مع كل صباح تراه جالسا أمام الفيلا التى يحرسها، وبالقرب منه تجلس طفلتاه الصغيرتان، ومع نهاية اليوم يغلقون خلفهم باب البدروم وتنام الأسرة المكونة من خمسة أبناء وأبيهم وأمهم، لكن تبقى علياء وحبيبة فتاتان من أبناء الغفير يجافيهما النوم من البرد، مهما كانت درجة حرارة الجو فكلاهما مريض منذ ولادته بمرض العظم الزجاجى.
حسن إمام والد علياء 10 سنوات، وحبيبة 11 سنة، جاء من بنى سويف مركز الفشن ليعمل فى مدينة العبور، و"عمل جمعية" لشراء توك توك لتوصيل ابنتيه لمدرستهما التى تبعد أكثر من 4 كيلو عن محل إقامتهم، لكن طبقا لقانون هيئة المجتمعات العمرانية فالتوك توك ممنوع وتمت مصادرته منه، وعاد ليروى حكايته لرئيس المدينة فأعاده له بشرط أن يبيعه، وبالفعل باعه وأنفق ثمنه على علاج طفلتيه، وبحث عن عمل آخر بجانب عمله بالفيلا، فعمل بأحد مراكز الشباب "جناينى".
حكاية حسن إمام ليست حكاية رجل يبحث عن عمل فقط، وإنما حكايته الأساسية التى ارتبطت بمأساة طفلتيه علياء وحبيبة، حرمهما مرضهما من اللعب والحركة كباقى قريناتهما.
روت حبيبة بلهجتها المتلعثمة من شدة البرد فالعظم الزجاجى يتأثر بدرجة حرارة الجو، كيف تخرج أمام الفيلا لتلعب وكلما خرجت عادت بعد أن تسقط على قدمها فتجبس القدم، وكذلك كيف لا تقوى على مشاركة زملائها فى المدرسة على اللعب، وبعد أن باع والدهما التوك توك لم تعد تذهب هى وشقيقتها المدرسة لبُعد المسافة.
وبالقرب من حبيبة جلست شقيقتها علياء لتروى كيف كانت تحملها والدتها ووالدها ويذهبان بهما للمدرسة حتى اشترى التوك توك وكيف كان يأخذ والدها فى طريقه بعض الأشخاص ليحصل على مال ليشترى لهما العلاج.
حسن رجل بسيط منحه الزمن فتاتين مريضتين بالعظم الزجاجى وعلاجهما فقط يحتاج أكثر من ألفى جنيه شهريا، كل حلمه أن يحصل على تروسيكل يعمل عليه ويوصل به ابنتيه للمدرسة ليكملا تعليمهما.. علياء تحلم بأن تصبح طبيبة، أما حبيبة فكل حلمها عروسة تلعب بها وتستطيع أن تمشى وتلعب دون أن تكسر وتجبس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة