- حسان أطلق شرارة حرق نفسه بفيديو الهجوم على مبارك بعد التنحى وترقى إلى مرتبة المنافقين حينما أخرج له الشباب فيديو قبل الثورة يمدحه ويحرم المظاهرات.
- تناقض فتاوى حسان قبل 25 يناير وبعد تنحى مبارك حول الخروج على الحاكم والتظاهر وتودده للشباب المتظاهرين بعد الهجوم عليهم أول ورقة سقطت لتعرية الشيخ المتلون.
- طمع حسان فى دور الشيخ السياسى وخطب عن الطغيان والحكام العرب الظلمة فظهرت صوره فى زيارة القذافى عام 2008 وهو يمدحه ويتملقه ويصفه بالعادل نصير الإسلام.
- ثورة 30 يونيو لم تمنح حسان فرصة للتلون.. دعم إرهاب الإخوان وفضحوه.. ناصر اعتصامهم وشتموه.. حاول التودد للدولة بمبادرة الحوار مع الإرهابيين فكشف الإرهابى عادل حبارة أمام النيابة أن الشيخ حسان هو الأب الشرعى للأفكار الإرهابية التكفيرية
حتى أيام الله منحوها اسمه.. أربعاء محمد حسان
كنا صغارا ولكن بعض الوعى كان حاضرا، كنا نشاهد الطرق المؤدية إلى مدينة المنصورة مزدحمة بمئات الجلابيب واللحى القادمة فى أتوبيسات خاصة وسيارات أجرة لحضور الدرس الدينى الأشهر فى تلك الفترة للشيخ محمد حسان الذى كان يزاحم أبو إسحاق الحوينى على لقب أيقونة السلفيين فى مصر.
يجلس على كرسيه المرتفع فوق رؤوس الحضور داخل مسجد ومركز التوحيد عقب صلاة المغرب كل أربعاء يخطب ويعظ ويبكى ويتشنج ويحكى قصصا لما كبرنا أدركنا أنها بلا أصول ولم تمر على مسار تحقيق فقهى محترم وشرعى، كان الناس فى الشوارع يتهامسون حول بياض وجه الشيخ، والنور الذى «يشع» من وجهه، بعضهم كان يقاتل ويضرب البعض من أجل أن يجلس أسفل قدمه ربما يمرر شفتيه بقبلة على قطعة من جسد الشيخ حتى ولو قدمه.
كان حسان ذكيا ومفوها يجيد التلاعب بالألفاظ ودمج القصص لهدف واحد هو انتزاع دموع الحضور وهمهمات بكائهم، كانت تلك قاعدة معروفة، الشيخ الأكثر قدرة على استجلاب دموع وبكاء الحضور هو الأكثر شهرة بلا شك، لذا كان حسان يقدم نفسه للناس بالقصص الجالبة للتعاطف وربما لم يكن خافيا على البعض وقتها أن خطبته التى تم تعبئتها فى شريط كاسيت عن وفاة النبى محمد صلى الله عليه وسلم وتحديدا لحظة الموت ودفن الجسد الطيب كانت الأكثر مبيعا وانتشارا فى الميكروباصات ودكاكين البقالة ومحلات الملابس و«فرشة» الكتب الدينية والسواك والسبح التى احتل بها السلفيون أرصفة المساجد والزوايا فى محافظات مصر.
كان غريبا أن تلمح على وجوه الخارجين من دروس محمد حسان هذا الأسف على حياتهم بعد كلمات الشيخ عن الزهد والإنفاق ورفض زينة الدنيا طمعا فى الآخرة، رغم أنهم نفس الحضور الذين تزاحموا قبل بداية الدرس أمام أبواب المسجد لحمل الشيخ من سيارته الفارهة بساعته وملابسه التى يفوق ثمنها ما يمكنه إطعام وكساء قرية كاملة من قرى محافظة الدقهلية الفقيرة، ولكن المسألة محسومة فى خطبة الشيخ الأثرياء «الوحشين» لا يزدهون ولا ينفقون وتلك خطيئتهم حبهم للدنيا الذى يظهر على ملابسهم وسياراتهم ومنازلهم وزينة دنياهم، بينما حسان ومن معه من الشيوخ كل هذا الزخرف والبذخ الذى يزين حياتهم ماهو إلا واجب وشرعي وتنفيذ للأمر الربانى «وأما بنعمة ربك فحدث».
فى تلك الفترة الزمنية كان محمد حسان ومن معه من شيوخ التيار السلفى يتاجرون كثيرا فى خطب الجمعة غير المسجلة بقصص عن اضطهاد الملتحين، ويستبكون الناس ويحضرونهم ضد المجتمع والدولة التى تكره الإسلام لأنها قبضت على الأخ فلان وهو ذاهب لصلاة الفجر بسبب لحيته، وأن الدولة تضيق على المشايخ وتحرمهم من المساجد، المثير هنا أن دراويش الشيخ محمد حسان وأتباعه كانوا يعودون من هذه الدروس وقلوبهم تمتلأ بشحنات من الغضب ضد الدولة وضد المجتمع الكاره للمشروع الإسلامى والمظاهر الإسلامية دون أن يسأل أحدهم نفسه ولماذا تسمح دولة مبارك التى تنتفض لمواجهة أى تجمع عمالى يتظاهر أو يحتج من أجل حقوقه، بينما تصمت وتفتح المجال بل وتؤمن الآلاف الذين يحضرون دروس الشيخ حسان؟، بل وكيف يصدقون حسان وهو يتحدث عن هذا الاضطهاد بينما هو نفسه مفتوحة أمامه كبرى المساجد فى محافظات مصر يخطب فيها الجمعة ويعطى دروسا، ويظهر على الفضائيات، ويؤسس شركات لإنتاج الكاسيت، ويحتل مريدوه عشرات الأرصفة لترويج كتبه وشرائطه؟
هم يعلمون الإجابة، ولكن يخشون المواجهة لأن فى آخر طريقها إجابة بأن شيخهم كذاب، لذا فإن الطريق كله حرام، هم يعلمون كما غيرهم وكما اعترف الشيخ محمد حسان فيما بعد أن وجوده ووجود زملائه من شيوخ التيار السلفى على الساحة بهذه القوة جزء من مضمون اتفاق يلتزم الشيخ من خلاله بالبعد عن السياسة والحديث فيها، بل وتقديم فروض الولاء والطاعة لنظام مبارك وتهدئة الناس إن غضبت بأحاديث وفتاوى فقهية من نوعية تحريم التظاهر والخروج عن الحاكم وغيره.
ظنت مؤسسات دولة مبارك وقتها بأنها صفقة رابحة تحاصر بها التواجد الإخوانى وتستغل من خلالها شعبية مشايخ السلف لصالح الاستقرار، ولكن ما حدث بعد ذلك أثبت أن الرابح من الصفقة هو محمد حسان وتياره السلفى، ازدادت سيطرتهم على المساجد والزوايا مقابل تراجع المؤسسات الدينية الرسمية للدولة، تضاعفت مساحات شهرتهم، وبالتالى سيطرتهم على عقول المصريين، بدأوا الطعن والتشكيك فى الأزهر وشيوخه رويدا رويدا حتى كانت المحصلة انعدام ثقة شعب فى مؤسسته الأزهرية، ابتعدوا عن الحديث المباشر فى السياسة، ولكنهم سقوا عقول المصريين التطرف المعادى للدولة والمكفر للمجتمع قطرة قطرة، وحينما تجلت لحظة ضعف دولة مبارك فى 25 يناير 2011 انقضوا عليها وفرضوا سيطرتهم وخططوا لسرقتها نحو منطقة طالبان والصومال وكل تجارب الحكم الإسلامى بشقيه السلفى والإخوانى، غير أن تلك اللحظة التى ظنها حسان لحظة تمكين وبدأ يبحث عن دور سياسى ويخلط ما هو دينى بما هو سياسى بعدما كان يحرمه فى زمن مبارك كانت لحظة حرقه وفضحه وبداية سقوطه.
تغير الزمن وتغيرت وسائله، خرج حسان من منطقته الآمنة إلى منطقة أكثر رحابة، اشتبك فى خطبه مع الوضع السياسى بأحداثه السريعة المتتالية عقب ثورة 25 يناير مصدرا نفس منطقه الذى كان يؤثر فى نفوس مريديه بأن الإسلام لديه حلول لكل شىء وتطبيق الشريعة هو طريق النجاة التى لن تتحقق إلا بوجود الإسلاميين فى السلطة، ولكن الشيخ حسان غفل عن أنه خرج من منطقته الآمنة، حيث المريدين الذين يصطفون لتقبيل يده أثناء الدخول إلى المسجد إلى مساحة رحبة ثورية يملؤها التمرد والرغبة فى التحقق من كل شىء، ولا يمر على عقول شبابها التناقض وتغير المواقف حسب الهوى ووفق المصلحة مرور الكرام.. فلما ظهر حسان إلى النور، وظنه أنه نور الشهرة والسيطرة كانت نارا تحرقه وتحرق كل ما جمعه خلال سنوات طويلة مضت.
طمع الشيخ حسان فى مد ظلال شهرته إلى الساحة السياسية، فأحرقته السياسة، تخيل أنه سيخطب كما سيخطب فى مسجد التوحيد، ولن يجد من الناس سوى همهمات البكاء والاستحسان، تخيل أنه ومن معه من شيوخ التيار السلفى سيكون لهم نفس مكانة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وشكل بالفعل هيئة لكبار المشايخ ونصبوا أنفسهم أصحاب مرجعية، وبدأوا فى نزول ساحة السياسة، وبدأ خريفهم.
بدأت لعبة التناقضات تفضح حسان وتكشفه، بدأ الشباب السلفى وغير السلفى يسأل: لماذا يتكلم الشيخ الذى كان يلعن السياسة فى السياسة بل ويمارسها.. لماذا يحلل الانتخابات وتشكيل الأحزاب ومشاركة المرأة بعد أن كان يحرمها؟، لماذا يصف الخروج على الحاكم الآن بأنه جهاد وواجب شرعى بعد أن كان يحرمه فى خطب شهيرة.
كانت شرارة حرق محمد حسان جاهزة، وهو من أشعلها بنفسه فى يومين مختلفين، افتضح فيه أمر حسان حينما اكتشف الجميع أنه شيخ كذاب ومتناقض، نسى الشيخ حسان أن الأرشيف لا يكذب، والأرشيف لم يعد مجرد ورقة ولا شريط كاسيت من تلك التى ساعدته فى السيطرة على إمبراطورية الميكروباصات فى مصر، بل مقاطع فيديو تثبت بالصوت والصورة أن محمد حسان ليس إلا رجلا يتلاعب بالدين والفتاوى حسب مصلحته، مجرد كذاب ودجال آخر يخطب فى الناس عن حسن الخلق والصدق بينما هو يكذب بل ويزور أحكاما دينية للحفاظ على وجوده ودعم تياره السلفى.
مقطعا فيديو، أحدهما قبل شهور من ثورة 25 يناير، والثانى يوم 19 فبراير 2011 بعد تنحى مبارك بأيام، المقارنة بينهما فضحت محمد حسان وعرته تماما وأسقطته من فوق المنبر إلى أرض الكذب والتدليس ورتبة المنافقين، فى مقطع الفيديو الأول كان محمد حسنى مبارك هو رئيس مصر وقتها، كانت المظاهرات والدعوة للتغيير تملأ شوارع مصر والناس تستجدى من الشيوخ موقفا وكلمة لنصرتهم فى وجه دولة مبارك ومؤسساتها المستمرة فى الظلم، وعلى عكس ما كان ينتظره الناس خرج الشيخ محمد حسان يمدح فى مبارك ويمجد فى كلمات مبارك وحكمته، وقال نصا: «أحيى لله الرئيس مبارك والله لله أحيى كلمات الرئيس مبارك حين قال، إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدى أمام القضية الفلسطينية كلمات رائعة من رجل حكيم يجب على الأمة أن تقدره، وأن نشد على يده، وأن نعينه ونساعده وندعمه، أنا على يقين مطلق أن هاتف من الرئيس مبارك قادر على أن يؤثر فى المنطقة، ولا ينبغى لأحد أن يزايد على موقف الرئيس مبارك ومصر من كل قضايا الأمة الإسلامية». ولم يكتف حسان وقتها بوصلة النفاق هذه، بل تمادى وأخرج من جعبته عشرات الفتاوى التى تحرم التظاهر وتشكك فى المطالبين بالتغيير وتحرم الخروج على الحاكم.
ثم تشتعل شرارة ثورة 25 يناير ومحمد حسان صامت يطلب منه شباب التيار السلفى النصيحة للمشاركة ولكنه لا يرد، كان مختبئا فى مكانه مثل الضباع فى انتظار معرفة أى جبهة ستنتصر حتى ينهش لحم الجبهة المهزومة ويقدم نفسه للجبهة المنتصرة وهو ماحدث بالفعل وتكلم محمد حسان فى شهر فبراير 2011 بعد تنحى مبارك، وقال فى مقطع فيديو بالصوت والصورة وهو يبكى من الفرحة: «إنه فرح وهو يشاهد صورة مبارك يتم إزالتها لأن الإله هو الرب والواحد ومبارك كان يؤله نفسه، لطالما صرخنا مرارا وتكرارا ولكن هيهات قل من يتعظ وقل من يعتبر وقل من يتذكر وصدق ربى إذ يقول ذلك جزيناهم ببغيهم.. من الملك الآن..».
وبدأت أوراق محمد حسان تتساقط بفعل خريف تناقضاته كلما توغل أكثر فى ساحة السياسة اكتشف الناس أكاذيبه وفضائحه، حتى أهل التيار السلفى وعلى رأسهم الدجال الآخر وجدى غنيم فضح محمد حسان حينما صور مقطع فيديو يتهم محمد حسان بالنفاق والسعى لركوب موجة الثورة، وقال، إن حسان كان يهاجم الثورة ويحرم التظاهر قبل انتصارها بأيام قليلة ثم فجأة بدأ يمجد شبابها، وينزل ميدان التحرير رغبة منه فى تحقيق المكاسب، وقال نصا: «الشيخ محمد أوقع نفسه فى مشكلة كبيرة مع شباب الثورة هاجمهم فى البداية والآن يتودد إليهم، أنا أحب الشيخ حسان ولكن الحق أحق أن يتبع. وحتى هذه اللحظة لا نعرف موقفه الواضح والنهائى من فكرة المظاهرات، لقد أخرج بيانا موجها إلى شباب الثورة وحملهم التخريب الذى حدث، ألم يكن من باب أولى أن يوجه البيان إلى الداخلية وأعوانها فى الأساس، ألم يكن من باب أولى أن يوضح للشباب لماذا تغير رأيه بعد أن كان يحرم الخروج على الحاكم ويعتبر المظاهرات حرام، وبعدين الشيخ حسان يهاجم إعلام دولة مبارك ويقول إنه كان يشوه السلفيين ألم يكن إخونا محمد حسان هو اللى بيقول عن وزير الإعلام السابق أنس الفقى بالنص «الأخ أنس الفقى» وأشاد به فى أكثر من مرة وأكثر من موقع، لقد كثرت تناقضاتك يا مولانا».
غضب السلفيين وخاصة الشباب منهم كان نارا تسرع فى حرق محمد حسان وأسطورته، ومع بداية توغل محمد حسان فى السياسة ورغبته فى لعب دور الشيخ السياسى بخطب تتحدث عن الطغيان والحاكم الظالم، فضحه تناقض جديد حينما استعاد الناس صورا ومقاطع فيديو لزيارة الشيخ حسان إلى ليبيا فى 2008 تلبية لدعوة من الرئيس معمر القذافى واستقبله القذافى فى لقاء قالت عنه وقتها وكالة الأنباء الليبية، إنه كان واحدا من ضمن المشايخ الذين أشادوا بدور القذافى فى نصرة الإسلام والمسلمين وإمامته آلاف المسلمين من مختلف أنحاء العالم فى الصلوات الجامعة بإفريقيا، وقيام الآلاف من المهتدين الجدد إلى الإسلام من مختلف أنحاء العالم، بإشهار إسلامهم على يديه.
هذه الكلمات كشفت كذب محمد حسان ونفاقه خاصة مع خطبه التى تلونت بالسياسية بعد الثورة وهاجم فيها بعض الحكام العرب مثل مبارك والقذافى وزين العابدين بن على ووصفهم بأنهم أعداء الإسلام وثارت موجة غضب من الشباب على الشيخ حسان على اعتبار أنه يخالف تعاليم الإسلام التى ترفض النفاق ورياء الحاكم.
تسارعت عملية احتراق محمد حسان وسقوطه بسبب تناقضاته وتغييره للفتاوى الناس التى كانت تسمع دروسا لمحمد حسان يحرم فيها الانتخابات وجدته يصدر فتوى بجوازها بل ويظهر على المنصات لدعم مرسى ومن قبله حازم أبو اسماعيل بل ويضع صوره على لافتات تشجع على المشاركة الانتخابية، والسلفيون الذين درسوا على يد محمد حسان عدم جواز عمل المرأة وولايتها وكراهية الإسلام للأحزاب وتأسيسها، اكتشفوا أن حسان يسعى لإرضاء الإخوان ويغير كافة آرائه بفتاوى تحلل كل الأشياء التى حرمها من قبل.
حسان الذى كان دائم التطاول على الأقباط وكان يحرم السلام عليهم، حاول أن يسترضى المجلس العسكرى وحول نفسه إلى وسيط صلح فى بعض الحوادث الطائفية وقال كلاما عن الوحدة الوطنية والأقباط عكس كل فتوى سابقة أصدرها من قبل بشكل شكك السلفيين فى الرجل وبدأوا هم بأنفسهم يسألونه عن هذا التناقض، حتى رغبة حسان فى إعادة تقديم نفسه فى إحدى الحلقات التليفزيونية بحديثه عن العلم ودوره فى نهضة الأمم كان متناقضا مع رأيه المتطرف الذى كان يملأ به عقول مريديه فى المساجد حينما قال ذات مرة فى خطبته الشهيرة عن الزلازل إنه مهما تكلم العلماء، وخبراء الأرصاد، وعلماء الجيولوجيا فإن الأمة تظل منتظرة، أن تسمع كلمة علماء الدين، لأن ما يقوله المتخصصون عن أن الزلزال هزة أرضية بسبب حدوث خلل فى بعض أجزاء القشرة الأرضية، أو بسبب البراكين، تفسير لا معنى له وأن التفسير الحقيقى هو أن الزلازل والبراكين والعواصف الثلجية إلى غير ذلك، إنما هى آيات من آيات رب البرية، إنما هى جند من جند الله يرسلها الله تخويفا للكافرين وابتلاء للمؤمنين، وعتاباً للمقصرين والمذنبين.
ومثلما كانت ثورة 25 يناير سببا فى حرق محمد حسان وكشف أكاذيبه وتناقضاته جاءت ثورة 30 يونيو لتكتب نهاية أسطورة مشايخ الميكروباص محمد حسان حينما كشفت الغطاء عن كم أكبر من الأكاذيب والتناقضات، كان على رأسها موقفه من إرهاب الإخوان وتهديدات السلفيين بحرق مصر بعد إزاحة محمد مرسى من السلطة، لأن الشيخ حسان الذى كان يخرج على الناس فى الفضائيات يطالبهم بعدم التظاهر ضد مرسى ويصف الاعتصامات التى تنظمها القوى المدنية بأنها حرام وأنها تسبب الفوضى وتشكل خطرا على مصر، ناقض نفسه تماما وتلون ولم يفعل بالمثل تجاه مظاهرات الإخوان واعتصام السلفيين والإخوان فى رابعة والنهضة، بل على العكس دعم مظاهرات السلفيين والإخوان ودعم الاعتصام وحاول أن يشوه صورة الجيش والشرطة المصرية وأن يتهمهما بممارسة العنف تجاه اعتصام سلمى، ثم مارس دوره فى التلون حينما استقر الوضع وأدرك بيقين عدم عودة مرسى وأراد أن يلعب دور الوسيط ويدعو للتهدئة ولكن خاب مسعاه، فلم يعد الرجل صاحب كلمة مسموعة أو مؤثرة فى الأوساط المختلفة، سواء كانت سلفية أو إخوانية أو حتى فى الشارع المصرى الذى ثبت له على مدار سنوات مابعد الثورة أن محمد حسان لم يكن سوى متلاعب آخر بالدين يحلل ويفتى ويحرم وفق مايخدم مصالحه هو أو مصالح تياره أو لمن يعمل فى صالحهم، حتى الكذبة الكبرى فى تاريخ محمد حسان اكتشفها الناس، الشيخ الذى أراد أن يعود من أجواء النسيان إلى عالم الشهرة والتأثير مرة أخرى بطرح مبادرة للحوار مع التكفيريين والإرهابيين فى سيناء فضحه الله بأوراق رسمية ومن حيث لا ندرى ولا نحتسب.
ظهرت الأوراق الرسمية الخاصة بالتحقيقات مع الإرهابى عادل حبارة الذى قتل عددا من جنود الجيش المصرى فى سيناء لتكشف للناس أجمعين أن حسان الذى كان يدعى ويقدم نفسه أنه رسول يريد أن يحارب التطرف ما هو إلا الأستاذ الذى زرع التطرف فى عقول الشباب المصرى وأعدهم وجهزهم لكى يكونوا إرهابيين يكفرون الدولة المصرية ويحلون دماء جنودها ورجالها.
يقول حبارة فى أوراق التحقيقات: «قبل ما التزم على طول كنت شغال فى قهوة فى شارع فيصل اسمها قهوة سكرية نافع صنايعى بوفيه، وفى يوم كنت مروح وعديت على جامع الاستقامة اللى موجود فى ميدان الجيزة وكان فيه ناس بتقعد قدام الجامع بتبيع كتب دينية وغيرها فأنا لفت انتباهى كتابين الأول عن الفتاوى، والكتاب التانى اسمه الداء والدواء لابن قيم الجوزية».
هذه الكتب مجهولة المصدر والمؤلف، فتحت باب الاهتمام أمام حبارة، فبحث عن دروس المساجد التى فتحها نظام مبارك أمام شيوخ السلفيين لحشو عقول أولادنا وأهالينا بالتطرف مادام لا يخوض الشيخ السلفى فى السياسة، بينما شيوخ التطرف صابرون يعلمون أن بذرة التطرف الملقاة فى عقول الناس ستنمو رويدا رويدا وستجد طريقها للخروج وهذا نص ما حدث مع عادل حبارة الذى يخبرنا فى اعترافاته بأن تربيته كإرهابى متطرف بدأت هناك فى المنصورة، حيث مسجد التوحيد حيث دروس محمد حسان.
يقول حبارة فى أوراق التحقيق: «فى عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان وأنه يلقى درسا كل يوم أربعاء بعد صلاة المغرب فى مجمع التوحيد اللى موجود فى المنصورة، فكنت بأذهب بصفة دورية لحضور تلك الدروس، وتعلمنا فى تلك الدروس أن الديمقراطية كفر ولا توجد أحزاب فى الإسلام، وفيه ناس اتعرفت عليها، وأنا راكب القطار ورايح الدرس لأنهم كانوا بيركبوا القطار معايا من أبوكبير وبيروحوا يحضروا الدروس بتاعة الشيخ محمد حسان وعلاقتى تطورت بهم فى فترة حضور الدروس، وقاطعتهم بعد ثورة 25 يناير لأنهم غيروا مبادئهم، وعملوا ما كانوا يستنكرون على الإخوان المسلمين عمله وراحوا دخلوا فى حزب النور على الرغم من أنهم عارفين إن الأحزاب ليست من الإسلام».
ثم يخبرنا حبارة فى أوراق التحقيقات عن المرحلة الثالثة فى صناعة الإرهابى على يد الشيخ حسان قائلا: «الدروس التى كان يلقيها الشيخ محمد حسان كانت تتناول دروساً فى السيرة النبوية الشريفة، والغضب من أن الشريعة غير مطبقة فى مصر وخلال تلك المحاضرات أهم ما تعلمته الأصول الثلاثة وهى النسك، والولاء والبراء، ومبدأ الحاكمية، والتى يجب الإيمان بها جميعاً على كل امرئ مسلم، والمقصود بمبدأ الولاء والبراء به، إيضاح من يحب المسلم ومن يبغض، وللأسف أن القائمين على الحكم فى البلاد يجب بغضهم لتعطيلهم أحكام الله، وهذا سبب من أسباب الكفر البواح الذى أجمع عليه علماء المسلمين، وكذلك يجب بغض الجيش والشرطة بل إنهم من الكفرة الطغاة المحاربين لشرع الله، والمحاربين لأولياء الله، وكذلك النصارى يجب بغضهم فهم من الكافرين وهم على نوعين من حيث معاملاتهم لقتالهم أو عدم قتالهم، أما فيما يتعلق بمبدأ الحاكمية فهو يقوم أساساً على تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى، من الظلم أن يتدخل غير الله فى ملك الله سبحانه وتعالى..وكل الأدلة التى ذكرها الشيخ حسان عن مبدأ الحاكمية تؤكد كفر من لم يحكم بشرع الله».
هكذا صنع حبارة فى مدرسة محمد حسان، تعلم الدروس النظرية عن ضرورة بغض الأقباط وقتالهم، وعن كفر الجيش والشرطة والقائمين على حكم البلاد لأنهم لا يطبقون الشريعة، ثم استكمل تعليمه لينتقل من المرحلة النظرية إلى مرحلة التنفيذ بعد دخوله السجن، وهكذا يريد حسان أن يعود مرة أخرى ليخبرنا بأنه صاحب خطاب دينى ضد التطرف، ولكن باب العودة مغلق لأن محمد حسان أحرقته لعبة السياسة ولم يعد يراه الناس إلا فى صورة متلاعب كبير بالدين فضحته سنوات الثورتين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة