أصوات ماكينات الخياطة هى الحاضرة فى المكان تنبعث من وراء جدران حجرات مبنى بسيط، على بعد خطوات من شاطئ مدينة العريش بشمال سيناء حيث مجموعة من السيدات والفتيات يعملن فى هدوء شديد على تجهيز منتجات مشغولات يدوية سيناوية تصلهن تباعا من زميلات لهن فى القرى من خارج المدينة، ويعدنها بإتقان ماهر لتصدر الزبائن بمختلف محافظات مصر والخارج عن طريق المعارض والطلب بالقطعة.
مبكرا تصل " لمياء سعيد " لموقع الإنتاج ويطلقن عليه اسم " المشغل"، بعد أن تقطع مسافة الوصول مابين سير على قدميها، وانتظار سيارة أجرة تقلها لمكان عملها، وسريعا فى تمام الساعة الثامنة صباحا تتخذ موقعها وراء ماكينة الخياطة المخصصة لها من بين 6 أخريات من زميلات لها، مهمتهن استقبال قطع من مشغولات قماشية مطرزة، وإعادة تجميعها وتجهيزها وإضافة لمسات عليها ثم تهيئتها بتشطيب نهائى للبيع.
قالت لمياء، وهى حاصلة على دبلوم تجارة منذ عدة سنوات، أنها من بنات مدينة العريش، لم تركن كثيرا لوعود الوظائف الحكومية، وكان وجودها فى هذا الموقع بهدف التدريب على حرفة الخياطة والتطريز، ثم اصبحت محترفة، وعملت فى المكان.
أضافت أن مهمتها تحديدا هى " تقفيل" المنتج، بعد أن تستلم مشغولات مطرزة هى قطع منوعه تصلها من سيدات اخريات قمن بتطريزها، وهى تجمعها لتصل بمكون لها وهو منتج الكابات والشنط بانواعها.
وتابعت أنها تعمل طوال اليوم لمدة تصل ما بين 5 إلى 7 ساعات، وهى سعيدة بعملها هذا وتعتبره مصدر دخل وخير لها وأسرتها الصغيرة.
واشارت إلى أن العمل ليس بالسهل طوال اليوم وراء سن إبرة ماكينة الخياطة، والتدقيق الشديد، لأن المكان هنا يتعامل مع تجهيز نهائى لا يحتمل أى اى اخطاء.
وبينت "موزه الشريف"، المشرف على الموقع وهو يتبع إحدى الجمعيات الأهلية فى مدينة العريش، الدور الذى يقوم به واوضحت أنه قائم على الإنتاج للمشغولات المطرزة بشكل نهائى.
وقالت أن عدد السيدات فى المشغل 6 من أعمار مختلفة، يقمن بجهد كبير وينتجن يوميا عشرات من قطع مشغولات جميعها تعتمد على التطريز اليدوى، ويتم تجهيز هذه المشغولات وبيعها فى معارض محلية داخل مصر وخارجها ايضا.
وقالت الشريف، أن انتاج السيدات داخل المشغل، يسبقه مراحل انتاج اكثر، تقوم به سيدات بدويات فى منازلهن بقرى مختلفة، حيث يتم تجهيز كل قطعة مشغوله، وتحديد ما هو مطلوب تطريزه عليها من اشكال، ويقوم فريق عمل بتسليمهن هذه القطع ليقمن بمهام التطريز عليها واستلامها منهن فى موعد محدد، ثم احضارها للمشغل، وتجميعها بمجهود هذه المجموعة من السيدات.
وأشارت إلى أن بعد مرحلة التجميع والتجهيز، يخضع المنتج لمرحلة الكى والتغليف المحكم، مضيفة أن الانتاج يعتمد جميعه على مشغولات مصنعة بالخيط والإبرة وهو منوع ومن بينه اثواب سيناويه والعباءات وملابس حديثة مطعمة بالخيوط، وشنط بانواعها، وهدايا هاند ميد بكافة أشكالها ومشغولات بسيطة كثيرة.
من بين السيدات العاملات فى الموقع، "منال احمد " وهى حاصلة على دبلوم صنايع، قالت أنها تعمل فى المكان منذ سنة واصبحت تتقن الحرفة، وتنحصر مهمتها فى تجهيز الشراشيب التى تلحق بالشال المطرز بالخيوط الملونة.
وأضافت أنها تتمنى أن تصبح يوما ما صاحبة مشغل كبير لإنتاج مثل هذه المشغولات التى تشتهر بها سيدات شمال سيناء ويبدعن فى صناعتها بشكل يدهش كل من يراه.
وقالت رشا ابراهيم أن هذا " الشغل " بالنسبة لها مصدر دخل مهم، اضافة لحرفة تستفيد به فى منزلها حيث تقوم بنفسها ايضا بصناعة ملابس اطفالها، وتشير أنها تقوم بتقفيل منتج الشنط الحريمى والحافظات الصغيرة التى لها رواج كبير فى المعارض لأنها تباع بسعر بسيط وتحظى باهتمام كل الأعمار والطبقات.
وقالت ماجدة حسن، أنها من اقدم من يعملن فى المكان، وهى حاصلة على دبلوم صنايع، وأصبحت تجيد صناعة الثوب السيناوى الشهير، والمعروف أن تجهيزه بالغ التعقيد من حيث تكوين رسوماته وتطريزها بشكل دقيق فى زمن قد يستغرق شهور.
اضافت أنها وقد اصبحت جده لها حفيدين تتمنى أن كل فتاة وسيدة فى سيناء تتقن هذه الحرفة فهى وان كانت مرهقة إلا أنها تدر دخلا مناسبا، وفى مضمونها رسالة الحفاظ على التراث من الاندثار وتحويله لمصدر دخل جديد مثلما كانت الامهات والجدات يفعلن.
وقالت أن السيدة السيناويه تقاتل لكسب قوت يومها، وهن فى هذا المكان فى المدينة يكملن شغل زميلات لهن فى القرى من السيدات البدويات وجميعهن بجهد مشترك يوصلن انتاج بسيط يعبر عن التراث والمكان لكل أنحاء العالم.
بسن الإبرة يكسبن قوتهن (17)
بسن الإبرة يكسبن قوتهن (18)
بسن الإبرة يكسبن قوتهن (19)
بسن الإبرة يكسبن قوتهن (20)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة