منذ سنوات أصبح تنظيم القاعدة مجرد كومبارس فى ساحات الإرهاب بعد أن غطت على صورته تنظيمات أكثر إرهابا، أبرزها داعش، التنظيم الأكثر دموية وأعلى فى توظيف الدعايات.
داعش خطف النجومية من القاعدة لفترة، قبل أن يفقد بريقه بعد هزائم متعددة، وهى هزائم جاءت بعد أن أدى التنظيم دوره فى توفير مساحات من الفوضى فى الشرق الأوسط التعيس، القاعدة كان التنظيم الذى منح الولايات المتحدة الأمريكية مسوغات غزو أفغانستان والعراق، بعد إعلان القاعدة أنها نفذت هجمات 11 سبتمبر، وداعش أكمل مهمة القاعدة، ونشر مساحات من الفوضى تتطلب عقودا كثيرة لتنتهى تأثيراتها وحقق لرعاته بعض أهدافهم وحول الربيع العربى إلى ربيع دموى يأكل الشعوب بدلا من أن يقدم لها مستقبلا.
ساهم القاعدة ومن بعده داعش والنصرة وطوابير التنظيمات الاستخبارية، فى تعميق الصراعات العرقية والدينية والمذهبية، وأطاحوا بآمال الشعوب العربية فى مستقبل حقيقى، وأكملوا مهام الطغاة فى تفتيت العراق وسوريا وليبيا واليمن.
توارى تنظيم القاعدة، خاصة بعد مقتل أسامة بن لادن، وبقى مجرد فلكلور إرهاب، بينما احتل داعش الصورة، واعتاد الزعيم الحالى للقاعدة أيمن الظواهرى الظهور كل فترة وإعلان بيان مسجل يهدد فيه ويتوعد ثم يدخل فى كمون، انتظارا لمناسبة أخرى.
ظهر أيمن الظواهرى مؤخرا فى فيديو موسمى، بمناسبة فى الذكرى الـ17 لهجمات 11 سبتمبر، وبالرغم من أن تنظيم القاعدة والظواهرى أصبحا فى وضع ضعيف وخارج حسابات الزمن، ويبدو أن الولايات المتحدة تبقى عليه لاستعماله كحجة دائمة لوجود تهديد، والدليل أن الظواهرى خرج ليدعو أتباعه إلى شن هجمات جديدة فى الولايات المتحدة، وليذكر بأن التنظيم هو من نفذ الهجمات.
بعد شهور من الانقطاع أطلق الظواهرى خطابه الفلكلورى، ليدعو المسلمين لشن حرب ضد الولايات المتحدة و«تدميرها اقتصاديا وعسكريا حتى تخرج من البلاد التى تحتلها مهزومة»، وكعادته حشر الظواهرى القدس وسط خطابه وأعلن أنه اكتشف أن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل «برهان على التحيز الأمريكى لليهود والمسيحيين».
بالطبع الظواهرى يحشر فلسطين فى خطاباته بينما لم يحدث فى الماضى أو الحاضر لا من القاعدة ولا ابنه داعش أن قدموا شيئا لفلسطين، ولا تفسير لظهور الظواهرى من مكمنه سوى الظهور الدعائى ومنح أمريكا والغرب المزيد من الأدلة، على أن هناك تنظيم يمثل تهديدا حتى ولو من خلال الفيديو والإنترنت.
اعتاد الظواهرى زعيم بقايا تنظيم القاعدة، إطلاق بيانات مسجلة يمثل فيها دور الإرهابى، بينما هو منسى فى جبال باكستان طوال 7 سنوات، ويستغل الفرصة ليعود إلى الأضواء، وقد حاول أن يقنع رعاة داعش أنه أكثر إرهابا منهم، وللكوميديا أن الظواهرى كفر داعش واعتبرهم خوارج وأصحاب دين مزيف، بينما القاعدة حارس الدين الأصلى، وهو نوع من الكوميديا الإرهابية السوداء تعكس حجم المنافسة بين التنظيمات الإرهابية التى تعانى البطالة أو تنحسر عنها الأضواء، ويبدو أن عودة الظواهرى محاولة للحصول على تمويل من رعاة حولوا العطاء إلى داعش.
الظواهرى يعرف أنه يقود بقايا تنظيم كوميدى يعمل بالوكالة ويقدم خدماته لمن يدفع، ويعرف أن القاعدة كانت أحد العوامل التى منحت أمريكا وجورج دبليو بوش حجة غزو أفغانستان والعراق لحماية أمن الولايات المتحدة، بينما لم يقدم «القاعدة» وزعيمه الظواهرى غير إطلاق المزيد من الفيديوهات التمثيلية التى تحوى تهديدات فارغة، كل دورها أن تقدم لأمريكا المزيد من الأدلة على أن أمنها معرض للخطر من تنظيم الفيديوهات الظواهرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة