"قتل بشهادة طبية" عبارة تنطبق تماما على هؤلاء الذين يستغلون أحلام الشباب من الشفاء من أمراض المخدرات والسم القاتل، ليقذفوا بهم إلى قتل ولكن هذه المرة بشعار طبى.
شهدت مصر فى الآونة الأخيرة انتشار مراكز لعلاج الإدمان غير المرخصة "تحت بير السلم"، والتى يقوم عليها غير متخصصين فى المجال، ما يعرض المرضى المقدمين للتعافى من الإدمان للخطر وربما الوفاة، وسط حملات مكثفة تشنها وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارتى الصحة والتضامن ممثلة فى صندوق مكافحة الأدمان، وكان آخر هذه الحملات، الحملة التى شنتها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات برئاسة اللواء مجدى السمري، والتى استهدفت 3 مراكز علاجية غير مرخصة لعلاج الإدمان بدائرة قسم شرطة التجمع الخامس، وشملت العديد من المخالفات مثل عدم وجود ترخيص من إدارة العلاج الحر، وعدم وجود موافقة من المجلس القومى للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
تبين عدم وجود ترخيص من إدارة العلاج الحر، عدم وجود موافقة من المجلس القومى للصحة النفسية وعلاج الإدمان، عدم وجود موافقة من الدفاع المدنى، عدم وجود عقد تداول نفايا، عدم وجود فريق طبى، عدم وجود ملفات للمرضى أو إقرارات بالعلاج من المرضى، عدم توافر تجهيزات طبية، وغرف (عناية – طوارئ – إفاقة) مزاولة نشاط طبى بدون ترخيص، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وكشفت نيابة القاهرة الجديدة برئاسة المستشار محمد سلامة، فى تحقيقاتها مع المتهمين عدد من المفاجآت، كانت بدايتها بعدم وجود طبيب واحد داخل مراكز علاج الإدمان، واعتماد المتهمين على خبراتهم السابقى فى التعافى من الإدمان وإعادة تجربتهم مع عدد من الشباب.
ويؤكد اللواء أحمد الخولى، مدير الإدارة العامة للمخدرات السابق، أن هناك حملات مكثفة لوزارة الداخلية بالاشتراك مع صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن، وأمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان، تتم بشكل دورى على مراكز الإدمان غير المرخصة.
وأوضح الخولى لـ "اليوم السابع"، أنه يتم غلق المركز نهائيًا لحين صدور الترخيص، بالإضافة إلى أنه فى حال العثور على مواد مخدرة أو أدوية محظور تداولها داخل المركز يتم معاقبة صاحبه وفقا للقانون، مشيرًا إلى أن هناك مشروع قانون تتبناه الدولة سيصدر قريبًا ينظم عملية فتح مراكز علاج الإدمان.
اللواء أحمد الخولى
ويؤكد الدكتور عبد الرحمن حماد المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى العباسية، أن هناك شروط يجب تحققها للحصول على ترخيص فتح مركز علاج إدمان خاص، أولها الحصول على ترخيص منشأة طبية من النقابة ويستغرق الحصول عليه حوالى 3 أسابيع، بالإضافة للحصول على ترخيص المجلس القومى للصحة النفسية، وأخيرًا ترخيص من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة.
وتابع حماد لـ"اليوم السابع"، أن معظم مراكز علاج الإدمان لا تستطيع تحقيق شروط إدارة العلاج الحر للحصول على الترخيص، حيث يشترط أن يكون المبنى إدارى وليس سكنى، ومع ارتفاع أسعار المبانى الإدارية مقارنة بالسكنية يصعب الحصول على الترخيص، وإذا حصل على الترخيص يضطر المركز لرفع سعر الخدمة المقدمة وبالتالى يذهب المريض لمن يقدم الخدمة بسعر أقل وهو الذى لم يحصل على ترخيص"، مشيرًا إلى أن معظم المراكز الخاصة يكون القائمين عليها متعافين من الإدمان بمفردهم وهذه كارثة لأنه المتعاف يجب أن يكون ضمن فريق يشرف عليه طبيب نفسى وأخصائى نفسى واجتماعى، وليس على رأس الفريق.
وأكد حماد، أن هناك مشكلة آخر ى وهى قلة عدد الأسرة لعلاج المدمنين، وهذه المشكلة عالمية وليست فى مصر فقط، فبحسب التقرير الأخيرة للهيئة الدولية للرقابة على المخدرات التابع للأمم المتحدة، فإن عدد الأسرة المتاحة فى الدول الغنية بنسبة 1.7 سرير لكل 100 ألف شخص، و 0.7 سرير لكل 100 ألف شخص فى الدول الفقيرة، كما أن هناك تقرير آخر يشير إلى أنه 1 من كل 6 أشخاص فى الدول الغنية يستطيع الالتحاق ببرامج علاج الإدمان لوجود أسرة، فيما يستطيع 1 من كل 11 شخص فى أمريكا اللاتينية الالتحاق بالبرامج، أما فى أفريقيا فإنه يستطيع فقط 1 من كل 18 شخص أن يلتحق ببرامج علاج الإدمان.
ووضع المدير السابق لوحدة الإدمان بالعباسية، روشتة لحل أزمة مراكز علاج الإدمان غير المرخصة، قائلاً:"الحل يكمن فى حل أزمة نقص الأسرة، خاصة فى ظل زيادة عدد الراغبين فى العلاج، وبالفعل هناك محاولات من الدولة لسد هذا العجز، كما يجب تنفيذ برامج علاجية لا تحتاج إلى حجز المريض، وهى ما تسمى بـ "برنامج خارجى مكثف"، على أن يتم تدريب الأطباء والعيادات الخاصة عليه، وأخيرًا نسمح بدخول القطاع الخاص للمجال بالشروط القانونية ولكن مع تسهيل عملية الحصول على تراخيص".
الدكتور عبد الرحمن حماد
ومن جانبه قال محمود الدشناوى، وكيل نقابة محامين حلوان الفرعية، أن القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن تنظيم المنشآت الطبية، والمعدل برقم 153 لسنة 2004 والمعدل أيضا برقم 141 لسنة 2006، نظم عملية إنشاء المراكز الطبية والتى تقدم خدمات علاجية، ونظم أيضا العقوبات التى تقع على من يخالف اللوائح والقوانين الخاصة بالترخيص وعملية إدارة المنشأة.
وأضاف الدشناوى، لـ "اليوم السابع"، أن المادة 16 مكرر، إذا زاولت أى منشأة نشاطها قبل الحصول على الترخيص، يتم غلقها بقرار من السلطة الصحية المختصة مباشرة، ويجوز للقاضى أن يحكم بناء على طلبها بتوقيع غرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه على المنشأة المخالفة ولا يتم مزاولة النشاط إلا بعد الحصول على الترخيص، وفى حالة تكرار ارتكابها لمخالفات مهنية يجوز وضع المنشـأة تحت إشراف الوزارة مباشرة.
كما نصت المادة 14 من القانون على: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه و لا تزيد عن عشرين ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أدار منشأة طبية سبق أن صدر حكم بإغلاقها أو صدر قرار إدارى بإغلاقها قبل زوال أسباب الإغلاق".
وتابع الدشناوى:"كما نص القانون على يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين كل من أدار منشأة طبية سبق أن صدر حكم بإغلاقها أو صدر قرار إدارى بإغلاقها قبل زوال أسباب الإغلاق، كما يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل على ترخيص بفتح منشأة طبية خاصة بطريق التحايل أو باستعارة اسم طبيب"
وأكد وكيل نقابة محامين حلوان الفرعية، أنه وفقا للقانون يعاقب بذات العقوبة الطبيب الذى أعار اسمه للحصول على الترخيص فضلا عن الحكم بإغلاق المنشأة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها وللقاضى أن يأمر بتنفيذ حكم الإغلاق الفورى، وكل مخالفة آخر ى لأحكام هذا القانون يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى ألف جنيه وفى حالة عدم إزالة المخالفة خلال المهلة الممنوحة لذلك يجوز للقاضى أن يحكم بناء على طلب السلطة المختصة بإغلاق المنشأة نهائيًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة