«سيطرة كاملة لبعض الشيوخ تجلت ذروتها من منتصف التسعينيات وحتى شهور الارتباك التى تلت أحداث 25 يناير 2011، فقد تخيل شيوخ مثل محمد حسان ومسعد أنور وياسر برهامى ومحمد حسين يعقوب وأبوإسحاق الحوينى ويوسف القرضاوى وغيرهم، أن بوصلة الأمر فى القاهرة أصبحت بين أيديهم، وأن الشعب المصرى بأكمله قد تدلى بين أيديهم ليتضخم قطيع مريديهم وتحديدا خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فكانت تلك هى بداية النهاية لزمن المتاجرين باسم الدين».. هذا ما قاله صديقى العزيز الكاتب الصحفى محمد الدسوقى رشدى فى جزء من كتابه الجديد «نهاية زمن الشيوخ» الموجود حالياً فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، فالحقيقة أنه وضع يده على الجرح الذى نهش جسد الوطن على مدار السنوات الأخيرة بسبب بعض الشيوخ الذين حولوا حياتنا إلى جحيم نتيجة أفكارهم السامة.
استطاع الدسوقى رشدى أن يطرح بكل بساطة فكرته بقدر مماثل من الوعى عن أزمة بلد ضربها إعصار أكاذيب مما يطلقون على أنفسهم شيوخ، فهو يكشف ألاعيبهم وفضائحهم عبر التلاعب فى الشريعة الإسلامية والفقه بما يخدم أهواءهم ومصالحهم، فقد كانوا يريدون دفن هوية بلادنا القديمة وتحويلها لمجرد ذكرى فى رمال النسيان، لكنها عادت أقوى بفضل وعى أهلها الذين أصروا على أن تفضل الصورة الجميلة كما هى جاءت ثورة 30 يونيو التى خلعت القناع المزيف لهؤلاء.
لأننى أعرف الدسوقى رشدى عن قرب، فأعلم جيدًا أنه اكتسب فكرة التسامح الدينى والتفريق بين الشيخ الحقيقى والشيخ المزيف من خلال ثقافة اكتسبها من مجتمعه الصغير الذى تربى فيه بمحافظته دمياط، مثله مثل الكثير منا فى كل محافظات المحرسة من الإسكندرية إلى أسوان، فهو يحاول أن يبقى على صورته التى جاء بها من بلدته الصغيرة ويربط ذلك بين إحساسه بالقاهرة التى ظل طوال سنواته فيها يستكشفها، فدمياط هى المدينة التى شهدت أحلامه الأولى وشكلت شخصيته ووجدانه الإنسانى والفنى، فالصورة القديمة هى جنّته المفقودة كالآثار المدفونة والغارقة فى البحر من دون أن تجد من ينتشلها، واليوم هو يسعى لاستعادتها، ولسان حاله يقول: «مصر بلد الجميع تتسع الأحلام وكذلك الاختلاف وهى رغم هذا الاتساع غير مرتبطة بدين أو جنسية أو لون، فالجميع سيظل ينصهر فى قالب واحد لخدمة وطننا»، الخلاصة تقول: «نحن نحتاج الشيخ الذى يعلمنا الصورة الحقيقية للدين الإسلامى.. الذى يعلمنا معنى التسامح والتعايش مع الآخر.. الذى يعلمنا حب الوطن والحفاظ عليه.. الذى يعلمنا كيف نربى أولادنا؟».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة