فى الصيف الماضى صدرت تعليمات رئاسية للحكومة والمحافظين بإزالة التعديات الواقعة على الجزر النيلية، وإزالة التعديات على النهر من الجنوب للشمال، وتحركت بعض الجهات لتنفذ الأمر وتزيل التعديات، لكن الحملة توقفت، وربما يكون المسؤولون بحاجة لتعليمات جديدة ومعروف أن كفاءة المسؤول تظهر فيما إذا كان ينفذ القانون مباشرة ومن تلقاء نفسه، أو ينتظر التعليمات ويحرص على التصوير أمام الكاميرات. وللأسف فإن الأغلبية من المسؤولين عندنا يتحركون بالتعليمات.
نقول هذا بمناسبة الحملات التى تتحرك فى أنحاء البلاد لإزالة المخالفات ونرى مدى الجدية فى تنفيذ قرارات الإزالة، واستعادة حقوق الدولة، وفى المقابل فإن مواجهة التعديات على نهر النيل، تراخت وماتزال هناك حالات تعدٍّ جديدة على نهر النيل جنوبا وشمالا، وهى تعديات معروفة وتتم تحت بصر وسمع المسؤولين بالرى والمحليات. هناك قاعات احتفالات وكازينوهات قامت على أراضى طرح النهر فى قلب نهر النيل، وتصرف داخل النهر، وهناك مبان وقصور بنيت على النهر وحولته إلى ما يشبه ترعة.
بعد صدور التعليمات الرئاسية بإزالة التعديات على النيل ظهر بعض المسؤولين، ونشروا صورهم وهم يواجهون المخالفات، وبجانب أنهم انتظروا صدور التعليمات، اهتموا بتمثيل عمليات إزالة، ثم تغاضوا عن مخالفات منشآت سياحية وصناعية وفردية من قبل أشخاص يبدون أحيانا فوق القانون، بينما الجدية تفرض أن تتحرك وزارة الرى والمحليات لإنهاء هذه الاعتداءات، من دون تفرقة، وتحديدا فى مواجهة الكبار ممن اعتدوا على النيل جهارا، وكانت التعليمات الرئاسية واضحة، حتى فى مواجهة الجهات الحكومية.
ولدينا خرائط واضحة لحالات الاعتداء على النيل بعضها تم وما يزال تحت بصر وزارة الرى وغيرها من الجهات المحلية، ولو كانت هذه الجهات جادة فى تنفيذ تعليمات الرئيس لتحركت فورًا لإزالة كل أنواع الاعتداء، وآن الأوان لإصدار تشريعات تشدد العقوبات الرادعة على المعتدين والملوثين مثلما تم مع الأراضى الزراعية.
التعديات على النيل تتجاوز الجزر، وتتم بشكل منهجى على أراضى طرح النهر، وهناك مساحات من النهر على فرع رشيد تم الاعتداء عليها والتهامها وإقامة منشآت تصب مخلفاتها فى النهر. وللأسف فإن تنفيذ القانون أحيانا لا يطال سوى المواطن العادى، بينما يتجاهل الكبار ومن يزعمون أن لديهم سلطات فوق الدولة، والطبيعى أن تتحرك وزارة الرى والمحليات لإزالة هذه التعديات من دون انتظار تعليمات لأن الاعتداء على النيل يضر بالجميع بمن فيهم هؤلاء الذين يتواطأون مع المعتدين.
هناك ضرورة لمواجهة الاعتداءات الواضحة سواء على مجرى النهر بمشروعات ومبانٍ مخالفة يتم بناؤها بالتواطؤ، بينما نتحدث عن مخاوف حول نصيبنا من المياه، ونترك من يدمرون هذا المصدر الأساسى لحياتنا.
هناك ضرورة لأن تنتبه الحكومة للاعتداءات على النيل، وأن يتم حصر هذه التعديات أيا كان فاعلها، بل إزالة تعديات الكبار أولا حتى يكونوا عبرة لغيرهم ممن يفكرون فى التعدى على النيل. مع اتخاذ إجراءات دائمة حتى لو تطلب الأمر تركيب أدوات استشعار وكاميرات ترصد أحوال النهر. وعلى الحكومة أن تتحرك بشكل دائم وتحاسب الجهات والمسؤولين المتقاعسين ومن تواطأوا وسمحوا بالاعتداء على النيل، أم أنهم ينتظرون تعليمات جديدة؟!