لا يمكن أن ننكر أن الكتاب «سوق» أو لو شئنا الدقة «صناعة»، و«الترويج» جزء أساسى فى هذه الصناعة، وكم من كتب جيدة ظلمتها قلة الدعاية، وفى الوقت نفسه كم من كتابات تافهة وجدت من يهتم بها بسبب إلقاء الضوء عليها.
وطالما اتفقنا على أن الترويج صناعة وأنه مرحلة أساسية فى الكتاب، وجب أن نؤكد أنه لا يعد فى حد ذاته «قيمة»، أى أننا لو وجدنا كتابا تملأ إعلاناته الأرض فليس معنى ذلك أنه كتاب جيد، وبالطبع ليس معناه أنه كتاب سىء.
لكن وسط كل ذلك أحيانا تكون الدعاية كاشفة لمضمون الكتاب، مثلا أن تبدأ الدعاية خطأ، والخطأ هنا هو تجاوز فكرة «الإبداع» والدخول على فكرة الغريزة، وإذا ما تحكمت الغريزة فى أمر أفسدته، ما بالك لو كانت الغريزة هى «مادة الدعاية» حينها سأقول لك بكل أمانة اصرف نظر عن هذا الكتاب.
أقول هذا بمناسبة كتاب «لا تظلموا الملبن»، المقرر صدوره عن إحدى دور النشر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى أثار بعض الضجة بسبب غلافه، ورغم محاولات التبرير التى سيقت فى هذا الشأن، لكننى أؤكد لك عزيزى القارئ أن هذه الخطوة كانت مقصودة تماما، وأنا عن نفسى لم أكن أحب التعليق على مثل هذه الأمور، لكن فى الحقيقة هناك ما يتجاوز «الرأى الشخصى» ويدخل فى معنى القيمة.
أقول ذلك لأنه فى كل دورة من معرض القاهرة الدولى للكتاب نكون مشغولين بالكتب «الظاهرة» التى تثير الجدل ليس بسبب أفكارها أو أهدافها، لكن بسبب «سخفها وتفاهتها» وينتهى المعرض، ونكون قد أضعنا على أنفسنا فرصة مناقشة فكرة حقيقية أو التعرف على كتاب مفيد أو متابعة ظاهرة إيجابية، لذا ما أتمناه هنا أن نتنبه جيدا لما يفيدنا، أما الذى يذهب دون أثر فدعوه، فلا تضيعوا أوقاتكم ولا تنشغلوا بما لا يعود عليكم بالنفع، والمقصود بالنفع هنا ليس المادى فقط، بل النفع المعنوى أكثر، أما الذى لا طائل من ورائه فدعوه لأهله.
فى المعرض سوف نلحظ مئات بل آلاف العناوين، لو خرجنا بعشرة منها جديدة علينا، وقرأناها لكان خيرا عظيما، ولو استفدنا بربع ما قرأناه لكان فضلا من الله لا أول له ولا آخر.
هى خمسة عشر يوما لا أكثر ولا أقل، ليس هناك وقت لمن يقصدون أن «يشتغلوننا» أن «يستخفوا بنا» لم نعد نحتمل ولم تعد الحياة تسمح لنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة