"رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى أفريقيا لدعم مستقبل بريطانيا التجارى فى مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى"، هذا هو العنوان الذى تسعى ماى لترويجه فى الداخل البريطانى أملا فى تخفيف الغضب والانقسام حول خطتها للبريكست، بينما طوق النجاة الذى قد يساعدها حقا هو دعم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، لكن هل يأتى الدعم حقا؟
كثير من الغضب قليل من الاتفاق
فى الداخل البريطانى انقسام حول خطة تيريزا ماى المقترحة لفك الارتباط بالاتحاد الأوروبى، حيث تعتبرها صحيفة "ديلى اكسبرس" استسلام كامل لأوروبا بينما مؤيدى حملة البريكست الأصليين يرون ماى ببساطة "خانتهم وخانت نتيجة استفتاء 2016" وأن الخطة المعروفة باسم "خطة شيكرز" تؤكد أن ماى كانت فعلا مؤيدة للبقاء فى الاتحاد الأوروبي وأنها خالفت كل مطالب مؤيدى الخروج، لأن الصفقة لا تضمن السيطرة الكاملة المطلقة على الحركة عبر حدود البلاد، وحتى الجزء المتعلق بالتعويضات الأوروبية وافقت عليه ماى، وكل هذا مقابل فرصة عقد صفقات تجارية مع الدول الأوروبية والبقاء ضمن السوق الأوروبى.
وبحسب "بيزنس انسيدر" فإن مؤيدى الخروج داخل حزب ماى "المحافظين" يرون الخطة مجرد استسلام سيجعل بريطانيا دولة تابعة لأوروبا وليست دولة مستقلة.
ماكرون يتدخل
فى أوائل أغسطس التقت تيريزا ماى بالرئيس الفرنسى وطلبت منه الدعم حتى يقنع شركائه الأوروبيين بخطتها، باعتبار أن هذا سيقوى موقفها فى الداخل البريطاني.
تيريزا ماى وماكرون
وكانت الشكوك موجودة فى البداية حول ما إذا كان ماكرون يريد حقا مساعدة ماى، ولكن جاءت تصريحات الرئيس الفرنسى بالفعل تدعو أوروبا لقبول الخطة وعقد الصفقة قبل مارس 2019 الموعد النهائى لمفاوضات البريكست.
مع ذلك تحيط الشكوك بجدية طوق النجاة الفرنسى حيث صرحت مصادر دبلوماسية أوروبية وخبراء فى الشأن الأوروبى لصحيفة "التليجراف" بأن ماكرون مستعد للاستمرار فى إقناع الدول الأوروبية للقبول بخطة "شيكرز" قبل القمة الأوروبية فى سالزبرج.
ولكن ليس على حساب المصالح الأوروبية ووحدة صف دول الاتحاد الأوروبى.. الأمر الذى يجعل تصريحات ماكرون مجرد كلام بالنسبة للرأى العام البريطانى سواء المؤيد أو المعارض للبريكست.
فمن جهة ماكرون لن يقنع دول أوروبا بتقديم التنازلات فيما يتعلق بحرية الحركة أو الإقامة أو حتى فى الجمارك.. أى أنه فى المجمل لن يتغير الموقف عما هو عليه الأن.
وهناك سبب أخر يجعل ماكرون لا يرغب حقا فى تقديم المساعدة وهو الحادث الذى أصبح يعرف إعلاميا باسم "حرب السكالوب" عندما انطلقت مراكب صيد المحار السكالوب البريطانية والفرنسية لتصطدم ببعضها فى عرض القناة بين البلدين بينما يلقى البحارة بالأدوات على بعضهم البعض فى مشاجرة وصفتها CNN بأنها "معركة من القرون الوسطى" حيث كان البحارة البريطانيين والفرنسيين يتشاجرون على أحقية صيد المحار فى المنطقة.
هذه الحادثة تجعل ماكرون أقل رغبة فى تقديم تنازلات لبريطانيا بينما فى الصحف البريطانية المحافظة مثل التليجراف والصن فإن التغطية كانت على لهجة واحدة وهى "لقد كنا محقين فى مغادرة الاتحاد الأوروبى الذى يمارس البلطجة ضدنا"، بينما الرأى العام الفرنسى والبحارة الفرنسيون يقولون إنهم ربحوا المعركة بطرد المراكب البريطانية لكن خسروا الحرب لأن البريطانيين سيعودون من جديد للصيد فى المنطقة.
ما المشكلة فى خطة ماى إذا؟
الخطة تجعل بريطانيا جزء من السوق الأوروبية وهذا جيد لكن المشكلة فيها أنها تربط البضائع البريطانية بالمعايير الأوروبية أى أن بريطانيا لن تكون قادرة على وضع معاييرها الخاصة فى التجارة وبهذا تخسر مقعدها فى صنع القرار فى أوروبا ومع ذلك ستكون ملتزمة بأى قرار أوروبى فى التجارة، ورغم هذا إذا اعترضت بريطانيا فإنها قد تخسر مميزات السوق الأوروبى أيضا.
بينما تيريزا ماى ترى أنها حافظت على المصالح التجارية البريطانية بإيجاد مكان لها فى أوروبا بهذه الخطة التى لا يرضى عنها أحد فى بريطانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة