فى الوقت الذى يراقب فيه العالم تطورات الحرب التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والصين، فإن القلق من تداعياتها وتأثير فرض التعريفة الجمركية يزداد على جانبى المحيط الهادى، خاصة فى ظل مؤشرات توحى بعدم وجود نهاية قريبة فى الأفق لهذه الحرب التى بدأها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
ورغم أن الضرر الأكبر فى تلك المعركة يقع على الصين، حيث يهدد ترامب بفرض التعريفة على كافة صادراتها لأمريكا التى تتجاوز 500 مليار دولار سنويا، إلا أن الاقتصاد الأمريكى سيتضرر بدوره من ردود بكين الانتقامية.
وتقول مجلة "فورين بوليسى" أن الحرب التجارية التى يشنها الرئيس ترامب على الصين قد أضرت بالفعل بالمزارعين والمصنعين الأمريكيين، والآن تهدد قطاعا يشهد ازدهارا وهو صادرات الطاقة.
وقد تصاعدت الحرب التجارية أول أمس، الاثنين، بشكل دراماتيكى مع تفعيل فرض التعريفة الجمركية الأمريكية على بضائع صينية تقدر بـ 200 مليار دولار، وفى المقابل فرضت الصين تعريفة جمركية على 60 مليار دولار من الصادرات الأمريكية. وفى حين أن رد الصين فى البداية تركز على بضائع مثل فول الصويا، فإن الإجراءات الأخيرة تشمل 10% على الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعى المسال، فيما يعد المرة الأولى التى تستهدف فيها بكين صادرات الطاقة الأمريكية.
وأكدت الصحيفة أن هذا الأمر يمثل خبرا سيئا لقطاع الطاقة الأمريكى الذى تحول إلى مورد كبير للغاز وخام النفط لدول كثيرة حول العالم منعا الصين. ورغم أن التعريفة الصينية التى تم فرضها بالفعل أقل مما سبق أن هددت به بكين فى وقت سابق هذا العام، إلا أنها تجعل الغاز الأمريكى أعلى تكلفة وأقل تنافسية فى ثانى أكبر سوق للغاز الطبيعى المسال فى العالم.
ونتيجة لذلك، فإن من المحتمل أن تسعى بكين للحصول على موارد الطاقة من موردين آخرين بحسب ما ذكر خبراء.
وتقوم روسيا بالفعل ببناء خط أنابيب ضخم لتزويد الصين من سيبريا. وقد أعلنت الدولتان هذا الشهر خططا لتسريع بناء خط أنابيب آخر من سيبريا لو تم بنائه سيضاعف تجارة الغاز الروسية مع الصين.
وتلفت فورين بوليسى إلى أن التعريفة الصينية يمكن أن يكون لها آثار فى السنوات المقبلة. فمن خلال الحد بشكل أساسى من وصول أمريكا إلى واحدة من أهم أسواق الغاز، فإن التعريفة الجمركية يمكن أن يكون لها تأثير مروع على الموجة القادمة من مشاريع تصدير الغاز الأمريكى التى يجرى التخطيط لها حيث تحتاج العديد من المشروعات المقترحة إلى الصين وشهيتها الكبيرة لجمع التمويل.
ونقلت "فورين بوليسى" عن جاسون بوردوف، مدير مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، ومستشار الطاقة السابق بالبيت الأبيض فى عهد أوباما، اعتقاده بأن التعريفة والحرب التجارية المتصاعدة تمثل رياحا معاكسة للموجة القادمة من الغاز الأمريكى المسال.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت تصدير كميات كبيرة من الغاز المسال فى عام 2016 وأصبحت الصين واحدة من أكبر مشترى الغاز الأمريكى بعد المكسيك وكوريا الجنوبية. وتستورد الصين كميات كبيرة من الغاز الطبيعى مع سعيها لتقليل استخدام الفحم الذى أدى إلى مستويات خطيرة من تلوث الهواء فى المدين الصينية.
وتشير التوقعات إلى أن الصين ستكون بحاجة إلى شراء المزيد والمزيد من الغاز، لاسيما الغاز الأمريكى الرخيص لدعم مشروعات الغاز للعديد من مشروعات التصدير الأمريكية القادمة، وهو ما يشير إلى أن التعريفة الانتقامية التى فرضتها الصين ستكون مؤلمة بعد عامين من الآن.
ورغم أن ترامب أراد من التعريفة الجمركية معاقبة الصين على ممارساتها التجارية وما يقول إنه سرقة للملكية الفكرية الأمريكية لاسيما فى مجال التكنولوجيا، إلا أن سياسته فى التعامل مع بكين قد أثرت بدورها سلبا على الاقتصاد الأمريكى.
فقد أعلن رجل الأعمال الصينى جاك ما، مؤسس موقع على بابا العملاق للتجارة الإلكترونية عن تخليه عن وعوده السابقة بتأمين مليون وظيفة فى الولايات المتحدة بسبب الحرب التجارية، وهو الوعد الذى كان قد قطعه على نفسه فى حضور دونالد ترامب بعد تنصيب الأخير رئيسا فى يناير 2017.
وقال جاك ما، أن هذا الوعد كان يستند على شرطين مسبقين وهما التعاون الودى بين الصين والولايات المتحدة والتجارة الثنائية العقلانية والموضوعية، وأضاف أن الوضع الراهن يهدد هذين الشرطين المسبقين ويجعل الوفاء بهذا الالتزام مستحيلا. واستطرد قائلا: لكننا لن نوقف جهودنا، بل سنواصلها لتطوير العلاقات التجارية الصينية الأمريكية بشكل صحى".
أشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية قبل يومين إلى أن الموانئ الأمريكية قد تكون الخاسر الأكبر فى الخلاف المتصاعد بين بكين وواشنطن. ونقل التقرير عن رئيس الجمعية الأمريكية لسلطات المرافىء، كورت ناجل، قوله أن مجمل الرسوم الجمركية المفروضة وتدابير الرد الدولية يؤثر على 10% من إجمالى التبادلات التى تمر عبر المرافىء، أو ما يمثل عائدات بنحو 160 مليار دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة