تتميز محافظة كفر الشيخ عن بقية المحافظات المصرية بأنها محافظة صناعية زراعية ساحلية ومعظم المهن متواجدة بها، لذا تتصدر المحافظة بقية المحافظات على مستوى الجمهورية إنتاجا، للعديد من المنتجات المتعددة فتنتج 70% من انتاج الأسماك لتعدد المزارع السمكية، وبها مزرعة بركة غليون أكبر المزارع فى الشرق الأوسط، وتنتج 40% من إنتاج الأرز وتضم العديد من المشروعات القومية العملاقة، وتمتلك ربع أسطول مصر من المراكب فى مدينة البرلس وقرى الجزيرة الخضراء " الجزيرة الخضراء، السكرى، أبو خشبه، برج مغيزل، " كما أنها تتميز بصناعة السفن سواء فى البرلس أو فى برج مغيزل، وبهما 20 ورشة تعمل فى هذه المهنة سواء صناعة أو إصلاحاً، ولا يقتصر الاهتمام بصناعة المراكب للصيد ولكنها أصبحت مقصد السياح من كل أنحاء العالم تتنزه فى نهر النيل وبمياه البحر المتوسط.
وتمتلك محافظة كفر الشيخ أكبر أسطول مراكب بمصر، نظراً لتميزها، ففيها أكثر من 1100 مركب صيد، ما بين صغيرة وكبيرة لتميزها بصناعة المراكب، وأكثر المناطق تميزاً بصناعة السفن مدينة برج البرلس، وهناك أسر بأكلمها تمتهن تلك المهن منذ 100عام وورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وما يميز كفر الشيخ، أنها تطل على البحر المتوسط بطول 118 كيلو وعلى نهر النيل بـ63 كيلو، كما تتميز بوجود ميناء البرلس الذى يسع للمئات من المراكب والتى تنطلق منه لمياه البحر المتوسط فى رحلات صيد، وبرغم من مخاوف من اندثار المهنة بكفر الشيخ إلا أن هناك أسر بأكملها تتمسك بها حفاظاً على مهنة الآباء والأجداد، وتظل طبيعة تلك المناطق لا تتغير مهما تغير ما حولها.
البرلس قلعة صناعة السفن
قال محمود محمد على من برج مغيزل، ليس لدينا مهنه سواها إما الصيد أو صناعة السفن والمراكب وإصلاحهما، ففضلت العمل بصناعة السفن والمراكب لعدة أسباب منها أنها فن تعلمته من أبائى وأجدادى ولأنها مطلوبه سواء داخل مصر أو خارجها بالإضافة أنها يتميز بالصبر وتلك المهنة تحتاج لصبر كبير ليخرج الصنيعى أفضل ما لديه.
وأضاف خميس عرفه، عضو مجلس إلإدارة مركز شباب برج مغيزل، ل " اليوم السابع "، هناك العديد من المدن والقرى بمحافظة كفر الشيخ يمتهنون بمهنة الصيد أو صناعة المراكب والسفن منها مدينة برج البرلس وقرية برج مغيزل والجزيرة الخضراء، وأبو خشبه، والسكرى، ويعمل أهالى تلك المناطق بحرفة الصيد إما بالصيد فى مياه البحر المتوسط أو الحصول على تصاريح للعمل فى المياه الإقليمية لبعض الدول العربية والأوربية، وعلى ضفاف بحيرة البرلس ورش صناعة السفن يعمل بها الصغار والكبار فهى مهنة الآباء والأجداد يحافظون عليها.
احدى ورش صناعة السفن بالبرلس
وقال أحمد نصار، نقيب الصيادين، تتعدد ألأنواع السفن والمراكب التى تُصنع ببرج مغيزل وبالبرلس منها " الفلوكة " تعمل بالشراع الصغير ومنها أشكال عديدة للصيد بالشباك، ومراكب "السمبك" وهو زورق صغير وخفيف يستعمله صياد واحد فقط، وهناك "المراكب الكبيرة "و"الشراع المثلث"، والمراكب التى تستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى كنقل البوص الذى يستخدم فى الكثير من الصناعات، وهناك " "الشنشيلا" تستعمل فى الصيد الداخلى، وهناك مراكب المصنوعه من الحديد يستخدم فى صناعته النوع الجيد من الحديد المصرى فثمنه مرتفع وصناعته بالطلب مؤكداً أن مدة صناعة المركب الحديد 6 شهور ، أما الخشب 8 شهور، وسعر المركب 2 مليون جنيه، وهناك مركب "الجر" مساحته 50 مترا يتكلف 2 مليون جنيه ويستخدم فى الصيد بالمياه الإقليمية.
وأضاف نصار، العالم كله شهد لأهالى البرلس والجزيرؤة الخضراء بإيجادة صناعة السفن، ولا يوجد أعظم شهادة على تاريخ تلك المهنة والحفاظ عليها واتقانها مما قاله "باتريس بوميه" مدير أبحاث المركز الوطنى الفرنسى للبحث العلمى وعالم الآثار البحرى "إن الشيء اللافت للانتباه هو التنوع الكبير فى مراكب البحيرة وكل نوع مخصص لاستخدام معين، وهناك "الفلوكة" التى تعمل بالشراع الصغير وتستخدم أشكالاً عديدة للصيد بالشباك وهناك "السمبك" وهو زورق صغير وخفيف لصياد واحد يعمل به منفردًا، وهناك أنواع فلايك أخرى تستخدم فى نصب شبك الترقيد أو شبك اللفة والشورى، وهناك "المركب الكبيرة" و"الشراع المثلث، وهناك مراكب ذات الساريتين وتستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى، كنقل البوص الذى يستخدم فى الكثير من الصناعات، ولم يكتف بالقول فقط ولكنه انتج فيلماً تسجيلا عن هذه الصناعة بالتعاون مع المركز القومى للبحث العلمى ومركز الدراسات بالإسكندرية، مما يدل على عراقة تلك الصناعة، مما دفع باترس، يعبر عن تنوع السفن والمراكب بالبرلس، مؤكداً أن هناك أكثر من 10 ورش لصناعة السفن بقرى الجزيرة الخضراء والتى تتتميز بصناعة السفن وتمتلك حوالى ربع الأسطول المصرى من المراكب، ويتم تعليم الأطفال والكبار مهنة صناعة السفن.
انتشار ورش صناعة السفن على ضفاف بحيرة البرلس
و أكد أيمن صلاح أبو النجاة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة فوه للتراث السياحى، لم تعد المراكب للصيد فقط، ولكنها أصبحت مقصد للسياح من كافة الجنسيات أوربية، وأمريكية وأفريقية، للتنزه بها، وبدأ الإهتمام بالمراكب وتزيينها لتكون لائقة للتنزه، خاصة أن السياح يحرصون على التقاط الصور وصاحب المركب يتفنن لتكون مركبه فى أبهى صورة، واشتهرت بذلك مدينة فوه والتى تشهد اقبالاً كبيراً من السياح من كافة الجنسيات للتنزه بنهر النيل وقضاء أوقات ممتعة.
وقال على عبد الرحمن القصاص، صاحب ورشة لصناعة السفن، أنه ورث تلك الصناعة من أجداده، وحافظ عليها وسيورثها لأبناءه من بعده لتظل عائلة القصاص تحافظ على تلك المهنة الشاقة، وتتميز البرلس بصناعة السفن بكل أنواعها، وبها 10 ورش لتصنيع المراكب بمختلف الأحجام بدءًا من 12 مترًا طولاً إلى 32 مترًا ويختلف تصميم كل مركب حسب المقاس ونوع الصيد فمثلاً مركب الشنشلا الذى يقوم بالصيد على عمق 5 أمتار تقريبًا لابد أن يكون مرتفعًا وهو النوع الذى يعمل فى البحر حتى آخر حدود المياه الإقليمية ويتحمل البقاء به لثلاثين يومًا وحمولته 100 طن تقريبًا ويعمل عليه 50 صيادًا.
وأضاف على عبد الرحمن القصاص، صاحب ورشة لصناعة السفن، أن كل ورشة يمكنها إنتاج 10 مراكب سنويًا حسب الطلب الخارجى ورواج سوق الصيد داخليًا وتصنع المراكب الخشبية من أخشاب أشجار الكافور والسنط واللبح والتوت المشتراة من المناطق الريفية فى محافظات المنوفية والغربية والبحيرة والدقهلية والأفضل الأشجار القديمة التى يزيد عمرها على 100 عام، لافتا إلى أن الذى به اعوجاج يكون سعره أغلى لأن الطلب عليه أكثر حيث يتم تصنيع معظم المركب والهيكل منه أما الألواح فتستخدم الآن خشب السويد المستورد وهو للأسف أقل جودة من الأخشاب القديمة الباتش باين التى نشتريها من أنقاض المنازل والقصور القديمة، وخشب التك وكان أغلى من الأرو والزان ولا تؤثر فيه الريح أو المياه، وظلت ورش تصنيع المراكب فى البرج تستخدم هذه الأنواع من الأخشاب المستخرجة من المنازل والقصور القديمة وكانت أعمارها الافتراضية لا تقل عن 30 عامًا ولكن المراكب المصنعة من أخشاب السويد لا تتحمل أكثر من 15 عامًا فى أفضل الأحوال بشرط استمرار الصيانة ولذلك فإن أغلب ورش تصنيع المراكب وغيرها بدأت تتجه الآن إلى استخدام الحديد فى صناعتها.
وقال القصاص، أن هذه الصناعة لا تقتصر على مراكب الصيد فقط فنفس هذه الورش تقوم بتصنيع المراكب السياحية المستخدمة فى الغردقة وشرم الشيخ والمراكب النيلية، وتقوم بعض الورش فى قرية البرج بتصنيعها وتصدير هذه المراكب إلى المناطق السياحية وقبرص واليونان وتونس والمملكة العربية السعودية، وحجمها يتحدد حسب الطلب وإن كان أكبرها طوله 30 مترًا وعرضه 8 أمتار ويضم 9 كبائن والتصميم الرئيسى واحد ولكن الاختلاف يكون فى الإمكانات والتجهيزات وتصميم أعلى المركب ولا فرق بين مراكب السياحة أو الصيد إلا فى الفرش والتجهيزات أما أجهزة الملاحة فهى واحدة.
وقال القصاص، رغم أن هذه الصناعة توفر العمل لآلاف من الصناع المهرة المحترفين وتمثل علامة مهمة لمجتمعات السواحل وتدر دخلاً من العملة الصعبة خلال التصدير فكل ورشة تستطيع أن تقوم بتصنيع 10 مراكب سنويًا على الأقل إلا أن العدد تراجع لأكثر من 70%، لتراجع الصيد فى أعالى البحار وأمام سواحل الصومال واليمن وليبيا وصعوبة الحصول على تصاريح الصيد وصدور قرارات بوقف الصيد داخليًا فى البحيرات فى مصر فى فترات طويلة من كل عام.
وأضاف على القصاص، أن مهنة صناعة السفن تراجعت فكنا نصدر 10 مراكب فى العام أما هذا العام يتم صناعة اثنين لتصدريهما للسعودية، وما يعوق عملنا مطاردة مجلس مدينة البرلس بالمحاضر والغرامات وإزالة التعديات فى المنطقة التى نمارس فيها تصنيع المراكب ومضاعفة الأعباء المالية نظير حق الانتفاع ورغم أن المساحة لا تزيد على 1000 متر إلا أن مجلس المدينة يزيدها إلى 2000 متر على الورق بهدف مضاعفة ما أدفعه من رسوم.
وأضاف أن صناعة السفن ومراكب الصيد بدأت فى الانقراض لعدم توفر الأخشاب وغلو الأسعار، وعدم تجديد الصيادين لمراكبهم لتوقف التراخيص، فلا يوجد إحلال وتجديد للمركب، وهناك عدد كبير من الصيادين تركوا المهنة وسافروا للدول العربية للعمل بها والمحليات غير متعاونة.
رسو المراكب على شاطئ بحيرة البرلس
صناعة السفن مهنة الاجداد بكفر الشيخ
ميناء الصيد بالبرلس
جانب من رسو المراكب ببحيرة البرلس
ميناء البرلس بكفر الشيخ
نوع من انواع مراكب الصيد الصغيرة يستخدمها الصيادون للصيد ببحيرة البرلس
ميناء البرلس يستقبل السفن
استماع برحلة نيلية مع الصيادين
الوفد مع الصيادين بنهر النيل
جانب من الرحلات النيلية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة