طبيعى أن يأخذ المحافظ الجديد فترة ليتعرف على مشكلات محافظته والملفات الأساسية وأولويات العمل، هناك دور روتينى فى الافتتاحات وحضور المناسبات المختلفة فى مدن وأحياء المحافظة، وبجانب هذا الدور هناك المهام الأساسية التى تتطلب قرارات وسياسات لمواجهة المشكلات المزمنة والصعبة التى تمثل مطالب المواطنين فى كل مركز أو حى. تمت اجتماعات مع رئيس الوزراء بمجلس المحافظين يفترض أنها تحدد السياسات العامة التى ترتبط بعمل الحكومة عموما.
الملاحظ حتى الآن أن عددا من السادة المحافظين يركز على الظهور المصور، ونشر أكبر عدد من الصور والتصريحات بمناسبة ومن دون مناسبة، وغالبا يتصورون بجانب الموضوعات السلهة التى تم حلها لكنهم لا يظهرون مثلا مع أزمة قبل وبعد الحل.
كل هذا لأن لدى قطاع من المحافظين اعتقاد أن الصور والتصريحات تكفى لإثبات أن المحافظ يعمل ليلا ونهارا ويقوم بدوره على أكمل وجه، وبالتالى فإن المحافظ يتفرغ لتوزيع صوره على كل لافتة موجودة فى نطاق المحافظة، لدرجة أن بعض المحافظين اضطر المعاونون له فى قطاع اللافتات لتغيير كل اللافتات التى تحمل صورة واسم المحافظ السابق ليوضع اسم الجديد، والمفارقة أن تغيير الصور لم يتبعه تغيير فى السياسات التى يتبعها المحافظ.
وعلى الرغم من أن مشكلات المواطنين فى المدن والأحياء معروفة، فى الإدارات الهندسية والنظافة والطرق والمواصلات ومشروعات الصرف والمياه المعطلة، لكن تظل هذه المشكلات قائمة، يذهب محافظ ويأتى آخر وتبقى المشكلات المزمنة مستمرة وقائمة ولا يقترب منها السادة المحافظون بينما يهتمون بنشر صورهم وتصريحاتهم وهم يتجولون أو يفتتحون أو يفعلون أى شىء.
القاهرة مثلا أغلب أحياء العاصمة تعانى من مشكلات القمامة والإشغالات والشوارع المكسرة وانفلات الميكروباص والتوك توك، وخلال ثلاثة محافظين وأكثر تعانى أحياء عين شمس ودار السلام والمطرية والسلام والزاوية والمعادى وغيرها من مشكلات مزمنة شوارعها غارقة فى الفوضى وأرصفتها تسيطر عليها المافيا بالإشغالات وتغلق أرصفة وشوارع، فضلا عن المخالفات فى البناء والشوارع، ومع هذا لا يبدو زن هناك رؤساء أحياء أو إدارات أو أجهزة تعمل، وكانت هذه الأحياء وماتزال خارج سلطة المحافظ لأنها لو كانت تخضع لإدارته ربما اتخذ إجراءات فى مواجهة رؤساء الأحياء الغائبين.
ما يحدث فى القاهرة وهى العاصمة يتكرر بأشكال مختلفة فى المحافظات المختلفة أو أغلبها، ولا نعرف إن لم تكن هذه هى مهام مجلس المحافظين، فكيف يمكن الحديث عن إنجاز للمحافظ هنا أو هناك؟
ربما يظن السادة المحافظون أنهم لو اشتغلوا وقاموا بأدوارهم وتابعوا عمل رؤساء الأحياء والمدن فإنهم ربما ينشغلون ولا يجدون وقتا للتصوير ووضع صورهم فى اللافتات واللوحات المتعددة.
وقد انتظر المواطنون على كل محافظ أن يدرس الملفات ويتعرف على ما يجرى فى محافظته لكنهم بعد الانتظار اكتشفوا أن أغلب المحافظين الجدد لا يختلفون كثيرا عن سابقيهم، فهم يتركون المشكلات ولا يحاولون الاقتراب من الملفات المهمة ويخضعون لفرق الانتهازية ممن يديرون لعبة العمل التنفيذى ويصبح المحافظ مجرد صوت وصورة وتصريحات.
ربما يكون على رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى أن يوجه المحافظين أثناء اجتماعات مجلسهم إلى أهمية أن يعمل رؤساء الأحياء وأن دور المحافظين هو متابعة رؤساء الأحياء والمدن بجانب التقاط الصور ونشر التصريحات، أو يتم عمل مجلس لرؤساء الأحياء والمدن يضاف إلى المجالس الجالسة.