كثيرون هم الموهوبون الذين يصنعون نجوما وأعمالا تبقى بعد رحيلهم، حتى وإن لم ينالوا حظهم من الشهرة والمال والأضواء، ومن هؤلاء عم حسن أبو عتمان أحد أهم شعراء الأغنية الشعبية الذى ربما لا يعرف الكثيرون اسمه حتى وإن كانوا يرددون كلماته وأغانيه.
حسن أبوعتمان مؤلف أهم الأغانى الشعبية وأكثرها نجاحا وانتشارا واحد من هؤلاء الذين ساهموا فى نجاح وتألق نجوم الأغنية الشعبية، ومنهم محمد رشدى وأحمد عدوية " عرباوى والله وفرحنا لك يا وله ، يا عبد الله أخويا سماح ، زحمة يادنيا زحمة ، سلامتها أم حسن ، عيلة تايهة " ، وغنى له محمد قنديل "على كوبري أبو العلا"، و كارم محمود "بنت الحلال اللي عليها النية"، و محرم فؤاد "عليه العوض"، كما غنى له وليد توفيق "صابرين يا دنيا صابرين"، ولحن كلماته كبار الملحنين مثل كمال الطويل وبليغ حمدى وحلمى بكر.
عدوية
لم يكن حسن أبو عتمان المولود عام 1929 فى قرية محلة الروح بالمحلة الكبرى من الشعراء الذين أكملوا تعليمهم بل عاش ومات بسيطا ، وأخرجه أهله من المدرسة وهو في الصف السادس الابتدائي بعد إصابته بسحابة بيضاء على عينه، وبعدها التحق بالعمل في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، لكنه تركها وهو فى العشرينات من عمره ليفتتح صالون حلاقة، تلك المهنة التى أحبها هذا الشاب الموهوب فى الرسم والخط وكتابة الزجل والشعر والأغانى ، وقال عنها : " الحلاقة ليست مجرد حرفة قص أجزاء من الشعر، وإنما هي فن يصنع وجوها أكثر جمالا".
ترك حسن أبو عتمان قريته عام 1964 بعد أن حقق شهرة واسعة فى مهنة الحلاقة، ليحقق فى القاهرة نجاحا من نوع آخر، وسكن فى قرية أبو قتادة بالجيزة، وعرض كلماته على عدد من المطربين، حتى تعرف على الفنان محمد رشدي الذي غنى عدد من الأغانى كلمات الاسطى حسن وكان أشهرها أغنية "عرباوي".
رشدى
صنع حسن أبو عتمان بكلماته لونًا جديدا لم تعتده الأغنية المصرية من قبل، وتميزت أشعاره بالبساطة و بخفّة الظل والقدرة على صناعة البهجة ، وتعامل حتى مع الأغنية الوطنية بشكل خاص ومتفرد وبشكل شخصى ، حيث قال إن أشهر أغنياته " سلامتها أم حسن" أغنية وطنية كتبها عن مصر بعد النكسة ورمز لها بأمه " أم حسن".
ومن بين الكثيرين الذين غنوا كلمات الأسطى حسن كانت تجربته مع أحمد عدوية هى الأشهر والأثر جدلا ، فعدوية الذى كان يعمل عازف رق بإحدى الفرق المتخصصة في إحياء الأفراح الشعبية، لعب القدر دوره فى شهرته بغياب مطرب الفرقة فتم الاستعانة وقتها بعدوية ليبدأ مشواره الفنى مع الغناء ، ويحدث طفرة وضجة فى عالم الأغنية الشعبية بعدما تعرف على حسن أبو عتمان الذى كتب له أكثر من 90 % من أغانيه التى حققت نجاحا مدويا ومنها " سلامتها أم حسن كله على كله، زحمة يا دنيا زحمة، يا بنت السلطان ويا ليل يا باشا، راحوا الحبايب، كراكشنجى، وغيرها من الأغانى التى وضعت المطرب أحمد عدوية في صفوف أشهر مطربى الأغنية الشعبية.
وخلال هذه الفترة انهالت الاتهامات على عدوية بإفساد الذوق العام ، حتى أن معظم هذه الأغانى كانت تطبع خارج مصر ويتم تهريبها وبيعها سرا خوفا من المصادرة، رغم أن موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب نفسه أبدى إعجابه بصوت عدوية وقال عنه: "عدوية مطرب يسمعه المهمشون علنا ويسمعه المثقفون سرا"
وكانت أكثر المواقف الصعبة في حياة حسن أبو عتمان حالة الحزن التى سيطرت عليه بعد حادثة عدوية الشهيرة التى منعته فترة ، إضافة إلى حالة الاكتئاب التى ظلت مسيطرة عليه منذ بداية الثمانينيات والتى جعلته يمتنع عن بيع أغانيه التى بلغت 77 أغنية لم يتم غناؤها ، وكان يكتفى بكتابتها والاحتفاظ بها ومنها "دنيا مريضة وعايزة علاج" وغيرها من الأغانى.
وفي أواخر حياته أصيب حسن أبو عتمان بمرض الصدر ودخل مستشفى الهرم طلبا للعلاج، ويحكي أحد أبنائه أنه طلب من والده أن يرتاح وينام قليلا، فكان رد حسن أبو عتمان على ابنه: أنام أنا؟! .. إزاي أنام؟! وفين أهرب من الأيام؟! دانا لو غلبني النوم باكون آخر عيون بتنام وبعدها بساعة واحدة فقط توفي الشاعر الغنائي حسن أبو عتمان أحد أهم كتاب الأغنية الشعبية في 19 يونيو عام 1990.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة