قبل 4 أسابيع، أخفق الكونجرس الأمريكى فى التوصل إلى اتفاق حول تمويل الجدار الذى يريد الرئيس دونالد ترامب بناءه على الحدود المكسيكية، ما تسبب فى إغلاق الإدارات الفيدرالية بدءً من السبت 22 ديسمبر الماضى.
وكان من المقرر أن يمرر الكونجرس 12 قانونا لإنهاء أزمة تمويل عدد من الوزارات والدوائر والهيئات الفيدرالية، على أن يتم رفعها إلى الرئيس من أجل التوقيع عليها، لكن باءت المفاوضات بالفشل، ما تسبب فى إغلاق حكومى، فماذا يعنى إغلاق الحكومة فى الولايات المتحدة الأمريكية ومدى تأثيره على اقتصاد البلاد؟ وكيف يمكن للنظام الفيدرالى فى الولايات المتحدة الحكومة تقديم الخدمات الأساسية رغم الإغلاق، بما لا يؤثر على الحياة العامة؟
وإغلاق الحكومة هى حالة سياسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، تتوقف فيه الحكومة عن توفير الخدمات، فيما عدا "الأساسية" منها، وتشمل عادة الخدمات التى تستمر رغم تعطل الحكومة عن العمل كل من الشرطة، ومكافحة الحرائق، وخدمة الأرصاد الوطنية والهيئات التى تتبع لها، وخدمة البريد، والقوات المسلحة، والمرافق، والمراقبة الجوية، والخدمات الإصلاحية، وبقدر ما تطول فترة الإغلاق، تكون النتائج قاسية.
وبدأت السنة المالية الأخيرة بأمريكا فى الأول من شهر أكتوبر الماضى، بالموافقة على 5 قوانين من أصل 12 قانونا، هى: تمويل ميزانية الدفاعية والماء والطاقة، وتمويل القسم التشريعى والمنشآت العسكرية وشئون المتقاعدين، وتمويل وزارات العمل والتعليم والصحة، وأخيرا تمويل الخدمات الصحية والبشرية، فهذه لن تتأثر بالإغلاق، ويعنى هذا أن ذلك سيؤثر على باقى القوانين، أى أن 7 من أصل 12 قانونا يجب المصادقة عليها.
وينطبق الإغلاق الحالى على عدد من الوزارات المهمة مثل الأمن الداخلى والعدل والتجارة والنقل والسكن والخزانة، وكذلك وزارة الداخلية التى تدير المحميات الوطنية التى يتوجه إليها عدد كبير من الزوار خلال فترة الأعياد، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأدى تعطل الحكومة الفيدرالية عن العمل إلى منح الموظفين الفيدراليين المدنيين أذونات بالغياب، أما الموظفين العسكريين، فلا يمنحوا إذنا بالغياب، لكنهم قد لا يحصلون على أجورهم كما هو محدد.
وقدر البرلمانيون الديمقراطيون عدد 800 ألف موظف فدرالى تأثروا بهذا الإغلاق من أصل 2,1 مليون موظف.
وقبل الإغلاق الحالى، يعود آخر إغلاق لإدارات فدرالية فى الولايات المتحدة إلى يناير 2018 وهو الأول فى عهد إدارة ترامب، وقد استمر ثلاثة أيام، قبل ذلك أغلقت الإدارات غير الأساسية فى عهد باراك أوباما كانت بأكتوبر 2013 وهى الفترة الأطول إذ استمرت 16 يوما، وإن كانت لا تقاس بالإغلاق الذى استمر 21 يوما فى 1995-1996.
ورغم الاغلاق الحكومى، إلا أن النظام الفيدرالى للولايات المتحدة الأمريكية يمكن المواطنين من ممارسة حياتهم اليومية، حيث تنقسم الحكومة الفيدرالية إلى ثلاثة أفرع رئيسية، وهي السلطة التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، وهذه الفروع تؤدّي الأدوار الأساسية نفسها المُحدّدة لها في الدستور الذي كُتب في عام 1787، وهي الكونجرس الذى يمثل السلطة التشريعية، وينقسم إلى مَجلسين هما: مجلس الشيوخ، ومجلس النواب. والرئيس هو الرئيس التنفيذي المُنتخب، ومُكلّف بتَنفيذ القوانين، والمحكمة العليا وجميع المحاكم الاتّحادية الأخرى؛ وهي لها السلطة القضائيّة المُخوّلة لها بموجب الدستور.
وتستخدم الحكومات الفيدرالية بأفضل أشكالها فى البلدان الكبيرة؛ بحيث تتواجد فيها مجموعة متنوّعة من الأشخاص ذوى احتياجات متنوّعة، ولكن بثقاقة مشتركة؛ حيث يُمكن المقارنة مثلاً بين ولاية وايومنج (Wyoming)، وهى الولاية الأقل اكتظاظاً بالسكان، وبين ولاية نيوجيرسى (New Jersey)، وهى الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، ومن الواضح أنّ هناك احتياجات مختلفة على المستوى المحلى لكل ولاية، ولكن ينبغى أن تكون لها حكومات محلية مختلفة لتلبية هذه الاحتياجات، ورغم ذلك تتقاسم الولايتان ثقافةً ومصلحةً مشتركتين، وبالتالى تتّحد بالحكومة الوطنية، وتساعد الحكومات الفيدرالية على تلبية الاحتياجات المتنوّعة لبلد كبير جغرافياً، لذلك فإنّ الحكومات الاتحادية أو الفيدرالية تتواجد فى البلدان الكبيرة، مثل: الولايات المتحدة، والمكسيك، وألمانيا، وكندا، وأستراليا، والبرازيل، وغيرها.
والنظام الفيدرالى يوفق بين هدفين سياسيين، يبدو متناقضين الهدف الأول هو تكوين حكومة مركزية قويه وفاعلة، والهدف الثانى هو المحافظة على استقلالية حكومة الولايات، بما يعنى أن النظام الفدرالى يقوم على أساس فكرة توزيع السلطات بين الحكومة المركزية، والحكومات الأخرى فى الدولة.
ورغم الإغلاق، بإمكان كل ولاية تدبير احتياجاتها وفق ما تراه من قرارات، حيث يتميز النظام السياسى للولايات المتحدة بإعطاء الحق لكل إقليم (أو ولاية)، بأن تكون لها سياساتها الخاصة بها، بما لا يتعارض مع الدستور الفيدرالى، ولا يتعارض مع سياسات أو اتفاقيات الدولة الاتحادية، بمعنى أنه يمكن أن يكون للولايات سياسات تعليمة، أو إسكانية، أو صحية، أو ثقافية مختلفة عن بعضها البعض، بما لا يتعارض مع الدستور الفدرالى، وسياسات الحكومة الفيدرالية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة