هل ارتفعت نسب الجرائم فى مصر وتنوعت وأصبحت أكثر انتشاراً، وهل أصبحت الجرائم العائلية جزءاً من خرائط الجريمة فى المجتمع. وهل ارتفع معدل الجريمة فى مصر عن باقى دول العالم، أم أنها نسبة عادية مقارنة بحجم السكان؟ وهل تمثل نسب الجريمة منحنى مختلفا يثير القلق ويستحق الدراسة؟
كل هذا وغيره مطروح على ألسنة معلقين تطرحه الصحف والمواقع على الخبراء، بحثا عن إجابة: هل أصبحنا مجتمعا يتزايد فيه المجرمون.
من عناوين الصحف والمواقع اليومية يمكن رصد نوعيات مختلفة من الجرائم، سرقة بالإكراه، قتل عمد، خطف لطلب فدية، تعذيب أب لابنه فى دمياط حتى الموت، أب متهم بإغراق طفليه فى الدقهلية، أم تقتل ابنها، ابن يقتل أمه أو أبيه أو شقيقه، حفيد يقتل جده ويحرقه ليسرق 6 آلاف جنيه فى المغربلين بالدرب الأحمر، العثور على أب وأبنائه الأربعة مقتولين فى بنها، مقتل شاب فى المرج على يد أمه وشقيقه، فى الرحاب استدرج مجرم خطيب ابنته وقتله ودفنه، لأن الشاب اكتشف أن حماه مجرم ومهرب مخدرات ومختلس، زوَّر شهادة وفاة.
كل هذا وهناك عشرات الجرائم التى تكشفها أجهزة الأمن، وأخرى يكتنفها الغموض، وخلال العقود الأخيرة كانت هناك تعليقات فى المجتمع، عن أن هناك نوعيات من الجرائم لم يكن المجتمع المصرى يعرفها، والبعض يراها نسبة مرتفعة، بينما يراها آخرون طبيعية مقارنة بعدد السكان وتعقد الحياة.
على كل الأحوال يفترض أن تكون هناك مراكز اجتماعية ترصد المجتمع وتحلل تركيبته ونوعيات الجرائم وأسبابها، وصولا لتوصيات يمكن أن تفيد الأمن فى مواجهتها، ولدينا المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والذى كان وما يزال يضم أعداداً من الباحثين الاجتماعيين الكبار وأساتذة وخبراء يرصدون شكل الجريمة وتطورها وأسبابها وتفسيراتها.
خلال التسعينيات من القرن العشرين كانت وزارة الداخلية تصدر سنوياً تقرير «الأمن العام»، وتسجل فيه إحصائيات وأرقاما تتعلق بعدد الجرائم وأنواعها، وتحليلها، وكان التقرير يوزع على مستوى واسع ويتاح للصحافة والباحثين والجامعات، لكن نهاية التسعينيات أصبح يوزع على مستوى المسؤولين بالوزارة ولا يتاح بشكل عام، تقرير الأمن العام يمثل قاعدة مفيدة ومهمة للباحثين والمحللين، ويفترض أن يكون متاحاً ضمن الإحصائيات المهمة للباحثين والخبراء.
وبالعودة إلى معدلات الجريمة عموما فإن كثيرا من خبراء الاجتماع يرون أن الجريمة فى مصر مثل باقى المجتمعات، وأن التطورات الاقتصادية والاجتماعية تقود إلى نوعيات من الجريمة تتطور حسب السكان وأعدادهم، ويعرف العاملون فى الصحافة والإعلام أن مصر من الدول التى تغطى فيها الصحافة أخبار الجريمة بتوسع، على العكس من مجتمعات عربية تفرض نوعا من الحظر على نشر الجرائم، الأمر الذى يظهر هذه المجتمعات بنسب جريمة أقل على عكس الواقع، فى المقابل فإن من يتابع حجم ونوعيات الجرائم فى الولايات المتحدة الأمريكية يكتشف تضاعف حوادث القتل الجماعى، وإطلاق النار على مدارس أو اقتحام محلات أو السرقة بالإكراه، بشكل يفوق دولا أخرى، وهى نسب يراها خبراء الجريمة نتاجا لكون الولايات المتحدة مجتمعا مفتوحا للمهاجرين، والتفاوت الاجتماعى والاقتصادى، ولسنا فى موقع مقارنة، لكن هذه المعدلات يفترض وضعها فى الاعتبار ونحن نعالج الجريمة بمصر.
ثم إننا بالفعل بنظرة على نوعيات الجريمة نكتشف أنها لا ترتبط بالطبقة الاجتماعية أو التعليم أو المستوى الاجتماعى والاقتصادى، بل إن الفساد والرشوة والتهريب ترتبط بمستويات اقتصادية عليا، وكثير من مرتكبى جرائم القتل يفعلون ذلك بدوافع أخرى غير المال، مثل جريمة الرحاب، طبعا السرقة بالإكراه أو اقتحام المنازل يقوم بها مسجلون بعضهم أثرياء، والبعض الآخر يفعلها بدافع الفقر والأزمات الاقتصادية.
الأمر بحاجة إلى دراسة حقيقية، بناء على إحصائيات حتى يمكن أن نعرف ما الذى ارتفع أو انخفض فى عدد أو نوعيات الجريمة فى بلدنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة