لا تزال أصداء الفوضى التى أعقبت إعلان رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماى عن خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبى فى المقر الريفى "تشيكرز"، تهيمن على المشهد السياسى فى المملكة المتحدة، بل وطال آثرها الوضع الاقتصادى مع تزايد التحذيرات حيال عدم التوصل إلى اتفاق حول "بريكست"، إذ سيسفر عن "مخاطر واضطرابات"، بحسب وزير البريكست.
واعترف دومينيك راب وزير بريكست البريطانى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دون التوصل سيزيد "المخاطر والاضطراب" فضلا عن تأثر الشركات والصادرات التي تضررت بالفعل من الرسوم الجمركية.
وكتب راب فى مقال له – بحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية - أن الوزراء يمكن أن "يخففوا من المخاطر ، من خلال تقليل تدفق الواردات إلى المملكة المتحدة من خلال "الاعتراف ببعض السلع التابعة للاتحاد الأوروبي بكونها صالحة للاستيراد "، على سبيل المثال.
وحذر من أنه فى حال "سيناريو الخروج دون اتفاق، لن نتمكن من التحكم في قبول الاتحاد الأوروبي لسلع المملكة المتحدة "، مضيفا: "ستكون هناك مخاطر وبعض الاضطرابات على المدى القصير. وأغلب الظن سيؤدى تشديد التأمين على حدود الاتحاد الأوروبي إلى تأخيرات للشركات."
وحذر دومينيك راب مجددا الخميس من أن بلاده لن تسدد كامل فاتورة الخروج من الاتحاد الأوروبى فى حال عدم التوصل إلى اتفاق حول بريكست. وصرح راب لاذاعة "بى بى سى" أن إحدى تبعات مثل هذا الاحتمال "ستكون بوضوح أننا لن ندفع الأموال المتفق عليها فى إطار اتفاق الخروج"، فى إشارة إلى اتفاق تمهيدى تم التوصل إليه فى ديسمبر بين الأوروبيين والبريطانيين وينصّ على أن تسدد لندن فاتورة بقيمة 39 مليار جنيه استرلينى (44 مليار يورو.)
وتابع راب أن المملكة المتحدة "تعلم بالطبع التزاماتها القانونية، مضيفا "لست أقول شيئا لم أقله فى قاعة المفاوضات أو لن أقوله مباشرة لاصدقائنا وشركائنا فى الاتحاد الأوروبى وأعتقد أن الأمر معروف جيدا من الجانبين".. إلا أن راب اعتبر أنه "من غير المحتمل" عدم التوصل إلى اتفاق، لكن فى حال حصل ذلك فلن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبى أن "ينتقى" عناصر المحادثات التى تناسبه وخصوصا تسديد الفاتورة.
ومن ناحية أخرى، حذر بنك انجلترا المركزى من المخاطر المتزايدة التي سيتعرض لها الاقتصاد البريطاني إثر خروج بريطانيا دون التوصل إلى اتفاق مع أوروبا، لاسيما مع ترقب الشركات التى أوقفت استثماراتها انتظارا لما سيحدث.
ومع تصويت لجنة السياسة النقدية المكونة من 9 أعضاء في البنك بالإجماع على إبقاء نسبة الفائدة عند 0.75٪ ، حذرت اللجنة نفسها من وجود مؤشرات متزايدة على وجود ضغط مرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منذ اجتماعها الأخير قبل شهر.
وعلى الرغم من تحسن الصورة للنمو الاقتصادي في الأسابيع الأخيرة ونمو الأجور القوي للعمال البريطانيين ، وجدت شبكة عملاء البنك الإقليمية أن الشركات بدأت في تعليق خطط الإنفاق أو بدأت تحولها إلى دول أخرى.
وﻗﺎل البنك المركزى إن نوايا الاستثمار خلال السنة المقبلة تراجعت موضحا أن "المخاوف تتعلق بزيادة المشكلات التجارية مع الاتحاد الأوروبى بعد الانسحاب".
ومن ناحية أخرى، حذرت وكالة موديز للتصنيف الإئتمانى اليوم الخميس، من أن بريطانيا قد تعانى من الركود، والجنيه الإسترلينى قد ينهار، بجانب ارتفاع أسعار البضائع بشكل كبير فى حالة عدم التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبى بشأن البريكست.
وأوضحت الوكالة فى تقرير لها أن احتمال عدم وجود صفقة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "قد ارتفع بشكل كبير.. ومن المرجح أن ينظر إلى التأثير الفورى للبريكست دون إبرام صفقة أولا فى انخفاض حاد فى قيمة الجنيه البريطانى، كما كان واضحا أيضا بعد الاستفتاء الذى جرى فى عام 2016 بشأن عضوية البلاد فى التكتل الأوروبي."
وتابعت الوكالة فى تقريرها " الانخفاض فى سعر الصرف سيؤدى إلى ارتفاع التضخم، وبالتالى زيادة الإنفاق على السنوات الثلاث التالية، وهذا بدوره سيؤثر على إنفاق المستهلكين ويخفض النمو".
وأضاف التقرير أنه سيكون من الممكن أن تتراجع وزارة الخزانة عن ضريبة الدخل، ويمكن للمملكة المتحدة " الوقوع فى الركود بسرعة كبيرة".
كما ذكرت موديز أن قطاعات السيارات وشركات الطيران والفضاء والمواد الكيماوية ستتأثر بشكل كبير، لأنها تمثل أكبر تدفقات تجارية فى الاتحاد الأوروبي.. وسيكون التأثير على قطاع البيع بالتجزئة "جوهريا"، نظرا لارتفاع الرسوم الجمركية على منظمة التجارة العالمية.
ويأتى هذا التحذير فى الوقت الذى تنشر فيه الحكومة مجموعة أوراقها الفنية حول ما يمكن أن يحدث إذا تركت بريطانيا الاتحاد الأوروبى دون اتفاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة