عندما تطأ قدميك محافظة أسوان للاستمتاع بجولة سياحية من الطراز الأول، قد يغيب عن أجندتك السياحية واحدة من أهم الوجهات التاريخية الشاهدة على أقدم حروب الفاتحين المسلمين، عندما فتح القائد عمرو بن العاص مصر، إبان الفتح الإسلامى حينها، وهى "الجبانة الفاطمية"، والتى تتميز بالقباب الفاطمية التى تكشف عن طراز معمارى فريد وأسرار عن حياة عدد من الصحابة الذين تم دفنهم على هذه الأرض بعد معارك من أجل نشر الإسلام فى بلاد النوبة.
يكشف الدكتور حسن جبر، مدير تطوير المواقع الأثرية بأسوان، تاريخ أقدم الجبانات الموجودة على مستوى العالم بمحافظة أسوان، موضحا أن الجبانة الفاطمية اطلق عليها هذا الاسم نظرا لانتشار القباب الفاطمية على أرضها بشكلها المعمارى المتنوع، بينما تبين أن تاريخ الجبانة يعود إلى اقدم من العصر الفاطمى وتحديد إلى القرن الأول الهجرى، وذلك بعد أن تم اكتشاف إحدى الحفريات دخل قبر إسلامى مصنوع من الحجر الرملى ومدون عليها تاريخ يرجع إلى عام 31 هجريا، مما يعكس العمر الحقيقى لجبانة أسوان.
وأشار مدير تطوير المواقع الأثرية، لـ"اليوم السابع"، إلى أن من الحقائق التاريخية حول الجبانة الفاطمية، أنها كانت فى الأصل ميدان لمعركة شرسة دارت خلال القرن الأول الهجرى بين الفاتحين المسلمين وملوك بلاد النوبة لاعتناقهم الدين المسيحى حينها، ورغبة الفاتحين فى نشر الإسلام فى مصر، وعندما سقط شهداء من الفاتحين على خلفية هذه المعركة تم دفنهم فى هذه المنطقة ومن ذلك الحين أصبحت من اقدم الجبانات بالعالم.
وأوضح قائلا: بعد عمل العديد من البعثات الأثرية داخل الجبانة الفاطمية والكشف عن أقدم الحفريات، التى تعكس عمرها الحقيقى الذى يعود للقرن الأول الهجرى، تعتبر هذه الجبانة هى البقيع الثانى بعد البقيع المتواجد بالمدينة نظرا لأنه دفن بع العديد من الصحابة والتابعين وقت فتح مصر فى عهد عمرو بن العاص.
وفيما يتعلق عن الطراز المعمارى للقباب الفاطمية، أكد قائلا: فكرة القباب قائمة على مبدا لدى المذهب الشيعى يقوم ببناء القبة فوق القبر، وتكشف القباب الفاطمية التاريخ المعمارى لأشكال القباب والتى يتنوع بين مربع ومثمن، موضحا أن الجبانة الفاطمية شهدت خطة لترميم عدد من القباب الأثرية.
وأوضح أنه من ضمن المبانى التاريخية بالجبانة يوجد اقدم خزان لتخزين وترشيح المياه فى مصر، والتى بنائه فى عهد الملك فؤاد الأول، وكان يستخدم لتخزين المياه، كما يوجد عدد من الأضرحة التى تحمل أسماء الصحابة والتابعين أبرزها قبة الـ77 ولى، والتى عرفت بهذا الاسم نظرا لاشتهار الجبانة بأنها مدفن لأولياء الله الصالحين، كما يوجد ضريح السيدة زينب وضريح الحسن والحسين وقبة بلال.
وعن وضع الجبانة الفاطمية ضمن الخارطة السياحية بمحافظة أسوان، اكد شكرى سيف الدين، نقيب المرشدين السياحيين بأسوان، أن قبل اندلاع ثورة يناير كان هناك خطة من وزارة الاثار لإحكام السيطرة على الجبانة الفاطمية لإعادة تطويرها لتصبح مزارا أثريا لما تزخر به من معالم تاريخية هامة، وبالفعل تم ترميم عدد من القباب الفاطمية وتخصيص مسار للزيارة، إلا بعد اندلاع الثورة تلاشت الخطة، وبدأ الأهالى يقومون بدفن الموتى داخل الجبانة، خاصة بعد خلق الجبانة العمومية بوسط المدينة، فأصبح من الصعب أن تخصص الجبانة الفاطمية كمزار سياحيا وهى تستخدم لدفن الموتى بالوقت الحالى.
وعن كيفية استغلال الجبانة كواجهة أثرية هامة، أوضح نقيب المرشدين لـ"اليوم السابع"، أن النقابة تقدمت بمقترح منذ فترة بإقامة "ماكيت" توضح من خلال أشكال القباب الفاطمية وكيفية تطور أشكالها، على أن يتم عرضه بساحة مسجد الطابية، إلا أن المقترح لم يلق ترحيبا من اللواء مجدى حجازى، محافظ أسوان السابق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة