4 ملايين مطلقة و9 ملايين طفل ضحايا للانفصال، والرقم مرشح للزيادة، مع حالة تحدث كل 4 دقائق، إنها حصيلة تفشى الطلاق بصورة تهدد الاستقرار المجتمعى وفق الإحصاءات والبيانات الرسمية الصادرة مستهل العام الجارى، لتطال الظاهرة حالات لا تتجاوز فيها أعمار زيجاتهم عدة ساعات من عقد القران، لتشهد محاكم «الأسرة» طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والأزواج والراغبات فى إيجاد حلول والخروج من دوامة العنف الأسرى.
ومن خلال تقارير محاكم الأسرة الرسمية ترصد «اليوم السابع» أسباب ارتفاع حالات الطلاق التى يأتى على رأسها تدخل الأهل والإسراف فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وتدهور العلاقة الزوجية ورغبة بعض الزوجات فى السيطرة.
وفق تقرير مكاتب تسوية المنازعات الأسرية فإن %90 من حالات الطلاق والخلع ترجع فى الأساس لتدخل الأهل فى حياة الزوجين وإشعال فتيل الخلافات الزوجية.
ومن خلال دفاتر محاكم الأسرة رصدنا بعض القضايا التى تظهر معاناة الزوجات والأزواج لتدخل الأهل فى الحياة الزوجية، حيث تحدثت «سلمى.ع» الزوجة صاحبة الـ34 عاما أمام محكمة الأسرة لتشكو من عنف أم زوجها قائلة: «مكثت 3 سنوات مع زوجى كنت مجرد قطعة أثاث لا رأى لى فى حياتى ومنزلى، لدرجة دفعتنى للتفكير فى الانتحار بسبب تحكمات حماتى ومنعى من زيارة أهلى».
وأكملت فى دعوى الخلع التى حملت رقم 7466 لسنة 2018 أمام أسرة الهرم: «خرجت من منزلى دون أن آخذ حتى ملابسى بعد أن ضربتنى بصحبة بناتها وأخذوا ابنى بالقوة وحرمونى منه».
%55 من الزوجات التى لجئن للطلاق والخلع، اشتكين من تقصير أزواجهم فى أداء مهامهم الزوجية، بسبب يرجع للمداومة على تعاطى العقاقير المنشطة والمواد المخدرة مما سبب آثارا جانبية على المدى الطويل، فيما شكا الأزواج من عواقب ختان الإناث لتصل النسبة إلى سيدة واحدة من بين كل 10 نساء تدهورت حياتهن الزوجية وتحصلن على الطلاق لأنهن كن مختونات.
وكشفت القضية رقم 1326 لسنة 2018 أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة عن قصة الزوج «أحمد.ك» صاحب الـ36 عاما، والمتزوج من «نهى.ف.ع»، واللذين دام زواجهما 6 شهور داخل عش الزوجية، حيث لجأت زوجته للهروب من جحيم العيش معه، على حد قولها، وذلك لتعنيفها بسبب العجز الذى يعانى منه، وهو ما دفعها للوقوف أمام المحكمة بعد أن رفض تطليقها وديا وتركها معلقة طوال عامين.
وأضافت الزوجة: «كان يتعاطى المنشطات والمواد المخدرة منذ كان فى سن المراهقة، كما اتضح لى بعد الزواج حتى أصابه العجز وعاقبنى أنا الضحية بالضرب والإساءة اللفظية».
تحتل الخلافات الناتجة عن إدمان وسائل التواصل نسبة كبيرة بعد حدوث خلل جسيم فى العلاقات الزوجية، لتكشف معاناة المتزوجين بسبب «فيس بوك» حتى وصلت إلى «الواتس آب» وغيرها لتصل النسبة إلى %15 من إجمالى الخلافات.
«نجاة عبدالرحيم.ط» خرجت من زواجها الذى دام عاما بخسارة حملها بعد تعرضها للإجهاض، بعدما رفض زوجها أن يذهب بها إلى الطبيب وتركها تنزف حتى كادت أن تموت، لولا تدخل جارتها التى ذهبت بها للمستشفى لتشكو بدعوى الخلع زوجها لتؤكد أن السبب الرئيسى فى خلافاتها معه إدمانه على مواقع التواصل والحديث مع الفتيات ومرافقتهن.
وأكدت نجاة البالغة من العمر 24 عاما فى دعواها أمام محكمة الأسرة بالسيدة زينب التى حملت 2301 لسنة 2018، أن زوجها أصبح عاطلا عن العمل، وعالة عليها بعد أن طرد من وظيفته بسبب إهماله وسهره للفجر واستخدامه المفرط للمواقع والمنتديات الإباحية.
ورصدت محكمة الأسرة بإمبابة ومدينة نصر وأكتوبر وزنانيرى وإمبابة، أن %52 الخلافات الزوجية التى تطورت لترك الزوجات المنزل والتوجه لإقامة دعاوى طلاق وخلع ترجع إلى اتهام الأزواج لهن بالإهمال فى مظهرهن وشكل أجسادهن بعد الزواج واتخاذه كذريعة للتهرب من قضاء الوقت بالمنزل والشعور بالملل من الحياة الزوجية، ليؤكد %22.2 من المطلقين والمطلقات عدم استمرار الحب بينهما لأكثر من سنة، فيما أكد نحو %15 أن علاقة الحب بينهما، لم يكتب لها الدوام لأكثر من ثلاثة شهور.
وتحكى الزوجة «صفاء.ب» صاحبة الـ28 عاما أمام محكمة الأسرة بزنانيرى فى طلبها للخلع بعد فشل زواجها الناتج عن قصة حب استمرت 4 سنوات قائلة: «بعد انقضاء شهر العسل ذهب الحب ولم يعد وأصبحنا دائمى الخلاف حتى وصل لدرجة مد يديه على وضاعت الكلمات المعسولة والقصص الرومانسية».
كشف تقرير مكاتب تسوية المنازعات الأسرية أن مدد الزواج لم تتعد فى %40 من الدعاوى 30 يوما - 12 شهرا - كحد أدنى، ونسبة %60 كانت من نصيب الأزواج التى طالت مدد زواجهم لـ15 عاما كحد أقصى، وشملت الأعمار أولئك الأزواج فى تلك الطبقة بين «30-45» عاما.
وتنوعت أسبابها بين إخفاء بعض الأزواج أمراضا مزمنة عن زوجاتهم، وآخرين يكذبون ويحتالون فيما يتعلق بعملهم وأهلهم، والبعض يهرب من تحمل المسؤولية الأسرية، وبعض الزوجات وفقا للأزواج ليست على مستوى من النضج وغير قادرات على تحمل مسؤولية الزواج.
ولم يكن الزوج «مجدى.ح.ف» أحسن حالا ممن سبقوه فهو الآخر ينتظر أمام محكمة الأسرة بإمبابة والسبب فى الدعوى التى رفعتها زوجته «شيماء.ه» برقم 1208 لسنة 2018، الخيانة التى جعلتها تقضى شهرا واحدا فقط فى زيجاتها بعد أن اكتشفت علاقاته المتعددة، وصارحها بأنه لا يستطيع أن يكتفى بامرأة واحدة فى حياته.
وقصت الزوجة: «تزوجت زواج صالونات بناء على اختيار أهلى، ورأيت حقيقة زوجى البشعة منذ أول يوم جمعنى معه تحت سقف منزل واحد، وعندما اعترضت تعرض لعلقة موت وطرد من منزلى إلى الشارع فجرا بملابس النوم، وأنا أحمل الآثار على جسدى النحيل وغارقه بدمائى».
%80 من الأزواج الذى أقيمت ضدهم دعاوى خلع اشتكوا من سيطرة الزوجات وقيامهم بإملاء الأفعال الواجب القيام بها تحت التهديد، إما بالطلاق أو الحرمان من الأطفال أو بالعنف الجسدى والحرمان من الحقوق الزوجية والهجر والبعض الأخر بالتهديد بترك المنزل.
«تعيس الحظ».. بتلك الجملة وصف الزوج «مصطفى.أ.ع»، حاله وهو يصرخ بمحكمة الأسرة لإثبات نشوز زوجته ورفع ظلمها عنه وضم حضانة طفلته سمر لوالدته، بعد أن قدم لمحكمة الأسرة بأكتوبر المستندات اللازمة لما تعرض له من بطش على يد زوجته طوال 4 سنوات ليؤكد: «عايزة ترجعنى ليها غصب».
وأكد مصطفى أمام محكمة الأسرة أثناء نظر جلسات تسوية المنازعات الخلافات القائمة منذ عامين بعد تركه لمنزل الزوجية، أنه تزوج عن حب ولم يظن أنه حياته ستؤول لتلك الكارثة بسبب عصبية زوجته التى لا يتحملها بشر ورغبتها فى التحكم فيه ومنعه من أسرته وطمعها فى جمع الأموال.
واحتلت الخلافات المادية نصيب الأسد من الخلافات الزوجية وخاصة أستغلال الأزواج للزوجات وإجبارهن على الإنفاق فى 2018 وسلبهن رواتبهن بالكامل.
ومن الحالات التى تؤكد معاناة السيدات بسبب الخلافات المادية والإجبار على التكفل بأزواجهن دعوى الطلاق للضرر رقم 8356 لسنة 2018، التى نظرتها محكمة زنانيرى، حيث روت السيدة «سمية.ح» عن مأساة متجددة شهريا معها طوال 7 سنوات بمنزل الزوجية، بسبب الخلافات المادية بينها وزوجها العاطل عن العمل الذى فضل أن يلازم المنزل ويحملها ديون بلغت 5 آلاف جنيه، بسبب استدانتها للإنفاق عليه.
واتهمت الزوجة التى حررت محضرا رسميا أمام قسم شرطة روض الفرج زوجها بتعنيفها وتعرضها للابتزاز المادى على يديه مقابل السماح لها بالعمل، مرددا كلمته الشهيرة: «يا تصرفى على يا مفيش شغل».
%35 من الزوجات تعرضن للضرب من قبل أزواجهن على الأقل مرة واحدة منذ زواجهن، و%69 من الزوجات يتعرضن للضرب فى حالة رفضهن معاشرة الزوج و%40 يتم ضربهن فى حالة الرد على الزوج بلهجة لا تعجبه، فيما اشتكى الرجال أيضا التعرض للعنف داخل الحياة الزوجية وتوجهوا لنفس المحاكم ليقيموا 6 آلاف دعوى نشوز وطلب فى بيت الطاعة.
وتحكى الزوحة «عبير.ك» البالغة من العمر 36 عاما، بكلمات صادمة عن حياتها الزوجية التى وصفتها بـ«الفاشلة» وهى تستند على سلالم محكمة الأسرة بزنانيرى قائلة: «منذ 3 سنوات كان زفافى الذى ظننته أسعد يوم فى حياتى ولكن اتضح العكس تمام بعد مرور شهرين تركت منزل زوجى بسبب جنونه وإلقائه يمين الطلاق دون حساب».
وتابعت: «حاول الأهل خلال خلافنا التدخل للصلح ولكنه صرح لهم قائلا: «خليها زى البيت الوقف قاعدة فى بيت أهلها»، وتطورت المشاكل لتصل لقيامه بالاتصال بى هاتفيا وتطليقى وبعدها رفض أن يثبته أو يراجعه وذهب وتزوج وتركنى أنا دون وثيقة تثبت موقفى الحالى، وعندما ذهبت لمحكمة الأسرة حتى أجد حلا حلف كاذبا أنه لم يحدث فرفض دعوى، وأقمت دعوى خلع حملت رقم 4569 لسنة 2018.
استشارى الصحة النفسية فاطمة عزت أكدت أن المجتمع المصرى شهد الكثير من التغيرات التى أثرت على التركيب النفسى لأفراده، وأصبح من الواضح جدا ظهور الجرائم داخل الاسرة بسبب التفكك المعنوى أو النفسى ما يظهر على شكل خلافات أسرية، وقد يكون ارتفاع معدلات الجريمة لدى المتزوجين مؤشرا على العنف فى الأسرة وعلى تفشى الصراعات الأسرية.
وتابعت: «بعض الحالات التى تشتد فيها الخلاف بين الزوجين يلجأ الزوج إلى سب وإهانة الزوجة كما قد يتطور الأمر إلى قيامه بالاعتداء عليها بالضرب ومع تكرار هذا الموقف تتكون لديها قيم سلبية تجاه زوجها أو يشتد فى نفسها الحقد والرغبة فى رد الاعتبار والانتقام منه».
وتابعت: «هناك أسباب كثيرة تدفع المرأة إلى العنف مع زوجها، فأحياناً تشعر الزوجة بالعجز عن إيصال صوتها أو الاعتراف بكيانها وقيمتها سواء كان ذلك فى مجتمعها أو فى بيتهاو ومع زوجها ما يؤدى بها إلى استخدام العنف، والخيانة أيضاً أحد الأسباب التى تدفع الزوجة للعنف فهى تشعر فى هذا الوقت أن كرامتها قد أهينت، وتريد أن تعيد كرامتها إلى نفسها فتلجأ إلى ذلك ظناً منها أنه الوسيلة الوحيدة التى يمكن أن تحقق بها ذلك».
وقال إبراهيم على سليمو المتحدث الإعلامى لصندوق المأذونين الشرعيين: «نرصد مشكلة الطلاق ونلمس الكثير من أسبابها ورأينا أثر تفشى هذه المشكلة التى تهدد السلام الاجتماعى، حيث تمتد آثارها السلبية إلى أجيال قادمة».
وأكد أن علاج مشكلة الطلاق يكمن فى زيادة الوعى الدينى عن طريق الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والمناهج التعليمية، وذلك للحد من إيمانات الطلاق الشفوى ومعرفة الحقوق والواجبات، وتوعية المقبلين على الزواج بطرق مواجهة المشكلات الزوجيه.
وأضاف أن تدريب القائمين على قضايا الطلاق فى مكاتب التسوية من الممكن أن يجنب مصر كثير من حالات الطلاق التى تقع يوميا، كما أن تدريب وتأهيل المأذونين الشرعيين على الإصلاح بين الأزواج والاستعانة بهم فى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، لأنهم أكثر معرفة ودراية بأهالى منطقتهم.
وأشار إلى أن الزيادة فى حالات الطلاق التى تقع بين المتزوجين لها كثير من الأسباب أهمها غياب الوعى الدينى والمشاكل الاقتصادية والبطالة وتهرب الزوج من الإنفاق على أولاده وسائل التواصل الاجتماعى، وزيادة العلاقات المنحرفة والشاذة وتعاطى المخدرات وانتشارها، مشيرا إلى أن قانون الخلع ساهم فى تشجيع الزوجات على الطلاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة