هذا هو أول يوم فى السنة الجديدة، وللأسف كنا موعودين بأن نطالع فى اليوم الأول لهذا العام قضيتين على قدر كبير من الغرابة والقسوة، الأولى لرجل قتل أمه، والثانية لأب قتل زوجته وأطفاله، وإذا كانت فكرة إيذاء إنسان فى حد ذاتها أمر يصعب تصديقه، فكيف لنا أن نصدق هذا الذى قتل أمه من أجل 200 جنيه، أو هذا الذى قتل زوجته وأبناءه بعد مروره بضائقة مالية.
هذه هى القسوة ذاتها، هذه هى المأساة بكامل هيئتها، هذه هى الكارثة الأعظم، كارثة تستحق أن تنتفض لها أجهزة الدولة مجتمعة، كارثة تستدعى عمل اجتماع طارئا لمجلس حرب، حرب على القسوة، حرب على التجرد من الآدمية، حرب من أجل إعادة ترتيب الأولويات وإعادة تغذية المشاعر الفاضلة، حرب على العنف الذى استشرى فى المجتمع، حرب على اللامبالاة التى أصبنا بها فجعلتنا لا نهتز إذا ما مرت مصيبة أو ألمت بنا كارثة.
فى الخبر الذى كتبه الزميل أحمد حسنى فى «اليوم السابع» ذهب الابن الضال محاولا سرقة أمه دون أن تراه، إلا أنها شعرت به خلال تفتيش حقائبها، فحاولت الدفاع عن ممتلكاتها لكن الابن الضال سحب سلاحه الأبيض «سكين»، وطعن والدته ليقطع جسدها بيده لكن الأم له وهى غارقة فى دمها، مش زعلانة منك هدعيلك ربنا يسامحك».
هذا ما حدث فى المطرية أما ما حدث فى كفر الشيخ فقد كان أفظع، فبينما كان أطفال العالم كله فى انتظار «بابا نويل» كان أبو ليلى وعبد الله وعمر يقتل أبناءه بعدما قتل زوجته، الخنق كان من نصيب الزوجة، والذبح من نصيب الأبناء، هو أب عادى، يصطحب أبناءه معه فى لزيارة بيت الله الحرام، يحملهم على قدمه وهم يتأهبون لالتقاط صورة تذكارية، يلتقط مع زوجته صورة سيلفى وفى الخلفية سيارة وطريق زراعى، فما الذى يجعل أب يقوم بهذه الأفعال الوحشية؟ إننى على يقين بأن ذلك الأب ذاته لو رأى أحد أبناءه الآن يتعرض للضرب مثلا من رجل آخر فإنه على استعداد لأن يضحى بحياته من أجل ابنه، فما الذى يجعله يتحول فى لحظة إلى هذا الوحش؟
مجتمعنا يضرب فى مقتل، وإن لم ننتبه إلى ما يحدث من انتهاك متكرر لأطفالنا بالحرق مرة والذبح مرة والخنق مرة، فلن نكون على قدر مسؤولية الأبوة، وليس طبيعيا أن نضع كل الآباء والأبناء تحت الوصاية، لكن من الطبيعى أن نرصد المجتمع وجرائمه ونتعامل مع هذه الآفات القاتلة بشدة وحسم.