بعد كتابتى لمقال أمس، حاولت أن أستفسر من بعض المهتمين بأمور الزراعة، الذين يقومون بالفعل بممارستها والإشراف على مراحلها المختلفة، عن أسباب أزمة غلاء أسعار الخضار الموجودة حاليا، التى أشرت إليها فى المقال، فتوجهت بأسألتى إلى صديقى الباحث الأنثروبولوجى «خليل عبد الرازق منون» الذى يجمع بين الدراسة الأكاديمية والممارسة الفعلية لمهنة الزراعة، التى توارثها عن آبائه وأجداده بحكم امتلاكهم لمزارع خضراوات وفاكهة فى محافظة أسيوط، فأرجع «منون» سبب هذه الأزمة إلى عدة عوامل أهمها حدوث تغير فى المناخ أدى إلى اختلاف درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية بالنسبة للزرع، وهذا بدوره أدى إلى ضعف «الثمار» التى كانت تزهر فى فترة ارتفاع الحرارة ثم تموت إذا ما انخفضت، وقد تكرر هذا أكثر من مرة هذا العام، وهو ما أدى إلى ضعف الإنتاج وبالتالى اشتعال الأسعار التى يتحكم فيها «العرض والطلب».
بالإضافة إلى هذا العامل الحاسم فى قلة المعروض من الخضراوات وبالتالى زيادة أسعارها، سرد «منون» العديد من الزيادات التى طرأت على تكلفة الزراعة، واتخذ من موسم جنى «الرمان» الذى أتى أوانه هذه الأيام مثالا، مؤكدا أن العامل الذى كان يتقاضى 70 جنيها فى اليوم أصبح اليوم يتقاضى حوالى 100، أما «الصنايعى» الحرفى فقد ارتفعت أجرته من 80 جنيها إلى 130، وارتفع سعر الكراتين يعبأ فيها الرمان من جنيهين ونصف الجنيه إلى 6 جنيهات، كما ارتفع سعر «النقلة» الواحدة من البدارى إلى سوق العبور من 800 إلى 1200 جنيه، كما ارتفع سعر شكارة «السوبر محبب» من 63 إلى 90 جنيها، وارتفع سماد يوريا من 90 إلى 150 جنيها، وارتفع سعر سلفات البوتاسيوم من 5500 حنيه إلى 11300، وارتفع سعر مبيدات العنكبوت الأحمر من 90 إلى 169 جنيها، وارتفع سعر مبيدات السوس من 70 إلى 200 جنيه، وارتفع سعر مبيد «الكبريت» من 6 إلى 14 جنيها، ومع كل هذه الزيادات فى التكلفة، فإن فدان الرمان كامل النمو الشجرى كان من المفترض أن يصل إنتاج من 18 إلى 22 طنا، لكن إنتاجيته الآن أصبحت من 12 إلى 14 طنا، وهو ما حدث فى «المانجو» وسيحدث فى «البرتقال» والطامة الكبرى بحسب «منون» سيحدث ذلك فى اليوسفى.
كل هذا يطرح السؤال: أين وزارة الزراعة من هذه الأزمة؟ وما هى التدابير التى أخذتها من أجل حماية الفلاح والمستهلك على حد سواء؟