لم أشارك فى ثورة 25 يناير 2011، لم أخرج فى مظاهرات من أجل البحث عن الحرية، لم تطلق على قنابل الدخان، ولم أردد الهتافات أو أختبئ فى بناية قديمة، لم أغب عن بيتى أياما، لم أهاتف أمى فى الليل وأطلب منها الدعاء، لم أشعر بالبرد فأغنى، لكننى أحب ثورة 25 يناير.
لم يمت صاحبى فى الثورة، لم أذهب إلى المستشفيات للبحث عن أقاربى، لم أترقب خوفا هجوم «المواطنين الشرفاء» فى ظلمة الليل، لم أتقاسم الرغيف مع الغرباء، لم أتعرف على أناس جدد، ولم يصبح لى أصدقاء من قرى ومدن بعيدة، لكننى أحب ثورة 25 يناير.
لم أغادر منزلى، وقلت لأصدقائى الذين اتصلوا بى لأذهب إلى ميدان التحرير، ليس لديكم بديل يستحق، سيأتى الإخوان وتفسد الأمور، وقالوا لى لا نفكر فى ذلك الآن، نحن نفكر فى طعم الحياة الذى انتشر فى البلد بعد الموات الذى سيطر عليها، قلت لهم لن آتى لكننى أحبكم وأحب ثورة 25 يناير.
لم يكن إيمانى بقدر إيمانهم، ذهبت مرة إلى ميدان التحرير للفرجة، خفت أن أمكث هناك فأموت، قلت أمى لن تحتمل ذلك، لكننى صرخت بعد موقعة الجمل، لو مات أحد أصدقائى سأنزل الشارع ولن أعود ثانية، وكلما هاجمهم الناس دافعت عنهم وعن منطق خروجهم، وقلت الثورة حق تأخر كثيرا، ودعوت الرافضين كى يحبوا ثورة 25 يناير.
ذهبت إلى التحرير بعد تنحى مبارك عندما تحول الأمر إلى فرحة كبيرة طافت شوارع مصر، وتحول الميدان إلى مهرجان، وصارت الثورة مسيرات من البهجة والأغنيات الوطنية والأعلام الملونة والهتاف باسم مصر، وأيقنت أننى أحب ثورة 25 يناير.
ستختلف الكتابات عن الثورة لأننا لا نزال فى زمن «العاطفة» بالنسبة لها، بعضنا يعجب بها وبعضنا يرفضها، وهذا أمر طبيعى لابد أن تمر به الأحداث الكبيرة، وبعد سنوات سوف يصبح هناك كتاب ومؤرخون محايدون يمكن لهم أن يحاكموا ما تم بكثير من التريث، أما أنا فأحبها لأنها صنعت لحظة من المجد عندما وجد الشعب نفسه قابضا على صولجان أمره، يرفع صوته ما شاء له أن يرفعه، ربما حدث ذلك فى ليلة 11 فبراير 2011، حينها قال المصريون لأنفسهم «نعم نستطيع».
هذه اللحظة المقدسة تستحق أن تقام من أجلها الثورات، لأنه حينها نظر رجل إلى طفله واطمأن، ونظرت أم إلى ابنها العائد من ميدان التحرير وبكت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة