ما زالت بعض المهن القديمة تتحدى التقدم الهائل فى الصناعات الحديثة التى غزت الأسواق وتظل جودتها ودقة الصناعة فيها ومهارة صانعيها هى أسباب استمرارها حتى الآن مع تراجع جودة الصناعات الحديثة، وشكوى المواطنين من عيوبها التى تظهر سريعا، وما زال أصحاب هذه الحرف مستمرين فى مهنتهم يقاومون اندثارها، ويجدون من يؤمنون بصناعاتهم ويقبلون على شرائها، ويتواجد أصحاب هذه المهن فى الأسواق القديمة كسوق القيسارية فى أسيوط، حيث تجد المنجد البلدى محافظا على قيمته متحديا التقدم الهائل فى صناعة المخدات والمراتب، والألحفة الفايبر وأيضا مكوى الرجل وصناعة الألومونيوم بتشكيلاتها المختلفة والدقيقة رغم تقدم السن بأصحاب هذه الحرف.
وقال خالد محمد، منجد بلدى، لـ"اليوم السابع"، إن مهنة التنجيد من المهن القديمة وتوارثتها عن والدى وجدى ولكن المراتب الجديدة والألحفة الفايبر الحديثة أثرت على مهنتنا تأثيرا كبيرا وخاصة فى السنوات الأولى لظهور هذه المنتجات الحديثة وأدت أيضا الى تراجع أسعار القطن وبدأنا نشعر بهذا التأثير، حيث كنا نذهب الى منازل العروسين للتنجيد وصناعة المراتب والألحفة والمخدات وكان يوم التنجيد بمثابة يوم الفرح الحقيقى، حيث كان الطبل والزغاريد يملأ المنزل ولكن حتى هذه المظاهر اختفت بسبب المراتب الحديثة، ولكن بعد سنوات من استخدام هذه المراتب بدأت عيوب الصناعة تظهر فيها بسبب تلف السوست والفايبر، وبدأ عدد كبير من المواطنين يعودون مرة أخرى للمراتب القطن البلدى التى تظل لسنوات دون عيوب.
أما أحمد مصطفى أقدم صانع ألومنيوم فى أسيوط يقول إن صناعة الألومنيوم فى أسيوط قديمة جدا، خاصة فى سوق القيسارية، حيث كان كل المواطنين والفلاحين من المراكز والقرى فى أسيوط يأتون إليه لشراء كل أدوات المطبخ من "حلل، وأطباق وطشت الغسيل والصوانى" وكانت العروسة تأتى ووالدتها إليه لتجهيز كل أدوات المطبخ قبل ظهور الصناعات الحديثة ذات الأشكال والأنواع المختلفة، مؤكدا أن أدوات المطبخ الحديثة ساعدت على اندثار المهنة عدا فى بعض الأشياء غير الموجودة جاهزة مثل عجانات وأدوات المطاعم، حيثما زلنا نقوم بصناعتها وصيانتها وإعادة تصنيعها وبعض الأدوات الأخرى، مؤكدا أن الصناعة اليدوية صناعة لا تقارن بأى صناعة حديثة، حيث إن جودة الحديث رديئة جدا مقارنة بالألومنيوم الأصلى والدقة فى الصناعة وهو ما تعلمناه على أيدى كبار وشيوخ الحرفة قديما وما زالت المهنة تحتفظ ببعض عراقتها وبعض المهتمين بها وبعض الفلاحات والمتعلمات الذين يأتون خصيصا لشراء الأشياء المصنوعة يدويا لما لها من قيمة وجودة لا تقارن بالصناعات الحديثة الخفيفة والسهلة التلف مقارنة بما يتم صناعته يدويا .
ويقول عوض عمر "مكوجى رجل" إن مكوى الرجل من المهن القديمة وما زال الكثيرون يأتون لكى ملابسهم عندى خاصة الملابس الشتوية الثقيلة والعبايات الرجالى البلدى، والجباب الثقيل والجواكت الشتوى التى تحتاج إلى ضغط أكثر، حيث إن وزن المكوى يزيد عن الـ20 كيلو، حيث يتم تسخين المكوى على النار لدرجة كبير ثم يبدأ الكى بوضع الرجل على المكوى وبدء الكى، موضحا أن الكى بالرجل مرة واحدة كالكى بالمكوى الحديثة 10 مرات مثلا، حيث تحافظ على الملابس ومظهرها، مضيفا أن مكوى الرجل لها زبونها حتى الآن بالرغم من انتشار محلات المكوى المختلفة.
مهن تقاوم الاندثار (12)