كان التعليم دائما نتاج شراكة بين المدرسة والمنزل قبل أن تحل الدروس الخصوصية مكان الاثنين، ويخرج التعليم من الشباك، ومن يقول إن التعليم ليس فى المدرسة فقط، لا يقصد أن تكون عملية المتابعة فى المنزل، لكن أيضا ضمان الحد الأدنى للمطالب التعليمية والتربوية.
وقد لا تكون المشكلة فى أن ينفق البعض عشرات الآلاف على تعليم طفل، لكن ألا يجد تلميذ مصروفات المدرسة الحكومية أو يعجز عن الوصول إلى مدرسته ويضطر لقطع مسافات طويلة أو ركوب وسيلة مواصلات خطرة وغير إنسانية.
وإذا كانت وزارة التعليم توفر التابلت والإنترنت فإن هذه التكنولوجيا لا تتناسب مع معاناة تلاميذ لا تتوافر لهم الحدود الدنيا من الظروف الإنسانية، وهذا ليس دور وزارة التعليم، لكنه دور المسؤول المحلى فى المدينة أو القرية، حيث يمكن توفير مواصلات آمنة للتلاميذ تحميهم من الحوادث، وتضمن لهم حدا أدنى من الإمكانات، وربما تبدو هذه المطالب نوعا من الخيال لدى مسؤولين لا تشغلهم مثل هذه التفاصيل التى تمثل فى الواقع جزءا أساسيا من العملية التعليمية حتى لو كانت بعيدة عن وزارة التعليم.
ولا يمكن إنكار حجم ما يتحمله المجتمع فى توفير موازنة للمدارس العامة التى تستوعب 80% من التلاميذ، ومن بين أكثر من 20 مليون تلميذ هناك أكثر من 18 مليون فى المدارس الحكومية والباقى موزع بين تعليم خاص بدرجاته المتعددة.
وبجانب موازنات الدولة للتعليم العام وموازنات الأسر التى تدفع للخاص هناك موازنة للدروس الخصوصية، وإذا جمعنا كل هذا فنحن أمام أموال ضخمة توزع بشكل غير عادل ولا تفيد المجتمع، ولا تنعكس على أغلب المعلمين ولا التعليم، وتمثل أساسا لفجوة التعليم، ناهيك عن حجم ما يهدر من مال وجهد على تعليم يظل أقل من طموح المجتمع والدولة ووزارة التعليم.
ولك أنت نتصور حجم ما يتم إنفاقه على التابلت وتطوير المناهج والوسائل التعليمية وتدريب المعلمين، وكل هذا يضيع بالنسبة لأعداد كبيرة من الطلاب تضطر لركوب عربات نقل مكشوفة وبلا حد أدنى من الأمان أو توك توك أو عربات ومواصلات غير آدمية رصدتها كاميرات وتقارير الصحف فى بداية العام ومعها حوادث بسبب غياب الأمان. وتضيع مليارات التابلت بسبب التوكتوك أو الكارو والنقل غير الآدمى. وهنا يفترض أن تكون هناك قواعد تضع مسؤولية على رؤساء المدن والقرى حتى يتأكدوا من توافر مواصلات للتلاميذ التى تبعد قراهم وعزبهم كيلوم ترات وعشرات الكيلومترات ومنهم يخرج متفوقون وموهوبون يستحقون الحد الأدنى من الإمكانات.
ونعود إلى مجلس المحافظين الذى اجتمع قبل العام الدراسى وبحث الاستعداد للمدارس، فهل تم تكليف المحافظين ببحث الإمكانات والنقل للقرى والعزب النائية التى يضطر تلاميذها للمشى مسافات بعيدة شتاء وصيفا أو ركوب مواصلات خطرة، ولا أحد يتذكرهم إلا عند وقوع حادث. نحن نتجه إلى مشروع تعليم جديد يقوم على طرق جديدة ومناهج حديثة وتابلت وإنترنت، تكلفت كثيراً وقد تضيع بسبب غياب وسيلة نقل غير آمنة أو فوضى التوك توك.