يواصل مسلسل التصعيد بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حلقاته، ففى أعتاب الذكرى الثالثة لواقعة احتجاز الحرس الثورى، بحارة أمريكيين كانوا على متن زورقان ضلا طريقهما لمسافة كيلومترين فى المياه الإقليمية الإيرانية بإيران فى 13يناير 2016، وترويج صورهم راكعين وأيديهم فوق رؤوسهم، تعتزم الإدارة الأمريكية مواصلة ضغطها على طهران لتقيلم أظافرها وتقويض برنامجها الصاروخى الباليستى، عبر حشد دولى ينطلق من بولندا الشهد المقبل، ورفض منح إعفاءات أخرى من العقوبات على النفط الإيرانى.
وتحمل ضغوط واشنطن على إيران فى هذا التوقيت، فضلا عن إعلان قمة دولية ببولندا فى 13 و14 فبراير المقبل تركز على الشرق الأوسط، وتحديدا إيران، دلائل عدة، أهمها مساعى الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب برد اعتبار بعد أن روجت طهران لصور البحارة أمريكيين بشكل مهين دون أن تحرك إدارة باراك أوباما السابقة ساكنا، الأمر الذى دفع ترامب للتعليق أثناء حملته الانتخابية فى سبتمبر 2016، وهدد إيران بأن البحرية الأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدى أمام تكرار حوادث اقتراب سفن إيرانية من المدمرات الأمريكية، وقال:"سيتم إطلاق النار عليها فى عرض البحر، وأضاف "إيران أذلت الولايات المتحدة باحتجاز البحارة الأمريكيين العشرة"، وأضاف أن الصور البشعة. وكرر الحرس الثورى استفزازه لواشنطن ففى أكتوبر 2018 أعاد نشر صور وفيديو احتجاز البحارة وسط فرض الولايات المتحدة حزمتين من العقوبات على طهران مستدفة قطاعى النفط والمصرفى.
واقعة احتجاز بحارة أمريكيين يناير 2016
السبب الأخر الذى دفع الإدارة الأمريكة لاختيار تاريخ القمة فى فبراير المقبل، قد يكون إحياء طهران فى الشهر نفسه الذكرى الـ40 لثورة 1979 والتى اسقطت الشاه حليف الولايات المتحدة ووصول آيات الله إلى الحكم، وتحول إيران من شرطى إلى الخصم للولايات المتحدة، حيث بدأت مرحلة التوتر فى العلاقات بعدما استضافت واشنطن الشاه المريض للعلاج فى مستشفياتها، وإطلاق الخمينى خطاب مناوئ لواشنطن والتصعيد آنذاك الذى أدى إلى اقتحام الثوريون للسفارة الأمريكية بطهران 4 نوفمبر 1979 واحتجاز رهائن من دبلوماسيو واشنطن لمدة 444 يوم واقعة تركت أثرا بالغ فى حالة العداء بنى البلدين.
قفز المحتجين على أسوار السفارة
الزعيم الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى، تهكم منذ أيام قليلة على واشنطن التى توقع مسئوليها الكبار فى إحدى تجمعات المعارضة الإيرانية أن يحدث تغيير فى النظام فى إيران بنهاية 2018، وقال "قبل فترة قال أحد المسئولين الأمريكيين فى حديثه أمام حفنة من الإرهابيين ومثيرى الشغب إنه يأمل أن يحتفل بعيد الميلاد لعام 2019 فى طهران. وقد مر عيد الميلاد قبل أيام!".
ومع عزم الإدارة الأمريكية مواصلة الضغوط فى إطار استراتيجية متشددة تبنتها إدارة ترامب منذ الانسحاب من الاتفاق النووى مايو 2018، قال برايان هوك ممثل الولايات المتحدة الخاص بإيران اليوم السبت، إن بلاده لن تمنح أى إعفاءات أخرى فيما يتعلق بقطاع النفط الإيرانى بعد أن منحت 8 دول اعفاءات، ليؤكد بذلك على رغبة واشنطن فى القضاء على أى مصدر دخل لإيران بعد فرض عقوبات خانقة على قطاعى النفط والمصرفى، وأضاف "تشعر إيران على نحو متزايد بالعزلة الاقتصادية التى فرضتها عقوباتنا... نريد بالفعل أن نحرم النظام من العائدات".
بريان هوك قال أيضا إن واشنطن ستمارس ضغوطا أكبر على إيران، وصرح بأن الانسحاب من سوريا لن يمنعنا من التركيز على مواجهتها، وقال إنه تغيير تكتيكى لا يؤثر على القدرات العسكرية الأمريكية لهزيمة داعش واحتواء إيران.
الأمر نفسه الذى أكد عليه وزير الخارجية مايك بومبيو، خلال لقاء مع العربية الإخبارية، وصرح "إعلان الانسحاب من سوريا لا يتناقض مع استراتيجيتنا تجاه إيران". وأضاف "يجب أن يعلم الشعب الإيرانى أن تدخل النظام فى شئون الدول الأخرى غير مقبول"، وتابع"على الشعب الإيرانى أن يدرك أننا نريد له الحياة الكريمة"، وتابع: "نريد أن نسمع أصوات الشعب الإيرانى".وصرح بأن "قمة بولندا ستتطرق لعدة ملفات على رأسها الملف الإيرانى".
وفى النهاية مرجح بشكل كبير تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، فى ظل رغبة الرئيس الأمريكى أن تنصاع طهران إلى اتفاق جديد بديل عن الاتفاق النووى المبرم فى 2015، ورغبتها فى تقويض سلوك طهران ووقف عجلة تطوير صواريخها الباليستية التى تهدد حلفاءها وعلى رأسهم إسرائيل، ورفض طهران لهذا السلوك.