وائل السمرى

ما لا أغفره لجمال عبدالناصر

السبت، 29 سبتمبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالتأكيد يعد الرئيس جمال عبدالناصر، من أهم رؤساء مصر «تاريخيا» فلا يستطيع أحد يتجاهل ما فعلته ثورة يوليو فى الدولة المصرية، ولا يستطيع أحد أن يغفل ما أسهم به ناصر، ومن معه فى إبراز صورة مصر، وكذلك لا يستطيع أحد أن يقلل من حجم التحديات التى خاضتها ثورة يوليو، لكنى مع هذا كله لا أستطيع أن أتجاهل سلبيات ثورة يوليو الكارثية، وتلك الحالة هى تحديدا ما تكلم عنها أحمد فؤاد نجم، بتلخيص مبهر حينما قال عن ناصر «عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت»، ومن ضمن تلك «الحاجات الكتير» التى خابت طريقة إدارته للأصول التى استولت عليها ثورة يوليو من قصور وبيوت وفيلات تخص أسرة محمد على، وكبار رجال الدولة، وللأسف فإن تلك المسألة تعد مسألة فارقة بالنسبة لى، لأنها ببساطة توضح أن تعامل رجال يوليو مع العمارة والفن والثقافة باعتبارها «سلعا» وليس باعتبارها «قيمة»، وهو ما يؤكد أن مستوى رجال يوليو الثقافى والتعليمى كان متدنيًا إلى أقصى حد.
فى ذكرى وفاة جمال عبدالناصر الـ48 لا أستطيع نسيان آلاف القطع الفنية العظيمة التى باعتها ثورة يوليو فى مزادات أشرف عليها أجانب، وثمنها أجانب، وقبض عمولاتها «أجانب»، لوحات فنية لأعظم فنانى العالم بعتها ثورة يوليو فى مزادات عشوائية، آلاف من قطع المجوهرات، باعتها ثورة يوليو بالكيلو، أو بالقطعة، استولت «الثورة» على قصور الباشاوات والبهوات والوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة، وبدلا من أن تجعل تلك البيوت والقصور بما تتميز به من سمات معمارية راقية بيوتا للفن أو منارات ثقافية جعلت منها مصالح حكومية أو مخازن لبضائع، أو استراحات لكبار الموظفين، آلاف من اللوحات والتماثيل والتحف التى اجتهد أصحابها فى جمعها من كل أنحاء العالم ليزينوا بها بيوتهم وقصورهم وفيلاتهم، كان نصيبها البيع بثمن بخس، فى حين أن العقل والمنطق يقولان إن مصير هذه القطع الفنية الراقية هو المتاحف وليس دور المزادات التى شحنت سريعا إلى أوروبا لتتزين بها متاحفها ومجموعاتها الفنية.
أنا هنا لا ألوم ثورة يوليو على استيلائها على تلك التحف الثمينة، ولا ألومها على مصادرها أو «تأميمها» فكل الثورات تفعل هذا الأمر، لكنى فحسب أرصد لك كيف تعامل رجال يوليو مع «الفن» وكيف استولت عليهم روح الانتقام، فأدت إلى تبديد قوة مصر المعنوية وضياع جزء كبير من قوتها الناعمة التى تتمثل فيما تملكه من كنوز الفن وروائعه، وفى الحقيقة كلما طالعت أحد الكتالوجات للقطع الفنية التى كانت تمتلئ بها قصور العائلة المالكة التى وزعتها ثورة يوليو على مقتنى الأعمال الفنية تمهيدا لبيعها، لا أستطيع ألا أتساءل: ألم تكن متاحف مصر أولى بهذه الكنوز؟ ألم يكن من حق الأجيال المتعاقبة أن تفخر ما تملكه مصر من كنوز الفن العالمى؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة