أصبحت المصطلحات فى التعليم أهم من المناهج، والمسميات تتقدم على التربية، والنكتة السائدة فى المدارس الخاصة الآن هى «السبلايز»، أو قائمة مطالب من أولياء أمور تلاميذ الحضانة «كى جى»، هذه القائمة تطورت حسب تطور الدعاية والتسويق وليس تطور مستويات التعليم.
هناك أجيال كانت المطالب التعليمية تتركز فى الكراريس والكشاكيل والكتب والبراية والأستيكة، وحديثا زمزمية للمياه، وكيس للسندوتشات تطور إلى أن يصبح علبة بلاستيك مغلقة، قبل أن ينتهى إلى ما يعرف بصندوق الغذاء أو «اللانش بوكس»، أصبح أنواعا وأشكالا متعددة وأسعارا شديدة التفاوت، وفيه حركات تتناسب مع العصر المعلوماتى التقنى الإلكترونى، بصمات العين واليد واللسان، مثلما جرى مع حقيبة مدرسية بدأت بجنيهات، ووصلت إلى مئات، وهى أمور يمكن أن تصيب المواطن التقليدى بالكثير من الدهشة، وهو يرى تطور التعليم فى قوائم طلبات «شمهورش».
قائمة الطلبات انتقلت من زمن البراية والأستيكة وكيس السندوتشات إلى «سبلايز ليست supplies list»، التى تعنى «قائمة اللوازم» وتتجاوز مطالب تعليمية إلى ما يشبه قائمة تجهيز عروس تستعد للزواج، وكلما كانت المدرسة أغلى تضاعفت قائمة السبلايز التى تتضمن مقصات ولوحات وملابس وأدوات نظافة بكميات ضخمة.
ونظرة على قائمة مدرسة خاصة من تلاميذ «كى جى تو» تكتشف أنها مطالب لمشارك فى معسكر صحراوى أو رحلة للفضاء، القائمة تتضمن «سكيتش ملون وألوان شمع و10 أقلام رصاص، و10 أساتيك، وصمغ وبرايات، وأقلام ماركر للسبورة وصلصال، وقص ولصق ومقص، كشاكيل مربعات وأخرى للإنجليزى وأخرى للعربى، 120 صفحة جلاد، ولا يمكن نسيان الباج-الشنطة- واللانش بوكس واللانش باج لزوم اللانش بوكس «وأدوات نظافة مناديل ومنشفات وفوط ومنظفات وصابون ومطهرات ومعطرات وملابس للطفل».
والسؤال: ماذا يفعل التلميذ بكل هذه الأقلام والأساتيك والجلاد والمنظفات، وهل تجعله أذكى من نظيره ما قبل «السبلايز»، خاصة أن التلاميذ جميعا أو أغلبهم يذهبون إلى الدروس الخصوصية، اعترافا بفشل «السبلايز».
كل هذا يعنى تحويل التعليم إلى بيزنس وتجارة، من الحقيبة للزى المدرسى الذى يتم بالاتفاق مع شركات معينة، يتكلف عشرات الجنيهات ويباع بمئات، وكل بند من بنود المدارس الخاصة تجارة وبيزنس يتم علنا.الوزارة تحذر لكنها لا تتخذ إجراءات رقابية أو عقابية، لا توجد أى رقابة حقيقية.
طبعا مطالب قوائم المدارس تناسب طرديا مع حجم المصروفات، ولا توجد دلائل أو تجارب أو أبحاث أن هذه المطالب تجعل التلميذ أكثر ذكاء أو تحصيلا أو حتى أكثر صحة، لكنه يجعل أصحاب المدارس أكثر ثراء، والمفارقة أن المدارس التى تهتم بمطالب خرافية لا تهتم بمنح المعلمين رواتب مناسبة، استنادا إلى عدم وجود وظائف، وهو أمر كاشف وواقع يحتاج إلى إعادة نظر ومواقف تتجاوز التحذير والبيانات.