة والدتها وتشاركها سرد هذه الذكريات الحفيدة التى كانت تصطحبها جدتها فى كل أماكن التصوير، وأصبحت الآن أمًا لأبناء فى سن الشباب كان لهم نصيب من رؤية ومعايشة الفنانة الراحلة.
كاملة محمد كامل الطفلة التى ولدت لأسرة ارستقراطية فى 23 مارس 1916، فوالدتها من أصول تركية والأب دبلوماسى يتحدث 7 لغات، وكان يحلم بإنجاب ولد بعدما فقد ابنه الوحيد الذى مات طفلا فأصبح أبو البنات بعدما أنجب ابنته الصغرى «كاملة». تشير أميمة ابنة عقيلة راتب والتى أطلقت عليها الأم اسم «يويو» إلى أن المواهب الفنية ظهرت على والدتها فى سن الطفولة فكانت تغنى وترقص وتمثل فى الحفلات المدرسية بمدرسة التوفيق فى الضاهر حتى أصبحت أشهر طفلة فى المدرسة، وخلال رحلة نظمتها المدرسة غنت الطفلة كاملة فى القطار واندمج معها الركاب وتصادف وجود أحد الصحفيين، فكتب فى اليوم التالى عن إعجابه بصوت مطربة القطار.
كانت بداية تعلق الطفلة باحتراف الفن حين شاهدها زكى عكاشة صاحب فرقة عكاشة المسرحية، وعرض عليها التمثيل فى الفرقة وعندما أخبرت والدها الدبلوماسى الكبير ثار وغضب وضربها ولم يكن عمرها تجاوز 14 عاما.
تمسكت الطفلة بحلمها وانتقلت إلى بيت عمتها بعد غضب الأب عليها، وكانت العمة متفتحة وتحب الفن وبعد إلحاح زكى عكاشة ورغبة كاملة فى التمثيل وافقت عمتها ومثلت الفتاة مع الفرقة بعدما غيرت اسمها حتى لا تثير غضب والدها أكثر، واختارت اسم عقيلة وهو اسم أقرب صديقاتها، وراتب اسم شقيقها الوحيد الذى توفى طفلًا، فيما أصيب والدها بالشلل، ولم تستطع زيارته ولم تفرح بالنجاح الساحق الذى حققته فى أول أعمالها مع فرقة عكاشة «أوبريت هدى» بسبب غضب والدها ومرضه.
تشير الابنة إلى أن والدتها حققت نجاحات كبيرة مع فرقة عكاشة وأصبحت حديث الناس والصحف والوسط الفنى، حتى لفت نجاحها انتباه إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وذهب مع عدد من الوزراء لمشاهدة الأوبريت وهنأوها بهذا النجاح فكتبت الصحف أن مجلس الوزراء انعقد من أجل عيون عقيلة راتب.
الملكة والدنجوان والباشا
«كانت عمتها بتخاف عليها جدا وماكنتش بتروح المسرح أو ترجع منه إلا ومعاها حد من أولاد عمتها».. هكذا أوضحت الابنة كيف بدأت والدتها حياتها الفنية كفتاة من عائلة محافظة وظلت كذلك طوال تاريخها الفنى. لم تستمر النجمة الجديدة طويلا مع فرقة عكاشة، وانتقلت بعدها إلى فرقة على الكسار التى كانت تعانى من أزمة وكساد فأصبحت الفتاة التى لم تتخط السادسة عشرة من عمرها طوق النجاة للفرقة وحجز الجمهور مقاعد المسرح لمدة شهر كامل بعد الإعلان عن بطولتها لمسرحية «ملكة الغابة»، وكان الكسار يخاف على النجمة الصغيرة ويعاملها معاملة ابنته، ويخشى عليها من بطل الفرقة المطرب حامد مرسى الذى كان دنجوان عصره وله العديد من المغامرات العاطفية.
تتحدث ابنة عقيلة راتب الوحيدة عن قصة حب والديها التى بدأت فى فرقة على الكسار، مؤكدة أن والدها الذى أطلق عليه وقتها لقب «بلبل مصر الوحيد» كان تلميذ سيد درويش وأول من غنى أغنية «زورونى كل سنة مرة» وقع فى غرام والدتها بطلة الفرقة، ولم يصرح لها بحبه، حتى عرف أن أحد كبار رجال السرايا الذى كان يحرص على مشاهدة العرض يوميا وقع فى غرامها وتقدم ليطلب يدها من على الكسار وقدم لها صندوق مجوهرات، ووعد الباشا بأنها إذا وافقت على الزواج سيحضر الملك والملكة حفل الزفاف، وحين سمع المطرب الدنجوان الكسار يتحدث مع عقيلة راتب عن هذا العريس صرخ فيه قائلا: «أنا بحبها وعاوز أتجوزها».
تقول الابنة بفخر «والدتى أعطت نموذجا للفنانة والفتاة الملتزمة التى تحافظ على نفسها، فأصبحت محط إعجاب الجميع وتقدم الكثيرون للزواج منها ومنهم وزراء وباشوات».
لم تفكر الفتاة التى لم تكمل عامها السادس عشر كثيرا وحسمت الموقف لصالح المطرب الولهان وأخبرت على الكسار برفضها طلب الباشا وموافقتها على الزواج من حامد مرسى، رغم تحذيرات الكسار من غضب الباشا ومغامرات المطرب العاشق، وبالفعل تم الزواج بين النجمة التى كان عمرها وقتها 16 عاما، وأطلق عليها وقتها لقب السندريلا، وبين بلبل مصر عام 1932. وتوعد الباشا فرقة الكسار وحاول وقف الإعانة التى تقدمها الدولة للفرقة انتقاما لرفض بطلتها الزواج منه.
تحكى الابنة عن والدها قائلة: «والدى كان مشهورا شهرة كبيرة لكن للأسف لم يكن هناك فيديو أو تسجيلات لأعماله، وكان الجمهور يرسل له آلاف الخطابات التى تحمل اسم «بلبل مصر الوحيد» دون عنوان أو اسم وكانت تصل له من شدة شهرته، وبدأت شهرته مع شهرة أم كلثوم التى كانت تغنى فى السنبلاوين وهو يغنى فى إيتاى البارود التى ولد فيها عام 1904، وكان يقابلها فى القطارات أثناء انتقالهم لإحياء الحفلات الدينية فى المحافظات».
وتابعت: «كان أبى يغنى فى إحدى الحفلات لدى جد على بدرخان، وكان جورج أبيض موجودا، فأعجب بصوته وعرض عليه أن يأتى إلى الإسكندرية ليغنى بين الفقرات أثناء عرض المسرحيات، وبالفعل سافر الإسكندرية وعاش مع جورج أبيض ودولت أبيض، وعندما سمعه سيد درويش أعجب به جدا، وعلمه ودربه وأعطاه عددا من الأغانى والألحان ومنها زورونى كل سنة مرة».
غنى حامد مرسى الأغنية بعد عرض الفصل الأول من إحدى المسرحيات، فأعجبت الجمهور، وطالبه بغناءهاعدة مرات فغناها 17 مرة.
تكمل الابنة حديثها قائلة: «كان صوته قويا ويغنى دون ميكرفون، وفى اليوم التالى كان كل أهالى مصر يغنون الأغنية».
وبعد سنوات من محاولة عقيلة راتب استرضاء والدها، طلبها الأب خلال فترة مرضه وكانت تزوجت من حامد مرسى وفرحت الابنة وتم الصلح بينها وبين والدها الذى استقبلها فاتحا ذراعيه، وبارك زواجها وأوصاها بأن تحافظ على اسمها واسمه.
«يبدو أن سيرتها وأخلاقها واحترامها لفنها وعائلتها وصلت لوالدها وتأكد أن حياتها الفنية لم تسئ إلى اسم عائلتها».. هكذا فسرت الحفيدة جنى جلال عودة العلاقة بين عقيلة راتب ووالدها، مؤكدة أن محمد كامل بك نصحها قبل وفاته بأن تحافظ على نفسها واسم عائلتها دائما، وهذا ما حرصت عليه جدتها دائما طوال مراحل حياتها الفنية.
عقيلة منقذة الفرق ونجمة المسرح الاستعراضى ومكتشفة النجوم
وصلت شهرة عقيلة راتب إلى أن رأت فيها كل الفرق المسرحية فى الثلاثينات والأربعينات طوق النجاة الذى ينقذها من الإفلاس، فأصبحت الورقة الرابحة التى يتهافت عليها الجمهور وتتنافس الفرق فى ضمها إليها فانتقلت بين عدة فرق، وقدمت الاستعراض والمونولوجات والأوبريتات، حتى أنها كانت تملى شروطها على هذه الفرق، ومنها فرقة الراقصة ببا عز الدين الاستعراضية التى طلبتها للعمل معها فاشترطت عدم تقديم الخمور وبالفعل استجابت ببا لطلبها. تحكى الابنة عن فرصة انتشار والدتها عالميا عندما شاركت فرقة «مزاى» المجرية فى تقديم استعراض غنائى راقص، فأعجب بها مدير الفرقة وأجرى معها صحفيون مجريون حوار صحفيا وطلب منها مدير المشاركة فى تقديم عروض فى دول العالم، ولكن رفض الزوج ولم تستطع عقيلة أن تترك مصر إلى أى بلد آخر.
وبعد أن أصبحت الفنانة عقيلة راتب نجمة المسرح الأولى، كما تؤكد ابنتها وحفيدتها انتقلت إلى السينما لتحقق نجاحات كبيرة، فقدمت أول أفلامها عام 1936، ووقع معها حسين سيد أخو الملكة فريدة الذى كان مديرا لاستوديو مصر وقتها عقد احتكار لمدة 5 سنوات بعد وفاة المطربة أسمهان، وكانت تغنى وتقدم استعراضات فى الأفلام التى تقوم ببطولتها، فأطلق عليها لقب السندريلا، وتؤكد الحفيدة أن جدتها أول فنانة يطلق عليها هذا اللقب قبل ليلى مراد وسعاد حسنى: «كان صوتها حلو وبتعمل استعراضات وغنت فى أفلام كتير»، مشيرة إلى أنها كانت أيضا أول من تحدثت عن قضايا المرأة فى السينما عندما قدمت فيلم «قضية اليوم» عام 1945 والذى تحدث عن عمل المرأة.
بينما تشير الابنة إلى دور والدتها فى اكتشاف عدد من نجوم وعمالقة الفن قائلة :«كانت أمى تشارك فى اختيار الأبطال الذين يمثلون أمامها وهى التى اكتشفت عماد حمدى الذى كان يعمل موظفا فى الإدارة باستوديو مصر، ورشحته أمامها لبطولة فيلم «السوق السوداء»، ورغم فشل الفيلم إلا أنها أقنعته بأنه ليس السبب فى هذا الفشل ووعدته أن يشاركها بطولة فيلمها الجديد، بالفعل اختارته ليمثل أمامها دور البطولة فى فيلم دايما فى قلبى، ونجح الفيلم نجاحا كبيرا وشق بعدها عماد حمدى طريقه إلى النجومية».
ورغم أن أنور وجدى اشتهر فى بدايته بأدوار الشر أكدت الابنة أن والدتها اختارته لبطولة فيلم «قضية اليوم»، واعترض المخرج كمال سليم ولكنها أقنعته، لتبدأ شهرة أنور وجدى.
تتحدث أميمة حامد مرسى عن دور والدتها فى اكتشاف محمد فوزى قائلة: «كان المؤلف مصطفى السيد يتعاون مع أمى فى بعض المونولوجات، وقال لها إن هناك فنانا جاء من طنطا واسمه محمد الحو ويريدها أن تساعده، فتعجبت أمى من اسم الحو، فغيره إلى محمد فوزى، ورشحته أمى لدور فى فيلم «سيف الجلاد» الذى كان يشاركها بطولته يوسف وهبى، وظهر فوزى فى هذا الفيلم لأول مرة ولم يغنى فيه».
وتابعت: «عندما عرفت أمى بمواهبه فى التلحين والغناء رشحته أمامها لبطولة فيلم «عروس البحر، وغنى معها فوزى أول دويتو فى حياته فى أغنية «صيد العصارى»، وقام بتلحين أغانى الفيلم».
تؤكد الابنة أن والدتها ساهمت فى اكتشاف نجوم من عدة أجيال، مشيرة إلى دورها فى تشجيع الزعيم عادل إمام، عندما شاركها فى مسرحية «البيجامة الحمرا»، وتنبأت له بمستقبل فنى كبير، وفرح الزعيم بكلامها.
بينما قالت الحفيدة بفخر: «منذ بداية مشوار جدتى الفنى كانت دائما بطلة ونجمة أى عمل تظهر فيه، ولم تشارك فى دور ثانى إلا بعدما أصبحت تؤدى دور الأم، ولكن للأسف معظم الأفلام احترقت فى حريق استوديو مصر، ومعظم المسرحيات لم يتم تسجيلها».
خاضت عقيلة راتب تجربة الإنتاج السينمائى وأنتجت فيلم «الغيرة»، وظهر فيه لأول مرة محمود المليجى فى دور البطل، وشاركت المخرج عبدالفتاح حسن فى إنتاج 3 أفلام.
تشير الابنة والحفيدة إلى أعمال الفنانة عقيلة راتب فى الإذاعة، ومنها عشرات الأوبريتات حيث احتفى بها محمد حسن الشجاعى رئيس الإذاعة.
حاولت عقيلة إقناع زوجها حامد مرسى بخوض العمل السينمائى والتمثيل، ولكنه لم يهتم وانصب اهتمامه على الغناء فى الحفلات وظهر فى أدوار محدودة، كما تشير الابنة ولذلك لم تستمر شهرته ولكنه كان له نشاطات نقابية وكان ضمن لجنة الاختبارات فى الإذاعة.
حفيظة هانم تصعد سقالات ماسبيرو
«التليفزيون اتبنى على أكتافها».. هكذا وصفت الحفيدة جنى جلال دور جدتها وأعمالها التليفزيونية وأهمها مسلسل عادات وتقاليد..» كانت بتطلع على سقالات سنة 1960 فى ماسبيرو لأداء دورها فى المسلسل الذى ارتبط به الجمهور ارتباطا شديدا».
وتشير والدتها أميمة حامد مرسى إلى عدد حلقات المسلسل التى وصلت إلى 338 حلقة، وكان يعرض يوم السبت من كل أسبوع فى السابعة مساء: «كانت الشوارع بتفضى وقت المسلسل، واستمر المسلسل عدة سنوات، وأمى مكانتش بتعرف تمشى فى الشارع من شدة زحام الجمهور عليها وكانوا ينادونها باسم حفيظة هانم». وعن علاقة عقيلة راتب الوسط الفنى أكدت ابنتها وحفيدتها أنها لم تندمج كثيرا فى العلاقات الاجتماعية مع الوسط الفنى، ولم تشارك فى الحفلات والسهرات وكانت تتمتع بحب واحترام الجميع: «كان يوسف وهبى لما يحب يقول نكتة يسأل عقيلة راتب موجودة فإذا رأها يقول خلاص نقولها بعدين».. هكذا وصفت الابنة مدى احترام الوسط الفنى لوالدتها.
وتشير الحفيدة إلى علاقة جدتها بأم كلثوم وصداقتها لها، قائلة: «كانت الست تحرص على حضور مسرحيات جدتى منذ كانت تعمل فى فرقة على الكسار وجلست معها وأنا طفلة وهى تشاهد إحدى المسرحيات، وكانت دائما تتواصل معها».
أخوة وصداقة بعد أغرب طلاق
استمر الزواج بين عقيلة راتب وحامد مرسى لمدة 26 عاما، وكانت هذه أطول زيجة فى حياته من بين زيجاته العشرة، والزيجة الوحيدة فى حياة النجمة، ولم تتزوج بعد طلاقها منه رغم أنها كانت فى قمة جمالها وشهرتها وقت الطلاق.
تشير الابنة إلى أن والدها تزوج قبل والدتها 9 مرات، ولكنه لم ينجب، ومنها زيجات من سيدات مجتمع إحداهن ألقت عليه ماء النار بسبب غيرتها الشديدة عليه فأصابت ذراعيه، حتى تزوج واستقر مع والدتها التى أحبها حبا كبيرا وأنجبا ابنتهما الوحيدة «أميمة»، وعاشا معا حياة مستقرة، حتى دب الملل بينهما، وتحكى الابنة عن طلاقهما الذى وصفته بأنه أغرب طلاق، قائلة: «كنا قاعدين بنتعشى فقالت له والدتى إن الحياة أصبحت مملة وروتينية فوافقها واقترح الطلاق واتفقا بهدوء على إتمام الطلاق».
لم تنقطع الصلة بين حامد مرسى وعقيلة راتب كما تؤكد الابنة مشيرة إلى أن والدها كان يزورهم دائما، وكانت والدتها تستشيره فى كل شىء وتسأل عنه إذا غاب، ولم تتزوج بعده رغم أنها كانت فى بداية الأربعينات من عمرها، ولم يتزوج هو أيضا إلا بعدما أشارت عليه بالزواج ليجد من يرعاه بعد تقدمه فى العمر، وبالفعل تزوج حامد مرسى الزيجة الأخيرة فى حياته من إحدى قريباته وبعد وفاتها ظلت عقيلة راتب ترعاه وتسأل عنه حتى وفاته.
تقول الابنة والحفيدة أن حامد مرسى توفى فى بيت عقيلة راتب وكان عمره وقتها 82 عاما، بعدما شعر بالتعب أثناء زيارته لهم، فرفضت الفنانة الكبيرة أن تتركه يذهب إلى بيته.
وبدأت الأعمال المسرحية للفنانة عقيلة راتب تقل مع بداية السبعينيات، كما أصبحت تؤدى دور الأم فى السينما وفى عام 1975 أنتج لها محمد عوض فيلم «احترسى من الرجال ياماما».
بعد انقطاع النور والأضواء
تحكى الحفيدة عن حياة جدتها بعد واقعة فقد بصرها التى شاهدت أحداثها حين كانت ترافقها أثناء تصوير فيلم المنحوس، مشيرة إلى أن الفنانة عقيلة راتب أصرت على استكمال المشاهد المتبقية لها، وبعدها ذهبت للطبيب الذى أكد أنه لا أمل من عودة بصرها مرة أخرى، لتظل النجمة الكبيرة آخر 10 سنوات من حياتها فاقدة البصر وبعيدة عن الأضواء.
وبمجرد أن نشرت الصحف خبر فقد عقيلة راتب لبصرها انهالت الرسائل والمكالمات من الجمهور والأطباء لتقديم المساعدة للفنانة التى أمتعت أجيالًا بفنها، حتى أن أحد المواطنين أرسل خطابًا نشر فى جريدة الأهرام بتاريخ 17 يوليو 1992 يعرض فيه التبرع بإحدى عينيه للفنانة التى كتبت عنها الأهرام أنها أصبحت تعيش فى الظل.
تشير ابنة الفنانة عقيلة راتب وحفيدتها إلى أنها ظلت رغم فقدها للبصر تدير كل أمور المنزل الذى عاشت فيه الابنة والحفيدة، وكان مفتوحا دائما ويوميا لاستقبال أقاربها الذين كانت تحرص دائما على ودهم واستضافتهم، كما كانت حريصة على مظهرها وجمالها، وتتابع الأحداث من خلال الراديو والتليفزيون، ورغم عدم تواصل أبناء الوسط الفنى معها خلال هذه الفترة إلا أنها لم تغضب أو تكتئب.
تؤكد الابنة أن والدتها نالت تكريمات وجوائز كثيرة، مشيرة إلى أن الملك فاروق حضر أوبريت «بيوت الناس» الذى كان يعرض فى الأوبرا الملكية ومنحها جائزة وحينها بكت عقيلة راتب وتمنت لو كان والدها على قيد الحياة ليرى ابنته وهى تحصل على هذا التكريم، كما كرمها الرئيس عبدالناصر والسادات.
وأشارت الابنة إلى أن مبارك كرم والدتها عام 1998 بعد 10 سنوات من ابتعادها عن الأضواء، وفرحت بهذا التكريم كثيرا، وقالت: «افتكرونى بعد 10 سنين»، وماتت فى العام التالى.
وتشير الحفيدة إلى أن جدتها لم تمرض سوى 4 أيام قبل وفاتها، وكانت بكامل وعيها، وكانت حزينة لعدم عرض أفلامها القديمة وفقدان عدد كبير منها فى حريق استوديو مصر، مؤكدة أنها استطاعت الحصول على عدد من هذه الأفلام المفقودة من لندن، وكانت تحلم بجمع أفلامها وتبحث عن فيلم «الغيرة» الذى كان من إنتاجها ولم تجده.
تشعر ابنة وحفيدة عقيلة راتب بالمرارة والحزن بسبب تجاهل سيرتها ومسيرتها الفنية كرائدة من رواد المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون، واختتمت الابنة حديثها قائلة: «مافتكروهاش لما احتفلوا بـ100 سنة سينما ولا تظهر صورها فى تترات المهرجانات والبرامج التى تتحدث عن عمالقة الفن ونسوا تاريخها الفنى الكبير».
صور عقيلة راتب (19)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة