سلطت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الضوء على الفوضى السياسية التى تشهدها لندن بسبب "البريكست"، وذلك قبل أيام من تصويت "العموم" على اتفاق رئيسة الوزراء، تيريزا ماى الثلاثاء بعد تأجيله من قبل خوفا من رفضه، وقالت إن فرصها لإخراج بلادها من الاتحاد الأوروبى بحلول 29 مارس المقبل بدأت تتلاشى لاسيما بعد اعتراف كبار الوزراء بشكل خاص بأن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت حتى وإن تمكنت من تمرير صفقتها عبر البرلمان.
وأضافت الصحيفة، أن كبار الأعضاء فى حزب المحافظين يدركون أن مقدار التشريع الهائل الذي يجب على البرلمان تمريره للتحضير لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بغض النظر عما إذا تمت الموافقة على خطط ماى أم لا، يجعل الانسحاب فى التاريخ المتفق عليه شبه مستحيل.
وقال أحد وزراء الحكومة لصحيفة "الإندبندنت"، إنه في حال وافق البرلمان على صفقة رئيسة الوزراء الثلاثاء – وهو أمر غير متوقع، سيكون هناك حاجة إلى أسبوعين آخرين للإعداد للخروج، ولكن إذا رفض البرلمان تمرير الاتفاق كما هو متوقع، فإن تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبدو حتمياً إذا رغبت لندن فى تجنب سيناريو الخروج بلا صفقة لما له من آثار سلبية على استقرار البلاد.
ورغم إدراك الحكومة لذلك، تضيف الصحيفة، حاول داونينج ستريت التقليل من فرص أي تمديد لفترة التفاوض بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة، الجمعة، بالقول إن هذا الاتجاه ليس ضمن "سياسة الحكومة".
وأرجحت الصحيفة أن ماي بصدد التعرض لهزيمة تاريخية عندما تقدم صفقتها إلى مجلس العموم يوم الثلاثاء، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنها ستخسر بأكثر من 200 صوت.
كما أن التأخير في تحديد مسار البلد سيؤدي إلى تراجع قدرة البرلمان على تمرير ستة تشريعات أساسية ، مما يجعل الخروج في 29 مارس غير مرجح رغم إدعاءات مجلس الوزراء.
لكن حتمية تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تم إبرازها من قبل أحد الوزراء الذين صرحوا لصحيفة "الإندبندنت" أنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى تمديد قصير للمادة 50 لتنفيذ الاتفاق الذى تمت المصادقة عليه، وقال: "سيكون من الصعب تمرير التشريع بنهاية شهر مارس ، حتى لو تم تمرير الصفقة"، مضيفا: "لكن لن يعترض أحد إذا احتجنا بضعة أسابيع أخرى."
ويرى الوزراء أن كلا من الاتحاد الأوروبي والراغبين فى الخروج ليس من المرجح أن يعترضوا على تأجيل قصير طالما أن انسحاب المملكة المتحدة مضمون تمامًا.
وأشارت "الإندنبدنت" إلى أن الحكومة عليها تمرير سلسلة من مشاريع القوانين بما في ذلك تلك المتعلقة بالتجارة والهجرة والزراعة لضمان وجود إطار تشريعي وقت الخروج.
وحتى الآن يصر داونينج ستريت على أنه من الممكن تمرير جميع القوانين الجديدة، حتى وإن كان ذلك يعني إلغاء استراحة مجلس العموم في فبراير وإحضار النواب في جلسات نهاية الأسبوع. وفي وقت متأخر من صباح الجمعة ، قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء للصحفيين إن أي تأخير لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس سياسة حكومية.
لكن القبول بأن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت حتى لو انتهى التصويت بتمرير اتفاق رئيسة الوزراء ، يعني أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أغلب الظن لن يتم فى مارس 2019.
وكان وزير الأعمال والطاقة البريطانى جريج كلارك، حذر من سيناريو الخروج دون اتفاق واصفا إياه بأنه سيكون "كارثيا"، وقال إنه لا يستبعد تقديم استقالته إذا واصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، المضى قدمًا فى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى (بريكست) بدون التوصل لاتفاق.
وأضاف كلارك- فى تصريحات نقلتها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه سيعمل دائمًا وسيقاتل ليضمن أن تكون سياسة الحكومة البريطانية هى التوصل لاتفاق جيد بخصوص بريكست، وتجنب تنفيذ بريكست بدون اتفاق، الأمر الذى يعتبره كلارك "كارثة".
وجاءت تصريحات كلارك عقب مقال نشره نيك تيموثى، مدير مكتب تيريزا ماى السابق، فى صحيفة (التليجراف) البريطانية، قال فيه أن بعض نواب البرلمان من حزب المحافظين يمكن أن يصوتوا ضد الحكومة البريطانية فى اقتراح لحجب الثقة، لوقف تنفيذ بريكست بدون اتفاق.
ولفت كلارك إلى أنه لا توجد أغلبية فى البرلمان البريطانى تؤيد مغادرة التكتل الأوروبى بدون التوصل لاتفاق، وبدا ذلك واضحًا عقب معاناة الحكومة هزيمتين مدمرتين من جانب حزب المحافظين خلال 24 ساعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة