دلالات واضحة وراء التفجير الانتحارى لداعش فى مدينة منبج شمال سوريا، وأدى لمقتل أكثر من 20، بينهم 4 جنود أمريكيين، والباقون من قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، وقد أشرت بالأمس فى مقال «أمريكا وتركيا واللعب مع داعش.. تشومسكى والإرهاب المصنوع والمتحور»، إلى أن داعش كان طوال الوقت ورقة للعب فى سوريا، مرة من أمريكا وأخرى من تركيا.
جاء التفجير وسط أزمة التصريحات والتهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وتركيا، بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سحب 2000 جندى أمريكى من سوريا، واعتبار قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية حليفا للولايات المتحدة فى مواجهة داعش، القرار أغضب تركيا، وهدد الرئيس التركى أردوغان بضرب الأكراد، ورد ترامب محذرا أنقرة، وهدد بكارثة اقتصادية لتركيا حال عدوانها على الأكراد فى قوات سوريا الديمقراطية.
وبالتالى فإن تفجير داعش يبدو لصالح تركيا التى تعارض الانسحاب الأمريكى، وربما توظف ورقة داعش لخوض حرب بالوكالة، فى ظل تقارير تتوقع إعادة تنظيم صفوف داعش، خاصة أن التنظيم الإرهابى يفترض ألا يكون معارضا للانسحاب الأمريكى، لكنه يتوافق فى رغبة تركية فى استمرار الوضع بسوريا ضمن حالة الحرب، وتعطيل الحل السياسى الذى من شأنه أن يحرم تركيا وداعش من الاستمرار فى جنى مكاسب الحرب بسوريا، ولهذا أعلن وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، ضرورة سيطرة الجيش السورى على شمال البلاد، بعد مقترح من الولايات المتحدة الأمريكية بإقامة «منطقة آمنة»، ودخلت تركيا على الخط لتطالب بجعل المنطقة العازلة تحت السيطرة التركية، وهو ما يواجه معارضة من دمشق ومن موسكو.
وقال لافروف بعد تفجير الأربعاء، إن موسكو لديها قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية، مؤكدا أن موسكو ستقيم المبادرة التركية بشأن إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا على ضوء تطورات الوضع فى سوريا عموما، فى حين أشار لافروف إلى أن مسألة المنطقة الآمنة ستطرح على أجندة لقاء متوقع بين بوتين وأردوغان، عبر أكراد سوريا عن رفضهم لاقتراح ترامب وأردوغان للمنطقة الآمنة، وفى نفس الوقت تظهر إشارات لتقارب بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، فى رفض المنطقة الآمنة، واتهام أردوغان بالوقوف وراء تفجير منبج.
وقد وصفت الخارجية السورية تصريحات أردوغان، حول خطة إقامة منطقة آمنة شمالى سوريا بأنها تأكيد على أن «النظام التركى لا يتعامل إلا بلغة الاحتلال والعدوان ويتصرف بما يتناقض مع أبسط مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة»، ووصفت الخارجية السورية أردوغان بأنه «راعى الإرهابيين فى حوارات أستانا»، وتتهم دمش تركيا برعاية الإرهاب طوال 8 سنوات، وتشير سوريا بأصابع الاتهام إلى تركيا بالوقوف وراء تفجير منبج، وقالت الخارجية السورية إنها كانت وما زالت مصممة على الدفاع عن شعبها وحرمة أراضيها ضد أى شكل من أشكال العدوان والاحتلال بما فيه الاحتلال التركى للأراضى السورية بكل الوسائل والإمكانيات.
وهذه الاتهامات السورية والكردية تصب فى صالح تحليلات تشير إلى أن تركيا ما تزال ترتبط بعلاقات مع داعش والتنظيمات المسلحة، بهدف الإبقاء على تواجد، يكشفه الانسحاب الأمريكى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة