بدأ العام الدراسى الجديد، والذى يبدو أن بدايته لم تختلف كثيرا عن بدايات الأعوام السابقة مع كل التمنيات بالتوفيق والنجاح لأولادنا وبناتنا الأعزاء.
التعليم أحد العوامل الأساسية فى تقدم الأمم والشعوب والدولة الآن اتخذت قرارا تأخر كثيرا وهو تطوير المنظومة التعليمية، وتخصيص ميزانية ضخمة فى هذا الاتجاه وإدخال الوسائل الحديثة فى منظومة التربية والتعليم وهذا عمل لابد أن نوجه الشكر للدولة لإنتهاجها هذا التوجه الذى كما ذكرت تأخر كثيرا وكثيرا، هذا التطور التى تستهدفه الدولة سيأخذ وقتا طويلا لكن السؤال هل ستكلل تلك المجهودات بالنجاح والوصول إلى ما نتمناه جميعا لأبنائنا الطلاب؟
فى واقع الأمر نحن فى حاجة لفترة طويلة من الزمن لكى نحقق هذا النجاح، لكن كنت أرى أنه كما سندخل التكنولوجيا الحديثة المتمثلة فى التابات وغيرها من الوسائل الحديثة فى المنظومة التعليمية، يجب علينا وبشدة التركيز على تغيير الثقافات المتوارثة للطلاب والسادة أولياء الأمور فولى الأمر له الدور الأكبر فى تغيير تلك الثقافات الخاصة بالطالب لأنه الأكثر احتكاكا بالطالب من المدرسة.
ففى أول يوم دراسى تابعنا جميعا بكل أسى وحزن خبر وفاة أحد الطلاب بسبب التدافع الشديد داخل المدرسة وشاهدنا التناحر بين أسر الطلاب للحصول على المقعد الأول داخل الفصل الدراسى، السؤال الذى أوجهه إلى ولى الأمر، هل جلوس نجلك فى المقعد الأمامى يعنى أنه سوف يتفوق على زملاءه الذين يجلسون فى المقعد الأخير؟
عزيزى ولى الأمر لابد أن تعلم أن نظرية المقعد الأمامى نظرية بلى عليها الزمن ولابد أن تعلم أن من يريد أن يتعلم ويتفوق سوف يتعلم ويتفوق حتى لو جلس فى أى مكان داخل الفصل، ولابد أن تعلم أنك بتلك الطريقة تولد داخل أبنائك روح من التواكل والاعتماد على الغير فلتترك ابنك يذهب بمفرده إلى المدرسة ويعتمد على ذاته ويلتزم بالترتيب الذى تقره إدارة المدرسة هذا ما يجب أن نفعله جميعا، مرة أخرى نحن توارثنا عادات لابد أن نتخلص منها على الفور دون أدنى تفكير، ولكن السؤال ما هو دور المدرسة فى هذا الشأن؟
المنظومة التعليمية فى مصر شديدة التعقيد فكيف يتم السماح للسادة أولياء الأمور بالوصول إلى داخل الفصول بتلك الطريقة واختيار المقاعد الخاصة بأبنائهم حسب رؤيتهم الخاصة، أين أمن وزارة التربية والتعليم فكما نعلم جميعا أن كل مديرية تربية وتعليم داخل جميع محافظات مصر لها مكتب أمن داخل الوزارة أين دورهم داخل المدارس لابد أن يكون لهم دور كبير بالتعاون مع جهاز الشرطة فى أول يوم دراسى وأن يمنعوا أولياء الأمور من الدخول إلى المدرسة واتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد من يخالف تلك القواعد، وعلى المدرسة ترتيب مقاعد الطلاب داخل الفصول حسب أطوالهم وقوة نظرهم حتى يتمكن من يجلس فى المقعد الأخير من الرؤية الجيدة كمن يجلس فى المقعد الأول.
المشكلة ليست فقط فى المقعد الأمامى والمقعد الخلفى فهذه مشكلة من صنع السادة أولياء الأمور ولكن هناك مشاكل أخرى فى المنظومة التعليمية المصرية، فقلة المدارس مع تزايد عدد الطلاب عام بعد عام تؤدى بالطبع إلى ازدحام الفصول الدراسية وتزايد عدد الطلاب داخل الفصول فلابد لهيئة الأبنية التعليمية داخل وزارة التربية والتعليم من وضع خطة بعيدة المدى لزيادة أعداد المدارس داخل جميع المحافظات مما سيؤدى إلى قلة عدد الطلاب داخل الفصل الدراسى ويزيد من قدرة الطلاب على استيعاب المعلومات والمناهج الدراسية بكل يسر وسهولة.
أيضا دور المدرس داخل المدرسة دور أساسى وفى منتهى الأهمية القصوى فالمدرس لا يقل أهمية عن الدكتور والمهندس والضابط وغيره، فكل هذه الوظائف السالف ذكرها أساسها المدرس وهم يدينون بالفضل دائما لمدرسيهم فى المدرسة ويتذكرونهم طوال العمر، لابد أن يتقاضى المدرس الأجر المناسب بل ويجب أن يكون الأعلى أجرا بين جميع الوظائف، علينا جميعا أن نعلم أن المدرس قيمة وقامة كبيرة يجب أن ينال كل الاحترام والتقدير، أما لو تركنا الأمر كما هى الآن فلا يجب علينا أن نلوم المدرس على عدم التركيز داخل الفصل الدراسى والتركيز فى الدروس الخصوصية خارج المدرسة، أما إذا تم توفير جميع الإمكانيات للسادة المدرسين ففى هذه الحالة سنلومهم وبشدة فى حالة أى تقصير .
المدرس لابد أن يعلم أنه يؤدى رسالة سامية يجب أن يؤديها على أتم وجه حتى يرضى ربه قبل أن يرضى المجتمع المحيط به، يجب أن يعود المدرس إلى وضعه الطبيعى كما كان فى الماضى متمتعا بشخصية قوية داخل المدرسة واضعا حدود بينه وبين الطالب وليس كما رأينا فى السنوات الماضية من حالة تقرب شديد بين الطالب والمدرس بغرض الدروس الخصوصية لدرجة تصل إلى مقابلة الطلاب خارج المدرسة والجلوس على المقاهى ولعب كرة القدم، كل هذا سلوك غير مقبول وليعلم المدرس أنه بتلك الطريقة يزيل كل الحدود بينه وبين الطالب ويجعل الطالب أكثر جرأة فى كل تعاملاته مع مدرسه داخل المدرسة، مرة أخرى لابد أن تعود هيبة المدرس داخل المدرسة وخارجها، يجب على الأسرة المصرية توعية أبنائها بقيمة المدرس والتشديد على احترامه وتقديره، ليس كما نرى اليوم من السادة أولياء الأمور الذين يشجعون أبنائهم على البطش بالمدرس والمساس به فالتربية قبل التعليم كما تعلمنا جميعا.
المناهج التعليمية لابد من تغييرها ووضع مناهج جديدة تساعد على تنمية عقول الطلاب وليست مجرد مناهج بداخلها معلومات يقوم الطالب بتخزينها داخل عقله ويوم الامتحان يقوم بكتابتها داخل عدد من الأوراق لكى يحصل على مجموعة من الدرجات تؤهله للمرحلة التالية، يجب أن نجعل الطالب يفكر لأنه إذا فكر جيدا سيحاول وإذا حاول سيبدع وسيساعد من حوله بإبداعه وتفوقه.
لابد للدولة من نظرة عميقة للتعليم الفنى، فالتعليم الفنى فى منتهى الأهمية ومصر لديها عنصر بشرى يتمتع بذكاء خارق إذا توافرت له الإمكانيات والظروف سيبدع ويتفوق وهناك أمثلة عديدة لأشخاص مصريون سافروا للخارج وتفوقوا تفوقا مذهلا وأشاد بهم الجميع.
كل الشكر والتقدير للدولة على مجهوداتها فى محاولة تطوير منظومة التربية والتعليم ومصر تستحق أكثر من ذلك فنحن لنا الفضل الأكبر فى تثقيف وتعليم الشعوب العربية الشقيقة وهذا فضل تعترف به هذه الشعوب حتى الآن، فيجب أن نعود إلى وضعنا الريادى الطبيعى التى تستحقه الدولة المصرية وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة