تشهد مدينة البصرة العراقية احتجاجات عارمة على مدار الأسابيع القليلة الماضية، بسبب المشكلات التى تعيشها المدينة من تلوث المياه وفساد الأحزاب التى تتكالب على ثروات العراقيين فى المدينة، فضلا عن مشكلة البطالة وعدم وجود بنية تحتية بثالث أكبر مدينة فى البلاد.
الكثير لا يعرف أن المشكلة الرئيسية فى مدينة البصرة سببها الميليشيات المسلحة والقوى المحلية والعشائر والأطراف الإقليمية والدولية التى تنهب ثروات العراقيين على مدار السنوات الماضية، فالصراع على المكاسب والنفوذ هو عنوان المرحلة الحالية التى تعيشها البصرة والتى تعتبر خزينة الميليشيات المسلحة فى العراق.
يذكر أن مدينة البصرة العراقية قد شهدت عام 2003 صراعا شرسا بين دول اقليمية لتعزيز نفوذها داخل البلاد، وتعانى البصرة من سيطرة الميليشيات على الميناء والأرصفة التجارية والبترول والكثير من الموارد الاقتصادي.
الصراع فى الجنوب العراقى هو صراع إقليمى على النفوذ ومحاولة لبسط النفوذ والسيطرة فى ظل حالة الضعف والتشتت التى تضرب العراق، فضلا عن الصراع السياسى بين الأحزاب لتكوين الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب العراقى لتشكيل البرلمان والفساد الذى لا يزال متجذر فى مؤسسات الدولة العراقية منذ سنوات.
ويتهم مراقبون للشان العراقى الأحزاب السياسية العراقية المشاركة فى الحكومة الاتحادية أو المحلية بنهب وسرقة ثروات البصرة، متهمين إيران بدعم الميليشيات المسلحة التى تسيطر على نفط العراقيين فى البصرة.
ووقعت اشتباكات مسلحة بين عدد من الميليشيات على الأرصفة البحرية بسبب خلافات على حصص تلك المجموعات المسلحة من واردات بيع نفط البصرة، فضلا عن الصراعات التى تجرى بين الحين والآخر من أجل السيطرة على منفذ أو رصيف بحرى لبيع النفط وتهريب الموارد الاقتصادية فى البصرة.
وتشمل مشكلة مدينة البصرة العراقية عددا من الأزمات الآخرى أحدها يتعلق بوزارة الموارد المائية العراقية التى فشلت فى تنظيم استهلاك المياه وتوزيعها بين الزراعة والاستهلاك البشرى من قبل أهالى البصرة، وفشلت الوزارة فى مشكلة المياه بسبب الفساد المالى والإدارى الذى أفشل مشروع حفر قناة تمتد من منطقة البدعة إلى منطقة أبو صخير الواقعة شمال البصرة.
وأكد مصدر عراقى أن الفساد تسبب فى فشل المشروع فقد تهالكت الأنابيب التى تنقل المياه إلى محطات الإسالة البعيدة عن مصادر المياه، ما دفع المسئولين فى محافظة البصرة باللجوء إلى مشروع جديد على شط العرب المالحة والملوثة والتى تسببت فى تسمم عدد كبير من المواطنين.
يعانى العراقى من شح المياه خلال الفترة الأخيرة وتهدد البلاد أزمة جفاف بسبب السدود تركيا وإيران، وزيادة استهلاك دمشق وطهران وأنقرة للمياه خلال السنوات الأخيرة، ما أدى لنقص حصة المياه العراقية وأنشأت تركيا وسوريا سدود لمنع المياه على الفرات منذ سبعينيات القرن الماضى ، وقد تسبب ذلك في تناقص تدفق مياه النهر إلى ما دون النصف، وتسبب غقامة تركيا لسد أليسو فى تفاقم أزمة شح المياه فى العراق.
وتلعب إيران دورا بارزا فى مدينة البصرة العراقية بسبب الأزمة بين طهران والحكومة الاتحادية التى رفضت دعم إيران فى أزمة العقوبات الأخيرة التى فرضتها الولايات المتحدة على مؤسسات إيران.
وكانت إيران قد أقامت سدود على نهرى الكارون والكرخة ومنع وصول كميات كبيرة من المياه إلى العراق، وهو ما تسبب فى زيادة نسبة المياه الملوثة فى شط العرب وتصاعد الملوحة القادمة من الخليج، ما أدى لتظاهر عدد كبير من المواطنين بسبب تناقص المياه العذبة فى البصرة وهو ألحق أضرارا جسيمة بالزراعة فى العراق، فضلا عن أزمة شح مياه الشرب الذى تسبب فى تفجر الأزمة.
بدوره اتهم القيادى فى تيار الحكمة الوطنى العراقى، على الجورانى، محافظ البصرة الأسبق خلف عبد الصمد ورئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى بالوقوف وراء ايقاف مشاريع تحلية المياه الاستراتيجية فى البصرة.
وقال السياسى العراقى فى بيان صحفى، أن نورى المالكى ومحافظ البصرة الأسبق كانا يقفان وراء توقف مشروع تحلية مياه الفاو الذى كلف خزينة العراق 89 مليون دولار نتيجة تواطؤهم مع الشركة المنفذة التى كانت تستلم أموال من محافظ البصرة الأسبق خلف عبد الصمد بدون أن تقدم نسب انجاز فى العمل.
وطالب الجورانى هيئة النزاهة العراقية بتحريك ملفات الفساد السبعة التى أدين بها محافظ البصرة الأسبق والتى تأتى فى مقدمتها مشروع تحلية مياه الفاو، موضحا ان ما يجرى فى البصرة سببه ايقاف هذا المشروع الاستراتيجى الذى لو اكتملت كان يمكن أن يجنب البصرة الكارثة الانسانية التي تمر بها فى الوقت الحالى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة