كان من المفترض أن تهدف الزيارة الرسمية التى قام بها الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا، التى بدأت الخميس الماضى وتستمر 3 أيام، إلى إصلاح العلاقات بين البلدين فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها بلاده وسعيه لطلب المساعدة، لكن بعد مضيه 24 ساعة فقط فى برلين أصبح (أردوغان) موضع هجوم غير مسبوق من الساسة والمواطنين على حد سواء.
الديكتاتور التركى الذى لم يتورع فى ملاحقة منتقديه فى الخارج وذهب لمطالبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بترحيل أتباع رجل الدين المعارض عبد الله جولن، حتى يقوم باعتقالهم وتعذيبهم فى سجونه، راح يرفع فى ألمانيا إشارة رابعة التى يرفعها عناصر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية منذ تفريق ذلك التجمع المسلح الذى كان يحاصر منطقة ومسجد رابعة العدوية بعد الإطاحة بالرئيس الإخوانى محمد مرسى فى 2013.
ولكن أردوغان نال نصيبه من الإحراج والتنديد من قبل الساسة والصحافة الألمانية والمواطنين أنفسهم الذين خرجوا فى مظاهرات يرفضون زيارة ذلك الديكتاتور القمعى لبلادهم. فضلا عن أن المستشارة الألمانية نفسها أحرجته عندما أعلنت على المنصة خلال المؤتمر الصحفى الرسمى لهما أن هناك "خلافات عميقة" قائمة بين البلدين فيما يتعلق بحرية الصحافة وسيادة القانون وطالبة ضيفها بإطلاق سراح آلاف المعتقلين السياسيين بما فى ذلك خمسة مواطنين ألمان.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن ميركل كانت تقف بعدم أريحية بجانب أردوغان حيث بدت غير مرحبه به، وقد وجهت إليه حديثها قائلة: "لقد حثيت على حل كل هذه القضايا بأسرع وقت ممكن"، بينما راح أردوغان يحدق للأمام. وتضيف الصحيفة أنه فضلا عن انتقادتها لأردوغان أمام الكاميرات، فإن المستشارة الألمانية بدت غير مرتاحة من دبلوماسية خرقاء جعلتها فى النهاية تتعامل مع ديكتاتور ناشئ على حدود أوروبا.
وتعليقا على رفع أردوغان إشارة مؤيدى الإخوان المسلمين، كتب جوليان رايشلت، رئيس تحرير صحيفة بيلد الألمانية الكبرى، على حسابه بموقع تويتر "من الصعب أن نرى كيف يتم السخرية من قيم بلادنا". ونشرت صحيفة "نيوز دويتشلاند" الألمانية فى صفحتها الأولى، الجمعة، مقال كتب باللغة الكردية بعنوان "أردوغان غير مرحب به".
وبينما استفبل الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، نظيره التركى رجب فى قصر "بيلفو" الرئاسى فى برلين بالتشريفات العسكرية، وأقام مأدبة عشاء على شرفه، أثار الأمر جدلاً واسعاً فى ألمانيا. كما رفض العديد من الساسة الألمان، من بينهم المستشارة الألمانية، المشاركة فى المأدبة المُقامة على شرف الضيف التركى احتجاجاً على سجل حكومته فى مجال حقوق الإنسان.
وبحسب الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" فإنه منذ الإعلان عن زيارة أردوغان لبرلين وسيل الانتقادات لهذه الزيارة المثيرة للجدل لا يتوقف. وأتهمت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألمانى المعارض، ضيفهم بدعم جماعات إرهابية. وقالت زارا فاجنكنشت إن "الرئيس أردوغان وحكومته يتعاونان مع جماعات إرهابية إسلامية"، لافتة أن تركيا تمد هذه جماعات فى سوريا بالسلاح، وهوما اعتبرته "تطورا مخيفا".
وأضافت فاجنكنشت، إن "استقبال شخص يهدم الديمقراطية فى بلاده ويؤسس ديكتاتورية إسلامية، بالسجادة الحمراء وبكل مراتب الشرف، هو أمر السخيف ". أما حزب الخضر، فقد طالب المستشارة ميركل باتخاذ موقف واضح، وقال أنتون هوفرايتر، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، فى تصريحات صحفية: "لا يمكن أن تكون هناك مساعدات قبل أن تسود الظروف الديمقراطية مرة أخرى فى تركيا وقبل أن تعود دولة القانون وحرية الصحافة".
ومنذ أمس تستمر المظاهرات فى عدة مناطق فى ألمانيا ذد زيارة أردوغان، حيث تظاهر عدة آلاف بالعاصمة الألمانية برلين احتجاجا على الزيارة، ورفعت المظاهرة التى أقيمت بعد ظهر الجمعة شعار: "لا مرحبا بأردوغان". وشبهوه بالزعيم النازى أدولف هتلر، كما حملوا أكفانا للتعبير عن رفضهم لعمليات القمع التى تقوم بها القوات التركية ضد الأكراد فى تركيا وسوريا، وشارك فيها ساسة ألمان وفضلا عن مواطنين ألمان وأتراك وأكراد.
وقالت الشرطة إن الأعداد تقترب من الخمسة آلاف بينما قال منظمو المظاهرة إنهم بلغوا ثمانية آلاف. وقال بيجان جير ساراى، رئيس لجنة السياسة الخارجية لدى حزب الديمقراطيين الأحرار، الذى شارك فى الاحتجاجات، إنه لا يستطيع تناول الطعام مع أردوغان "بينما يجلس المواطنون الألمان فى السجون التركية".
وتظاهر الآلاف من المواطنين الألمان اليوم السبت، ضد زيارة أردوغان لمدينة كولونيا، حيث رفعوا شعار "زيارة الديكتاتور أردوغان هى عار على كولونيا". .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة